عزيزي الإكتئاب

أحاول التخلص منك بكل حب .. بكل ما أملك من عاطفه .. أتسائل إن كان حبي كافيًا

للأسف يا صديقتي الاكتئاب في رأيي لا يكفي أن نحاول التخلص منه بكل حب، بل بكل قوة! وأفهم أنك تقصدين أنك تأملين أن الحب الذي تمنحيه للشخص المكتئب كفيل بخروجه من تلك الحالة، وهذا جيد، لكن أعتقد أن هذا ليس كافيًا، إذ يجب أن يكون لدى الشخص نفسه إرادة لمساعدة نفسه قبل أن يساعده الآخرين. (وبالتأكيد كلامي لا ينطبق على الحالات المرضية البحتة الناتجة عن خلل في كيمياء المخ مما يستلزم تدخلًا طبيًا)

أحب ما قاله الممثل الأجنبي جيم كيري مرّة في هذا الباب، حيث قال بأنّ كلمة اكتئاب depression يمكن أن نجعل جذرها لنفهمها جيداً هي deep rest من هاتين الكلمتين يمكن أن نجعل الاكتئاب، وهما الراحة العميقة، وحكى كيف أنّ هناك شخصية في داخلك ترفض تماماً العيش بالطريقة المستمرّين بالعيش فيها ولذلك هي ترتاح بشكل عميق بالروح عن معايشة الحياة والاستمرار فيها، وهذا بالضبط ما يجعل الاكتئاب من أكثر الأمور المُعطّلة التي قد يتعرّض لها إنسان، المُعطّلة عن العمل، ولذلك أنا برأيي أننا يجب أن نراجع أفكارنا مباشرةً من وجهة نظر شخصيتنا المُتعلّقة بالماضي، ما الذي واجهته شخصيتنا فاضطرت للإنكسار وترك الجسد يمشي خاوياً هكذا؟ تحليل هذه الذاكرة هو ما يصل بنا إلى أصل البداية وبالتالي معالجة الفكرة والإصلاح، أو ربما نستطيع أخذ الطرق الروحانية كطرق مختصرة أراها فعّالة في هذه الأمور كثيراً، حيث أنّنا حين نتعلّق بأمور غير طبيعية وما ورائية غيبية وخاصة كالمسلمين بإله عظيم قادر وواحد هنا برأيي يمكن للشخص أن يجد طريق عبر هذه القوة اللامتناهية لحل كل مشاكله.

الاكتئاب لا يزور ليلا.......

ولا يرحل بالحب والتودد ..

ولا يُتخلص منه بالعواطف والعطاءات.

وإنه من مع كل الأسف لا يسمع الرجاءات.

*******

اعتذر عن ايلامك أكثر، أعلم جيداً أن هذه السطور هي أغاني حزينة تساعدكِ كي تنامي بسلام، وتربت عليك وتهدئ روعك، لكن هذا الزورق غارق لا محالة، فلا تتشبثي بزورق هش في وسط بحر هائج لا يرحم، دواء الإكتئاب ليس الإكتئاب أكثر وليس الحب أعنف ولا البكاء أطول، بل البحث والوعي وطلب المساعدة الحقيقية.

قلبي معكي، وأشعر بكي، وأتالم معكي، فأنتي لستي وحيدة، أنتي تستحقي الافضل، وستخرجي من تلك الدوامة منتصرة.

انا شخصياً عانيت الأمرّين من الاكتئاب وما فادني شخصياً في الخروج من الإكتئاب هو ممارسة الرياضة والخروج من عزلتي تدريجياً، فممارسة الرياضة ساعتين يومياً ساعدتني كثيراً في الخروج من نفق الإكتئاب، ثقي أن النور في آخر النفق، وكل ما عليكي فعله هو الاستمرار في المقاومة.

خذي خطوات بسيطة نحو ممارسة الرياضة والخروج لرؤية البحر او الحدائق، او التعرف علي أصدقاء جدد في ندوات ثقافية؛ فكل تلك الأمور البسيطة سوف تجعلكي تنتظري عداً بتفاؤل وبأمل أنه سيكون أفضل.

وفي النهاية أقول ان أول شخص يجب ان توجهي نحوه كل هذا الحب هو أنتي، فحبي نفسك منتصرة قاهرة لهذا الاكتئاب، وتذكري أنك ملكة متوجة تستحق الافضل دائماً.

كما قال الأصدقاء، الإكتئاب لا يرحل بكل ما أوردت بالوعي و الشكوى إلى أقرب الأقربين و أن تقولي لهم: أنا بحاجة لمساعدتكم. لا يصح لمن أصيب بالإكتئاب وهو يعلم ذلك من نفسه أن يسكت على نفسه! هذا أمر خطير لابد من التعامل معه كمرض فسيولوجي له علاج وطبيب يصف العلاج ويتابع. لابد لأهل المريض أن يعوا بذلك وأن يشاركوا مريضهم في رحلة العلاج وطلبه.

للاكتئاب أسباب، وللتغلب عليه علينا أن نعرف الأسباب ونعالجها، وإذا كنا لا نستطيع فعل ذلك بمفردنا، وهذا طبيعي، فعلينا أن نستعين بالمختصين لمساعدتنا، وتحديد أفضل طرق العلاج، الإكتئاب مرض مثله كسائر الامراض وربما تأثيره علينا أقوى وأشد، هناك تشبيه يصف حالة مرضى الإكتئاب أنهم كمن يرى الحياة بالأبيض والأسود وفور علاجهم يرون الحياة بالألوان لأول مرة، ولهذا علاج الإكتئاب هو بمثابة الولادة من أول وجديد، شخصية مختلفة وعقلية مختلفة ونضج مختلف، رحلة متعبة ولكن نهايتها تستحق كل جهد نبذله من أجلها.