هل يمكننا تعليم الكتابة؟ فكرة من كتاب القتل للمبتدئين

الكتب بإختلاف طبيعة مضمونها واسلوبها اراها تقدم منفعة ولو بنسبة قليلة، والكاتب العظيم هو يستغل اوقات فراغه في القراءة والاطلاع على كل شئ يثير فضوله ولو كان ليس من نطاق اهتماماته ...ولكنه يعلم بأن تطوير الاسلوب يستحق ان نتطلع على زوايا نظر الاخرين للموضوع ما.

شخصيا، كوني اهنم كثيرا بمجال التدوين وصناعة المحتوى ارى ان هذا المجال مهم للكتاب المبتدئين، وقد كتبت عدد من المساهمات في الاشهر الماضية مثلا : كيف تكتب...خطوات لابد ان تعمل عليها لتطوير محتواك ووو، ومن خلال الاطلاع الكثير من القراء اخبرونني بأن اهم عائق يقف امامهم في الكتابة هو انهم لا يعرفون من أين يبدئون وكيف وبالرغم من انهم يملكون افكارا وابداعا.

وبغض النظر الاشياء الكثيرة المستفادة، فأقل شئ يمكن ان يستفيد منه القارئ لنوعية هذه الكتب هو التحفيز للبدأ أو الاستمرار في الكتابة.

بغض النظر عن الكتاب، فهو قد يكون حقا بلا فائدة مثل كثير من الكتب في هذا المجال، ولكنني أؤمن أن كل شيء بلا استثناء (ربما باستثناء الغناء) كل شيء يمكن تعلمه، وأي مهارة حتى وإن كانت إبداعية فأنها يمكن تعلمها وتطويرها بالتدريب والممارسة.

التصميم مثلا رغم كونه يعتمد على الإبداع بشكل كبير إلا أننا نرى الكثيرون يتعلمونه ومع التدريب تتحسن تصميماتهم بشكل كبير، كذلك العديد من المهارات التي تعتمد على الموهبة أو تكوين الشخصية كالإلقاء مثلا والقيادة وغيرها، هذه أيضا يمكن تعلمها واكتسابها.

لذلك يمكن فعلا أن يكون الكتاب مفيدا إذا كان يشرح للقارئ خطوات محددة ومدروسة يمكنه التدرب عليها

لقد نشرت اليوم في حسوب محتوى تفاعلي بعنوان "هكذا نجحت في الكتابة المستقلة بالعمل الحر!" . أجبت فيه عن هذا السؤال. وزيادة على ذلك أقول أننا يجب ان نقرا بلا توقف ونكتب بلا توقف، فكما العلم بالتعلم والخبرة بالممارسة، فإن التدوين والكتابات التفاعلية والمقالات وغيرها تتغذى على كتاباتنا اليومية والتي يجب الا تتوقف وبل علينا تعلم المهارات والممارسات التي تزيد من خصوية وقوة ما نكتب مع التنوع مرة تلو الأخرى.

الكاتب المبتديء يجب ان يكون لديه سعة الاطلاع والثقافة ومهارات الكتابة وكذلك يجب الا يفارقه الشغف والا يبتعد عن التحفيز والدافعية للابتكار في عالم الكتابة. وكثيرة هي النماذج التي تحول فيها الكتاب من هاوٍ او متطوع الى مهني يكسب المال ويستثمر كل فكرة وكلمة وموقف.

ما يمكننا الإستفادة منه من الآخرين هي تجاربهم و خبرتهم بالمجال فقط .

أما الباقي فيعتمد علينا و على طموحنا، إصرارنا و تشبثنا حتى النهاية .

نحن من نختار كيف نصل و متى و أين ...

الطرق كلها واضحة ، و لا أحد سيخطوها محلنا لا أحد .

أعتقد أن أي معرفة ولو بسيطة قد تفيدني في أمر ما، الكتابة مثلها مثل الورود تحتاج إلى اعتناء وري كي تزهر. وهذا ما تقدمه بعض الكتب أو حتى الدورات والمقالات.

لذلك أتعتقدون أن شيئًا كهذا ممكنًا؟ أم أن الكتابة شيء شخصي لا يمكن مشاركة كواليسها بهذه الطريقة مع المبتدئين؟

بالعكس أفضل أخذ خبرات الكتاب السابقين ومعرفة أساليبهم في الكتابة وأبحث عن الطريقة الأفضل للاستفادة منهم دون أن أفقد هويتي الكتابية. بغض النظر عن أحمد مراد فلست من محبيه، ولكن قد أقرأ الكتاب.

