كتاب علم النفس دينا: كيف جعلتنا كتب التنمية الذاتية نعيش في مجتمع من النرجسيين؟

كتب التنمية الذاتية بالنسبة لي لا أري اي إضافة منها اللهم شخص مر بتجربة حياتية معينة أو إن شخص ما مر بمشكلة فتهيئت له الظروف بنظرة معينة وقام بتطبيقها فنجحت، فالهمت نفسة كتابة كتاب عن رؤيتة، لا أستطيع بأن مثل هذه التجارب تعد من المسلمات بل تختلف من شخص لأخر تبعا للظروف المحيطة به وتبعا للتجربة التي مر بها، لكل منا تجربة شخصية خاصة به وتمثل إخفاقه ونجاحه، فلو حاول كلا منا كتابة ما مر من ظرةف والنتيجة التي وجدها ستجد أغلبنا إستشاري في التنمية البشرية

يبحثون عن العلاقات سواء عمل أو صداقة أو ارتباط بمبدأ البحث عن الفائدة والمنفعة الشخصية

هذه الجملة تحديدًا هي أسوأ التداعيات في وجهة نظري، وخصوصًا مع الترويج الخاطئ لمبادئ العلامة الشخصية أو (Personal Branding)، وعلى الرغم من اهميتها القصوى في عالم الأعمال والتسويق، ولكن هذا المصطلح يترجمه بعض الناس إلى أسلوب التعالي والعجرفة ومحاولة بناء علاقات مدفوعة بالمصالح بشكل منفر، وهذا رأيته من خلال قراءتي لبعض المنشورات، تجد مثلًا أحدهم يراسلك ليخبرك ان أسلوب كتابتك يحتاج لتحسين وهو خبير في هذه المهنة ويمكنه تقديم خدماته لك، دون إظهار أي من مبادئ التواصل والدعم، ظنًا منه ان هذا يعني ثقته العالية في قدراته واحترافيته، وهو ناتج عن أساليب التوجيه والتعليم الخاطئة سواءً من أصحاب ترهات التنمية البشرية المزيفة، أو من يتعمدون نشر الجهل بأن الاحتراف يعني العجرفة.

ربما بالفعل قد تسببت المفاهيم المغلوطة حول تطوير الذات في بعض المبالغة في تقدير النفس، فلم يكن ابدا الهدف منها أن نظن أننا أفضل من غيرنا، هذا غير منطقي في الأساس، لأنه يعني أن كل واحد فينا أفضل من الآخر، والأصل أن نحاول الوصول لأفضل نسخة منا مع تقدير النسخة الحالية واحترام وضعها وظروفها وما تسعى لأجله، وأن نكون أكثر وعيا في العلاقات فلا نسمح بالتواجد مع من لا يقدرنا ولا يشعرنا أننا غير كافيين، وفي المقابل إذا تواجدنا في علاقة صحية فعلينا أن نبذل نفس الجهد الذي يبذله الطرف الآخر، مع مراعاة بعضنا البعض في كافة الظروف والاوضاع.

"عبادة الذات" مصطلح أسمع به لأول مرة، ولكنه راق لي وأظنه أصاب وصف الحالة.

نحن نعيش في حقبة زمنية تتجلى فيها عبادة الذات، وتتضخم فيها الأنا بدرجة مرعبة، وأنا لا أرى أنّ كتب التنمية الذاتية هي المتسبب الأول في ذلك إن أردنا ترتيب المسببات في قائمة. بالطبع لهذه الكتب والفيديوهات دور كبير في انتشارها كظاهرة، ولكن الأكيد أن أغاني تحتوي على عبارات مثل "أنا...، وكلكم...." وما على شاكلة هذا من "أغاني الأنا" -كما أسميها- هي ما شكلت هذا الشعور الزائف بالاستحقاق.

هذه الكتب تعبث بعقولنا حقا. هي تصنع نوع من الثقة بالذات الذي لا نحتاجه والذي يتحول لغرور. أصلا من قال أن ما ينقص شعوبنا الثقة بالذات؟ بالعكس ما ينقصنا هو أن نكون شعوب أكثر تواضعا. ولكن اليوم ما أراه أن هذه الكتب تحمل التأثير الذي لا نحتاجه ابدا. والمفارقة هنا أنني أجد أن اكثر ما يطورنا هو تجاربنا وليس مجموعة أو حفنة من كتب التنمية البشرية لأنها تبقى نظرية ولا تحمل أي خبرة عملية. لذلك أنا لا أقرأ هذه النوعية بكثرة إلا في حالة الكتب المتميزة جدا.

