لنستفيد بصورة عملية شاركنا بتجربة شخصية ناقشت فيها أحد سواء بحياتك العملية أو حتى الشخصية بأي موضوع، وانتهجت خلال النقاش تكتيك معين بالنقاش ووجدت أنها حققت الهدف والغرض من استخدامها بفعالية.
شاركنا تجربة شخصية بنقاش أجريته، حيث شعرت بأنك طبقت تكتيكات المناقشة بفعالية؟
هذا الموضوع صار معي مع شريك سكن، كنت أريد منه أن يغيّر رأيه في موضوع سياسي واضح ومعروف ولكن هو يصرّ على أن ينتقي أمور غير صحيحة، والمشكلة أن أصدقائي كانوا مدعويين إلى عشاء في ذات اليوم عندنا في المنزل، وأنا وأصدقائي نتبنى وجهة نظره المعاكسة ولا سبيل لتفادي النقاش معه بالمسألة وأنا لا أريد أن يفسد ليلتنا أو ليلته بهذا الحديث العقيم، وهؤلاء الأصدقاء يحبون الأحاديث السياسية والدينية جداً ويحتدون أحياناً بالخلافات وهو جديد على أجوائهم وقد ينشأ خلاف من هذه الأمور، استخدمت في الأمر التهكّم السقراطي وهو حديث يُدار بهذه الطريقة إن أردت تمثيله عملياً
استعرضت القضية وفي بالي عدة أسئلة مسبقة مترافقة مع تهكم تدفعه لأن ينتقي إجابات أنا أريد أن يصل إليها أصلاً، وبالفعل استجاب لتوجيهي بالتهكم واختار ما أريد اختياره وابتلع الطعم لتمضي سهرتنا على خير.
التهكم يكون مثلاً: تخيّل أن بعض الناس ونحن في عام كذا وكذا ومازالوا يعتقدون أن كذا هو كذا!
التهكم يكون مثلاً: تخيّل أن بعض الناس ونحن في عام كذا وكذا ومازالوا يعتقدون أن كذا هو كذا!
صراحة لا أحب مثل هذا الاسلوب في الحديث، أظنه مستفز جدا، وساخر وينقص من الطرف الآخر ومن خياراته وتفضيلاته، إلا إذا كان هذا هو القصد بالفعل، وحتى لو كان هذا هو القصد فمن يحكم في مدى تناسب فكرة مع وقت أو زمان، كمن يقول (تخيل أننا في القرن الواحد والعشرين ومازال الناس يعتقدون أن المرأة مكانها في البيت) هذا أعتبره تنقيص من الأخر وعدم احترام لأفكاره واختياراته، وإن كان ولابد من مناقشة فيجب استثمار دلائل واضحة لتغيير نظرته وموقفه وليس الاستهزاء منها.
استعرضت القضية وفي بالي عدة أسئلة مسبقة مترافقة مع تهكم تدفعه لأن ينتقي إجابات أنا أريد أن يصل إليها أصلاً، وبالفعل استجاب لتوجيهي بالتهكم واختار ما أريد اختياره وابتلع الطعم لتمضي سهرتنا على خير.
كيف تأكدت أن سكوته ليس تجاهل لما قولت وعدم اقتناع، خاصة أن هذا الأسلوب كما ذكرت وفاء به من التهكم والسخرية التي تقود المتلقي أن يسوء الفهم للحوار، أو قد يشعر بالإحراج فيسكت حرجا وليس اقتناعا.
أذكر أنه في إحدى المرات كنت في جمع مع صديقاتي، وطرح موضوع "هل الأسبقية للسعي من أجل الوظيفة بعد الحصول على شهادة جامعية أم المضي قدما في إكمال مراحل الدراسة وتطوير الذات" هنا اختلفت الأراء بين من يناصر هذا الرأي ومن يدعم الأخر، لكنني كنت أميل صراحة إلى إقناعهن أن الأولى هو لتطوير الذات واكمال مراحل الدراسة إذا كانت الحالة المادية ميسرة، ولا تحتاج بالضرورة للحصول على وظيفة فورية، واعتمدت خلال النقاش على تكتيك "استخدام القصص الشخصية"، حيث قمت بمشاركة قصص شخصية لأشخاص نجحوا في حياتهم المهنية بعد اختيار مسار اكمال الدراسة والصبر للوصول لمراتب أعلى وبذلك حققوا فرصا للحصول على وظائف أكثر قيمة وأفضل بكثير مما كانوا سيحصلون عليه لو وقفوا عند حد شهادة جامعية بسيطة، ولُمت تجربة كانت نابغة في مجالها ورغم ذلك اتخذت نهجا معاكسا مع عدم وجود عائق مادي يضطرها للسعي وراء الوظيفة.
وجدت أن هذا التكتيك كان فعالًا جدا وبشكل كبير في تقريب وجهات النظر، حيث ساهم في توجيه النقاش نحو الجوانب العملية والشخصية لاتخاذ القرار، وزاد من إيجابية النقاش وتفاعل الحاضرات مع مختلف الأراء، كما أنه ساعد في توضيح الفوائد المحتملة للتحلي بالعزيمة والصبر لاكمال مراحل التعليم وتطوير الذات، وبناء قرار أفضل قائم على تجارب واقعية من المحيط.
