تساءلت كثيرًا: هل تشتاق لنا أغراضنا المنسية، أم نحن من نشتاق إليها؟

الكتاب الذي قرأناه بصوت عالٍ، القبعة التي حمتنا من شمس الظهيرة، القميص الذي ارتديناه ونحن نضحك، وحتى المشط الصغير الذي ترك أثرًا خفيفًا... أشياء تركناها في الزوايا، كانت جزءًا من يومنا.

هل تشتاق لنا؟ هل لها ذاكرة؟

ربما، بطريقتها الخاصة... جامدة هي، لكنها لا تزال تحتفظ بلمساتنا، وعبقنا، وصدى ضحكاتنا، وهمساتنا.

شاهدة صامتة على جزء من لحظاتنا، قصيرة كانت، لكنها باقية.

أما عن الشوق النابع من أعماق قلوبنا، فنحن من ننسج خيوط الحب والحنين حولها.

عندما تقع أعيننا عليها مرة أخرى، ينبعث الشوق والحنين فينا بكل دفء، نتذكر الصفحات، اللحظات، الضحكات، أو لحظات الصمت مع أحبّائنا الذين شاركونا إياها.

هذه الأشياء وحدها تمتلك مفاتيح الذاكرة، بل تفتح أعظم أبوابها على مصراعيه، وكأنها تدعونا لزيارة لحظات ثمينة قد نكون غفلنا عنها وعن قيمتها حينها.

قيمة هذه الأغراض تكمن في كم ما تحمله من عاطفة اكتسبتها بمرور الوقت، لا بقيمتها المادية.

إنها بمثابة جسر خفي يربط بين قلوبنا وبين الأماكن والأشخاص الذين نحبهم.

كل قطعة تحمل قصة، وكل قصة تروي فصلًا من فصول علاقاتنا الإنسانية.

في المرة القادمة التي تعثر فيها على شيء تركته، توقف لحظة... لا تنظر إليه كمجرد شيء ضائع، بل كرسالة صامتة من الماضي، كذكرى دافئة تهمس لك: "لقد كنت هنا، وكانت لحظات جميلة".

تذكّر أن الشوق الحقيقي كبركان خامد، ما إن يشتعل حتى ينتشر في الأرجاء.

كذلك الشوق ينبعث في كل أرجاء المرء منا، وكأنه يسابق الدم في العروق.

الشوق هنا، يا عزيزي، ليس في الجماد، بل في القلب... ذلك القلب الذي يتذكر ويحن، ويضفي على هذه الأشياء روحًا.

ونحن من نجعلها جزءًا حيًا من حكاياتنا التي لا تُنسى.