اشكاليه العقل العربى انه دائما تفكيره يقع بين نقيضين اما مدح او افراط او قدح او تقصير وهناك منطقه مابين التقيضين لا يلمسها تلك مقدمه لما ابينه هو ان تنميه الذات والعمل على سد الفجوات الشخصيه لتكون مؤهلا امر ممدوح بل واجب ولكن ان تتمحور حياتنا كلها حول الذات وترك المهام الاخرى الموكله اليك كانسان هذا هو التقصير. مصطلح عباده الذات هو انك تعمل على ان تكون ذاتك هى محور الدنيا وهذا عكس ان الانسان لابد ان يكون غيرى بان يهتم بالمشاكل الى تصيب غيره ليجد لها حلولا هذه فكره تمحور الانسان حول غيره ولا يتمحور حول نفسه تلخيص ذلك بان تعطى اكثر من ان تاخد .

رأيت الكثير ممن يشتكوا من التنمية الذاتية، سأرد على كل ما قد قرأت خلال هذه السنة وليس على ما كتبت، مع احترامي طبعاً لرأيك، ولكن مشكلتنا أننا صدّقنا أنّ كل شيء مفيد يجب أن يخرج من كتب علم، هناك أمور لا يمكن أن تكون علمية، هل التربية موضوع علمي؟ هل جرّبت قراءة كتاب علمي في التربية؟ الأمر أشبه بالترويض لإنّه يتعامل مع السلوك ببرود وهذا بالضبط ما ينتج ما تتكلم عنه، سواء بتربية الأطفال أم بتهذيب أفكار واتجاهات الكبار.

كتب التنمية الذاتية اسم على مسمى، هي تنمّي الذات ل 30% من الأشخاص الذين يريدون فعلاً على الأرض تطوير أفضل في الأعمال والعلاقات والحياة والأسرة، هي حديث إنساني لإنسان، تجارب إنسانية، كل شخص لديه أمر مفيد ينقله لغيره، والحكم والفيصل بالتجربة طبعاً لا بالقضاء على نوع المجال كله، هل الفلسفة علم؟ هي ليست علم، لماذا لا نلغيها؟ سيقول لي قائل لإنّ بها أسس تفكير واضحة ومتينة لمناقشة الأفكار، القول سهل، لكنه في الحقيقة غالباً يكون لا يعلم شيء عن الفلسفة، أخشى ما أخشى أنّنا دائماً لم نجرّب اختبار الأمور بأنفسنا في أي شيء.

ما المشكلة أن يقول الإنسان: أنا استحق؟ - لماذا هذه الكلمة تغدو مزعجة والشكوى من الفقر ليل مع نهار بكل الفضائيات والمواقع أمر مريح ويجب أن يجد من يسمعه ويجعلنا نفخر بالشخص الذي يعترف بفقره وضعفه ونبارك له!

يا اخي يجب ان نتفق ان الكثير من الأشخاص حاليا من الممكن ان يفرط في حقوقه وكرامته من اجل الحصول علي الرضا من الناس او الإعجاب من أشخاص معينين، ولذلك يجب ان يتعلم هؤلاء الأشخاص حب أنفسهم وان يجعلوها رقم 1 في حياتهم، وبغض النظر عن الطريقة التي يتبعوها في ذلك فانا اشجعهم وأشد علي أيديهم.

اما من يلجأ الي كلمات مثل انت استثنائي وما شابه فقلب معه وأشجعه أيضاً لأن غالبيتهم للأسف عندهم فقدان ثقة في انفسهم، ولو هذا ما سيعطيهم بعض الثقة فلا حرج في ذلك، وللعلم الأشخاص النرجسيين هم من اسباب لجوء الكثيرين للتنمية البشرية لأن الشخص النرجسي اول أهدافه هي تدمير ثقتك بنفسك.

وشخصيا أحكم علي اي امر بمدي الأضرار التي ستقع علي كفرد منها حاليا او مستقبلا، وشخصيا لا اري اي ضرر من التنمية البشرية غير النصب الذي يفعله محاضري التنمية البشرية، واري منافع مثل ان الأشخاص معدومي الشخصية ومعدومي الطموح وكثيري القلق يصبحوا أفضل نوعاً ما، وتزداد ثقتهم في انفسهم

ضمن أي مجال كان هناك كتب جيدة وأخرى رديئة. لا يعني وجود كتب تطوير ذاتي دون المستوى أن المجال بأسره بلا قيمة. في نهاية المطاف هذه الكتب ليست كتباً علمية، بل وسيلة لنقل الأفكار والتجارب والخبرات البشرية، وإن كان بعضها يعزز الفردانية والنرجسية بصورة مرضية، فهناك الكثير مما يعلمنا حب الذات باتزان، ويعمّق القيم السامية، ويدعو للإيثار ومحبة الخير.

حتى الكتاب الجيد، تجد داخله أفكاراً رائعة، وأخرى لا تفيدك أنت بالتحديد بينما تفيد غيرك، وثالثة قد لا تفيد أحداً بشيء. لذا على القارئ أن يستخدم عقله أثناء المطالعة، حتى يتخلص من الشوائب، ويستغني عن القشور، ويستخرج الكنوز.

انظر أيضا هذا المقال