هل تفيدنا هذا النوعية من الكتب أم تضرنا؟ 

العلم لا يضر طالما أنه في الحدود المنطقية، وعلى الكاتب أن يفكر جيدًا ليعرف أي المعلومات ستفيده وأيها لا.

أهلاً أمنية..

أقوم حالياً بتقديم برامج تدريبية للأطفال لتدريبهم على كتابة القصة القصيرة.

الفئة المستهدفة من برامجي التدريبية هي فئة الأطفال من ثمان ولغاية اثني عشر عاماً..

هل سأخلق قاصّ بما أفعل؟؟

ليس الأمر كذلك.. لكنني أعطيه المبادئ الرئيسية التي لا اختلاف حولها لأساسيات كتابة قصة قصيرة..

وأضعه في اختبارات ليختبر ذلك الأمر بما يمليه عليه خياله.

ثم أتركه فيما بعد ليحاول التجديف في يمّ الكتابة -إن استهوته- ويكتشف نفسه بمخرجات ما يأتي منها..

الشاهد من الحديث..

أنّ الفنّ عموماً جزء من تركيبة أرواحنا.. لكننا قد نعيش دهوراً طويلة دون أن نكتشفنا..

نضيع في تقاسيم الحياة ولا نعرف تفاصيلنا..

لا نملك تحديد هوّيتنا..

ثم تأتي كلمة/تجربة/محاولة/ وربما نصيحة.. لتزيح عن عيوننا تلك الغشاوة التي حجبت عنا ما كنّا من أنفسنا نجهله..

لذلك صديقتي.. لا أرى فيما يقوم به مراد طريقة استنساخ لمراد بقدر ما أراها محاولة منه في إزاحة غشاوة قد تكون موجودة..

وإنني أرى تجربته هذه ما أتت إلا من شخص عانى لفترة من الزمن من حالة ركود جعلته يبحث عن أي وسيلة يتوالد الشغف فيها من جديد..

لذلك لا بأس من المحاولة.. فنحن لا نريد الاستنساخ أبداً..

إننا فقط نحاول اكتشاف ذلك الجزء الخفيّ فينا والذي يجعل الشعلة متقدة دوماً.

عند قراءتي لعنوان ومضمون الكتاب شعرت بالاستغراب. فكيف لشخص أن يعلم الكتابة؟ أليست الكتابة موهبة تولد أو تنمو معنا؟

أنا معك في أنّ الكتابة قد تكون موهبة، لكن الموهبة وحدها لن تكفي، وقد يتفوق الكاتب الذي مارس الكتابة واجتهد للوصول على الموهوب الذي يعتمد فقط على موهبته.

وأثق أيضا أنّ الكاتب المحترف يمكنه أن يضع بعض التقنيات بين أيدي الهواة ليتضح لهم الطريق، ويستطيعون تجنيس كتاباتهم ويصلون في النهاية بالممارسة والاستمرارية وليس الموهبة وحسب.

لذلك أتعتقدون أن شيئًا كهذا ممكنًا؟

قد لا تنطبق علينا منهجية الكاتب وكواليس كتابته الشخصية لكن يمكن أن تلهمنا بطريقة ما ونستفيد

هل تفيدنا هذا النوعية من الكتب أم تضرنا؟ 

هذه الكتب إن لم تنفعنا لن تضرنا، مع أنني أؤمن أنها تنفع وتلهم بطريقة ما، ممتنة أمنية على طرحك هذا الموضوع وحتى الكتاب نفسه.

يقول كارلوس زافون في روايته لعبة الملاك ، بلسان شخصية الكاتب التي أرادت تعليم طفلةٍ صغيرةٍ الكتابة : " الإلهام يأتي بغرس كوعك على المنضدة و مؤخرتك على الكرسي ، و تبدأي في التعرق ، أعصري دماغك حتى يؤلمك ، هذا ما يسمى بالالهام !! " . فما أعتقده هنا ، هو أن الكاتب العالمي رأى أنَّ الأسلوب السلسل و القدرة على الكتابة عموماً ، إنَّـما هي ملكة تكون عند البعض فقط ، أما الإلهام و الموضوع الشيق الذي سيرغب الناس في دفع أموالهم لقراءته ، لن يأتي إليك في لحظةٍ عشوائية و لكن بعملك الجاد و بعد خبرة طويلة نسبياً .