من يقرأ لأحمد خالد توفيق منذ زمن ستجده يقسم على أن أجمل ما كتبه العراب بعد ما وراء الطبيعة كانت مقالاته، والتي اتسمت بواقعيتها، وسلاسة ألفاظها وقربها من القارئ. علاوة على امتلاء سطورها بالعديد من المصادر التي تساعد على تثقيف القارئ وزيادة وعيه بمجريات الأمور من حوله. 

من هذا المنطلق نجد أن العديد ممن يُطلق عليهم اسم قراء لا يجدون متعة القراءة إلى في المقالات، فتجد قائمة طويلة بأسماء العديد من كتاب المقالات في حوذتهم، يجمعون كتبهم المجمعة للمقالات، يقرأون ما يخطونه من حين لآخر في جريدة أو على موقع، أو حتى على السوشيال ميديا. وغير هذا لا يقرأون أي شيء. ثقافتهم كلها مصدرها المقالات وفقط. 

وتبقى هنا الحيرة هل قراءة المقالات فقط كافية للحكم على المرء بأنه قارئ؟ والتسليم بآرائه وأحكامه وتحليلاته خاصة إن ادعى أنه شخص قارئ؟

إن السمة التي تجمع بين المقالات باختلاف أنواعها هي أنها خلاصة بحث وقراءة الكاتب المتعددة، فجمع كل ما تعلمه عن موضوع المقال في كبسولة مختصرة مضافًا إليه لمسته الشخصية من رأي قد لا يكون حياديًا، وخبرته الشخصية. وهذا يجعل القارئ الذي يقرأ لكاتب مقالات ما، أو حتى لعدة كتاب يرى الأمور بنظرتهم هم وبتحليلاتهم، ويعرف عن الأمور بقدر ما ذُكر في مقالاتهم فقط؛ فهو لا يعمد مثلًا للبحث عن الأمر بشكل موسع سواء بالاطلاع على كتب تناقش الموضوع بشكل اوسع. أو حتى قارءة مقالات تناقش الرأي المضاد لما قرأه. وهذا يجعلني أميل إلى رأي أن قراءة المقالات لا تجعل من الشخص قارئًا، ولا تمنحه لقب مثقف واعي يمكن الاعتماد على رأيه. 

إذا ما الذي يُمكن لمن يُحب قراءة المقالات فعله حتى لا يكون قاصر الفهم، أحادي النظرة من جهة، ويُحب ما يقرأ من جهة أخرى؟     

إن كنا أشخاص مُحبين للمقالات وخاصة إن كنا من نقرأ لهم كتب ذات قلم ثقيل فخم، فيُمكننا أن نسعى إلى قراءة الكتب القصيرة التي تقدم لنا المعلومة بشكل مبسط وبلغة قوية على هيئة كتابات أقرب للمقالات منها للكتب، على سبيل المثال سلسلة مقدمات قصيرة جدًا الصادرة عن مؤسسة هنداوي للنشر والتوزيع، وهي ترجمة لمقدمات قصيرة عن مختلف العلوم وضعتها جامعة أمريكية بيد البروفيسورز العاملين بها، لا اذكر صراحة اسم الجامعة، ولكن هذه السلسلة إضافة إلى قصر أعمالها، فإن القارئ لها يمكنه الخروج منها بفهم جيد لأغلب العلوم والآداب والمواضيع الأخرى. يمكن تقسيم الكتاب الواحد لعدة أقسام وقراءته بشكل هادئ حتى لا تُصاب بالملل. 

أيضًا يُمكننا أن نعمد إلى البحث عن الموضوع الذي قرأته في مقال ما، سواء عن طريق محرك البحث جوجل، أو ما يُشابهه من محركات بحيث تطلع على كتابات أخرى في نفس الموضوع، قد تكون مقالات مؤيدة، أو حتى معارضة وبالتالي توسع مدراكك ورؤيتك للموضوع بزوايا مختلفة. 

يمكن أن نعمد إلى مناقشة قراء فيما قرأت والاستماع إلى آرائهم المختلفة ربما وبالتالي توسيع زاوية رؤيتك. 

الكثير والكثير من الأمور التي يُمكن أن تفعلها لتُزيد من مقدار الفائدة التي تتحصل عليها بقراءة مقال واحد. ولكن لا أعرف إن كان هذا سيجعلنا مؤهلًا ليُطلق علينا لقب قارئ أم لا. 

ما رأيكم انتم؟ هل يمكن اعتبار قارئ المقالات بمختلف أنواعها وأماكن تواجدها قارئ بحق؟ وما النصائح التي قد توجهها لهذا الشخص؟