كيف يمكن للشخص أن يكون حقيقيا؟
عندما يصبح الإنسان هو الصورة التي يراها لنفسه.
هل يستطيع الإنسان أن يصل إلى أقصى درجات الصدق مع نفسه، أم أن الحياة تفرض علينا نسخًا مختلفة عن أنفسنا؟
هل يمكننا الوصول إلى حقيقة أنفسنا، أم أن ذلك مجرد طموح نلاحقه ؟
بالمواجهة والوعي الذاتي، ففكرة أن نكون وعي بانفسنا نقاط ضعفنا وقوتنا، ميزاتنا وعيوبنا، ويكون لدينا قدرة على مواجهة أنفسنا عند الخطأ بصدق فأن يكون لدي صوت حي يراجع ويدقق وفقا للقيم التي نتربى عليها، دون إنكار لذلك، والسعي للتعديل والإصلاح، بهذه الوسائل يمكننا دوما الاقتراب من حقيقتنا خاصة أنها عملية مستمرة، كلما زاد عندك هذين الطريقتين تجدين نفسك تقتربين منها أكثر وأكثر وتكون على معرفة حقيقية بها
الإنسان يكون حقيقيًا لنفسه عندما يعيش بصدق مع ذاته، ويتخذ قراراته بناءً على قيمه ومعتقداته الداخلية، دون التأثر بتوقعات الآخرين أو ضغوط المجتمع. يكون صريحًا مع نفسه، ويتقبل عيوبه ومزاياه، ويعيش حياة متوافقة مع مبادئه الشخصية.
لكن هذا يتطلب شجاعة كبيرة جدا من الإنسان بالأخص لو كان مختلفا كثيرا في شخصه وأفكاره عما يؤمن به أو يطبقه الآخرين في حياتهم، فتجد أن كل شخص خارج عن المألوف هو موصوم من المجتمع بوصف معين أو منبوذ من قبله مما يجعل من الصعب علينا أن نكون على حقيقتنا حتى ولو أدركناها وأحببناها وفهمناها، ولكن في النهاية نحن نعيش في مجتمعات وليس بمفردنا وفكرة أن نكون على حقيقتنا بنسبة ١٠٠% لن أبالغ إذا قلت أنها تعرضنا للخطر، ولا بد أنك سمعت عن قصص علماء تم قتلهم على يد مجتمعهم لاتهامهم بالسحر والشعوذة!
يمكن للشخص أن يكون حقيقياً، لكن ذلك يتطلب موازنة بين الصراحة ومراعاة الآخرين، ينجرف البعض في محاولة أن يصبحوا حقيقيين فلا يراعون مشاعر الغير، فإن سألناهم على ذلك يقولون أن ما بقلبنا هو على لساننا، لكن ذلك غير صحيح وبه مغالطة أكيدة.
يكون الإنسان حقيقي بأن لا يحاول ادّعاء صفات لا يمتلكها، أن يصارح نفسه بالحقيقة ويحاول أن يسعى في طريق البساطة والفضيلة، بدون عمل حساب التعقيدات التي أضافها المجتمع، بل أن يعترف لنفسه بحقيقتها البسيطة النقية التي يعرفها منذ الصغر.
نعم جورج أنا أتبنى رأيك. فهنالك من الناس تعد صراحتهم وقاحة؛ فهي ليست صراحة بل وقاحة. ثمة مثل مصري معروف يقول: أنا صريح وأقول للأعور ياأعور في عينه! يعني أنه صريح وعلى حقيقته. ولكن برأيك كيف نكون صرحاء بغير وقاحة. هل المجاملة توصل المعنى الذي نريده بقوة تلك الصراحة التي قديعدها البعض وقاحة؟
نكون حقيقيين بأن لا نلمح لشخص لا نحبه بعكس ذلك، فإنما القلوب وتآلفها ليس بيد أحد، وليس معنى ذلك أن نكرهه، أو نقول له يا أعور، لكن يكفينا عدم مراءاته.
وإذا أردنا أن نوصل معلومة صريحة لسبب ما فيكون ذلك بالتلميح المهذب والمراعي للآخر.
بينما يختلف ذلك في حالة منع الاعتداء أو إرجاع الحقوق، فالصراحة البحتة هي المطلوبة في تلك الأحوال لاختلافها عن الأحوال العادية.
اعتقد أن كون كل منا لديه نسخ عديدة من نفسه يستخدم كلا منها تبعا للموقف الذي يكون فيه وتبعا للأشخاص المحيطين به هو أحد وسائل التكيف مع الظروف المختلفة والتي نحتاجها بشدة للتعامل مع أي موقف توضع فيه. انا شخصياً ليس لدي شخصية واحدة اتعامل بها مع الجميع. فإذا كنت في بيئة تستدعي أن أكون هادئا ولبقا في التعامل اكون كذلك ويعتقد الجميع أن تلك هي شخصيتي دائما، وعندما اكون في موقف يستدعي أن يرتفع صوتي وان ادافع عن نفسي أقوم بالشيء ذاته. هل هذا يجعلني محتالا بشكل ما أم أن هذا طبيعي؟
لا يجعلك ذلك محتالًا لأنك لم تظهر شخصية مختلفة ككل، بل مجرد سلوك حازم أكثر تحت ضغوط الموقف، ولكن ما نعنيه بالشخص الحقيقي الذي يظهر كل بواطن شخصيته مع الجميع ولا يبذل جهدًا ليخفيها أو يفكر مرات عديدة قبل استخدام تلك اللغة مع هؤلاء الأشخاص لأنه يود الظهور بمظهر المتحضر مثلًا، بينما قد يستخدمها مع أصدقاءه، الأمر صعب للغاية ولكن صادفت أشخاص كثيرين لا تؤثر فيهم تلك الحواجز النفسية ويعاملون الجميع بشكل واحد.
هذا أهم سؤال في الحياة .. ولكن قد أجيبك حسب فهمي طبعاً ..
من الصعب جداَ لأي إنسان أن يكون حقيقياً "خاصة بدون وعي" .. وأنا أقول ذلك لأن الأطفال حقيقين ولكن بدون وعي .. المجانيين حقيقيين ولكن بدون وعي .. لذلك الأطفال والمجانيين مخيفين .. نعم .. لأن الأطفال والمجانين لديهم قاسم مشترك وهو "لا نضمن ردود أفعالهم" .. والأطفال و"العارفين" ممن وصلوا للصفاء لديهم قاسم مشترك أيضاً وهو "الوحدة الكاملة مع الوجود" .. يعني الطفل يتصرف بناء على الروح وليس العقل كـ "الكبار" .. و"العارف بالله" كذلك يرى الوجود من خلال الروح .. يعني مثلاً الطفل يرى "هالة" الناس حواليه وقد يحبهم وينفر منهم بناء على ذلك .. وقد يقول للشخص "رائحتك نتنة" مثلاُ .. العارف يرى نفس الشئ في الأشخاص كالاطفال ولكن "واعي" ومهذب ..
في البداية عندما يبدأ الإنسان أن يكون حقيقي .. كل الذين حولك سيشعرون بذلك وسيتهمونك بالجنون .. لا يستطيع الإنسان الحقيقي أن يعيش بين الناس .. أنظر للتاريخ وستجد أن الناس "الحقيقيون" فضلوا العيش لوحدهم في الكهوف والجبال .. أذهب الان لجبال الهمالايا وستجد أجمل البشر هناك ...
هل يستطيع الإنسان الحقيقي العيش بين الناس؟ ممكن والكثيرون يفعلون ذلك ولكن تحتاج لجهاد حقيقي وروح فكاهية ..
التعليقات