(لكلّ لعبة من الألعاب قواعدها الأخلاقية، ولعبة "الأفاعي والسلالم" تتضمن الحقيقة الأبدية في أنه بعد كلّ سلم تتسلقه ستجد أفعى تنتظر عند الزاوية تماماً، ومقابل كلّ أفعى هنالك سلّم، إنّ جوهر اللعبة في الثنائية الأبدية للأشياء، ثنائية الفوق ضدّ التحت، الخير ضدّ الشر، المعقولية المتصلة للسلالم مقابل إلتوائية الأفعى، وفي تضادّ السلّم والأفعى يمكننا أن نرى جميع التضادّات المحتملة، الألف مقابل الياء، الأب مقابل الأم!!! لكنني اكتشفت، وفي وقت مبكر من حياتي بأن اللعبة تفتقر لبُعد حاسم، بُعد الغموض والالتباس مع احتمال أن تنزلق على سلّم وتهوي للأرض، أو أن تتسلق للنصر بواسطة سمّ الأفعى)!!!.

هكذا ينقل لنا سليم سيناء مختصر الحياة، ذلك الطفل الذي تمت ولادته ومجموعة من الأطفال في منتصف ليلة إعلان استقلال الهند، ليكتسبوا قوى خارقة نتيجة ذلك!، هذا ما يبدو في رواية أطفال منتصف الليل للكاتب الهندي سلمان رشدي.

رواية أصفها بالملحمية في نقل واقع الهند بعد الاستقلال كبيئة خصبة للخرافات والخزعبلات واستغلال المصالح الشخصية في بلد متعدد اللغات والثقافات والديانات والمعتقدات والانتماءات، وأمّة مستعدة لقبول ما لايمكن للعقل قبوله!!، لتكون عائلة سيناء (محور الرواية الواقعة في ثلاثة فصول) خير ناقل لتاريخ الهنديين، بعبقرية أكاد أتغزّل بها من فرط مثاليتها أتقنها سلمان رشدي ليبقى القارئ مسجوناً في فصول الرواية مبدياً دهشته في سطورها!!

كثيرة هي خربشاتي التي كتبتها على حاشية صفحات الرواية نتيجة أفكار ملفتة، منها: (معظم الأشياء المهمة في حياتك تحدث في غيابك)!!.

أقف مؤيدة للفكرة، فوجودنا في الحياة بدأ بقرار لم نكن أصحابه، طريقة تربيتنا لم نخترها، أخيار أو أشرار تصنيف مبنيّ على ظروف ووقائع غالباً لا يد لنا بها، وإنما لأنّها تحدّدت ونحن مغيّبين لا رأي لنا أو قرار، فكيف ترون الأمر مؤيدين له أو معارضين؟ 

(لا أحد يستطيع مواجهة العالم وعيناه مفتوحتان طوال الوقت)، فكرة أخرى توّقفت أمامها، فكم هو مرهق أن نبقى متيقظين متنبهين لكلّ ما يحدث حولنا حتى نتمكن من المواجهة؟!، ألم يحدث معكم أن هربتم من واقع أليم بعدم رؤيته، فهل نحتاج عينان مفتوحتان طيلة الوقت; إن كان كذلك فلمَ نقوم بإغماضهما حين نواجه صدمة أو حادثة؟ هل للأمر علاقة بأنّ ما يحدث هو من الأشياء المهمة التي تقرّرت وحدثت في غياب قرارنا عنها؟ أتجدون رابطاً أم أنّ لديكم رؤية أخرى؟؟

 بعد أن تساهموا معي في أفكاركم، أنصحكم باقتناء الرواية لأنها ملهمة وتستحق أن تكون في واجهة مكتباتنا الصغيرة.