ولدت أوروبا ثلاث رجال في قرن واحد غيروا العالم رأسا على عقب إلى الأبد، هم انشتاين وماركس وفرويد، لكن هذا الأخير لم يغيره فحسب بل حوله إلى مصحة عقلية حرفيا، كومة من المجانين والعصابيين والمكبوتين في بأجساد أنيقة ومرتبة، ولا يمكن لأي قارئ لفرويد إلا أن يراه يصور الأرض كمملكة ضخمة لمصاصي دماء نفسية لكن بصورة أكثر تأنقا وهدوءا،فهل تسئلنا يوما كيف كان يرى فرويد العالم والبشر حقا بعيدا عن الأفكار السطحية التي تتداولها القنوات والنقاشات العامة؟
يعتقد فرويد أن كل البشر بلا استثناء مرضى نفسيين، يحكمهم عصاب خطير منذ السنوات الأولى من حياتهم ، نتيجة الكبت والخوف وغريزة الموت وأن البشر محكومين بالليبدو في كل شيء وفي كل مرحلة من حياتهم، ككائنات جنسية لا أكثر لكن فروـيـــــــــــــــــــــــد هو الوحيد الذي لا يعد مريضا ولا مكبوتا لأنه استطاع أن يحرر نفسه من هذا كله ، وليس هذا هو الأغرب، فبالإضافة الى أن فرويد لم يكن فرويديا أصلا في هذه المسألة ، فقد اعتبر أنه هو الوحيد من علماء النفس من استطاع ان يفك شيفرة النفس ويسبر أغوارها بحق.
كلنا نعرف الأسس النظرية للتحليل النفسي، والجدل الذي لا ينتهي حولها، لكن مالا يتم طرحه بشكل كاف هو التأثير الحقيقي لهذه النظرية في تاريخ العالم و حركة العالم والفكر بشكل عام، ودعوني ألخص بعضها بطريقة سريعة:
- لقد جعل فرويد مسألة الروح أو النفس أن شئتم مسألة أكثر قابلية للدرس والفهم، ولم تعد مجرد قول ميثافيزيقي بل أصبحت مادة قابلة للتحليل وحتى التجريب .
- حلت هذه النظرية الكثير من الأسئلة التي لم يكن يمكن حلها لسنوات او قرون من البحث، مسألة الخير والشر، مسألة عدم التوافق بين الإرادة والفعل، مسألة التناقض بين الشخص ونفسه، ومسائل دينية وشبه دينية مثل مسألة القرين، والجن..الخ.
نظريات فرويد حولت طريقة تفكيرنا حول علاقة النفس بالجسد 380 درجة، ليصبح الجسد بفضله على نفس أهمية الجسد بل وأهم في بعض الأحيان ، وكان كان فرويد سببا رئيسا في انتعاش الفلسفات التحريرية والمادية ومنطلق جوهري للفلسفات الوجودية، وكل العلوم المعاصرة دون استثناء.
في رأيك: إلى أي مدى يمكن أن يكون كلام فرويد دقيقا في توصيفه بأن البشر كلهم مرضى نفسيين؟ هل تعتقد أن فرويد كان مريضا نفسيا وأثر بذلك على فهمه وبحثه ونظرياه؟ كيف يمكن أن نفهم فرويد أكثر بإزاء الأفكار الدينية والثقافية التي نحملها نحن العرب؟
التعليقات