مشكلة مبدأ القصص الشخصية أنه قابل للنقد بسهولة، حيث معظم الناس قادرة أيضاً على إبراز وجهة النظر المختلفة للصورة الشخصية التي تنقلينها، أضرب مثال: مرة كاهن قال للناس أترون هذا الشخص الناجي من البحر؟ هو نجى لإنه دعا الله وهو أنقذه. قالوا: وما يدرينا بعدم وجود أشخاص قاموا بما قام به وغرقوا؟ (انتبهت؟ على الرغم من وضوح المثال وقوته هنا، إلا أنه قوبل بوجهة نظر مختلفة مباشرةً).
طبعا لا أقول بأنها تنفع في جميع المناقشات، لكن في المثال الذي طرحته أنا في تعليقي يستدعي توفير أمثلة تطبيقية عبارة عن تجارب شخصية ناجحة حول موضوع "اختيار تطوير الذات على الوظيفة" فهو موضوع تحكمه اختيارات مبنية على وقائع حقيقية وتجارب شخصية، وعلى أساسها تقييم جودة الأراء ومدى تناسبها مع الواقع المعاش.
الفكرة أن أسلوب القصص به مغالطة التعميم، فقد يفسر البعض قصصا بطريقة تجعلها تبدو كما لو كانت القاعدة وهي قد تكون الاستثناء، لذا أفضل هنا النقاش الموضوعي، من خلال نقاش الحالة نفسها، أولوياتها وأهدافها التي تريد تحقيقها وبناء عليها يتوجه النقاش وفقا للحالة نفسها
انا كل مناظراتي سياسية، وانا عند مناظرتي مع شخص لو وجدت فيه المقاطعة والسفسطة وعدم الرد علي الأسئلة الموجهة له اتبع نهج (ان كان قولك كذا فلازمه كذا)، فمثلا لو انا اناقش شخص يساري يريد زيادة الضريبة علي الأثرياء أقول له (ما الذي يمنع هذا الشخص الثري ان ينقل معظم أعماله في بلد آخر تقدم مزايا ضريبية أفضل ولا يعمل في هذا السوق اليساري)، ثم أقول له وان كان ردك علي بأن (ثم ابدء التفنيد كما يلي) :-
- فإن كان قولك ان الحل هو إلغاء قدرة الأفراد علي اللجوء لتلك الملاذات الضريبية، فانت بتلك الطريقة سوف تحد من حركة المال العالمية، مما سيؤدي في النهاية الي اسواق مغلقة في العالم كله، مما سيؤدي في النهاية لسيطرة أكبر من الحكومات، ونحن نعلم مدي فشل الحكومات في الإدارة.
- وإن كان قولك ان الحكومة سوف تعيد توزيع تلك الأموال بطريقة حكيمه مما ستخلق واقع افضل للناس، فيجب علي الحكومة اولاً توزيع الأموال التي تجمعها الآن بحكمة، ثم تأتي لتتكلم بعدها، وحتي ذلك الحين اقتراحك مرفوض
- وإن كان قولك ان كل الاموال التي سيتم جمعها من الضريبة الإضافية سوف يتم توجيها لدعم رعاية صحية مجانية او تعليم جامعي مجاني، فري عليك هو انه لا يوجد شيء أهم من الصحة والتعليم، إذن لماذا لا يتم تخصيص أموال الضرائب الحالية بشكل أكبر للصحة والتعليم علي حساب أمور مثل .... (تعديد أمور من ميزانية الدولة الحالية التي اعيش فيها انا شخصيا اري ان الصرف عليها ليس بأهمية التعليم والصحة).
لن اطيل بتوضيح باقي الردود علي هذا السؤال لأن الفكرة قد اتضحت، وانا علي علم بأن مثل ذلك الرد لن يأخذ أكثر من ثلاثة دقائق، ولكن سينقل الشخص كثير المقاطعة والسفسطة لموقف الدفاع، وسوف يظهر سيطرتي وهيمنتي علي الحديث امام المستمع.
ويوجد تكنيك آخر في حالة انني اناقش شخص وانا اعلم انه غير مسفسط وهو الأسئلة من البداية، بمعني انني لو اناقش شخص ناضح علي مسألة معينة هو يثبتها وانا انفيها، وفي تلك الحالة ابدأ بسؤال انا اعلم استحالة الإجابة عليه بطريقة صحيحة كأن ابدء بسؤال لشخص يساري بأسئلة مثل
- كيف يمكنك التأكد من أن السياسات التي تهدف إلى الحد من التفاوت في الدخل لا تثبط الابتكار وريادة الأعمال لدي عموم الشعب؟
- هل يمكنك تقديم أمثلة لبلدان أو مجتمعات أدى فيها تنفيذ السياسات الاقتصادية اليسارية إلى الرخاء وتحسين مستويات المعيشة لجميع المواطنين، دون عواقب سلبية؟
- كيف يمكن معالجة مخاطر انتقال الأفراد والشركات الأثرياء إلى بلدان أخرى ذات أنظمة ضريبية أكثر ملاءمة، مما قد يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال وسحب الاستثمارات الاقتصادية؟
اتمني ان تكون اتضحت الفكرة، بالتوفيق
ألاحظ أنك بهذا النهج فأنت لا تناقش بل تقطع النقاش من أساسه، النقاش هو أخذ ورد، وتبادل للمعارف والمعلومات والأراء كذلك، وأظن أن استعمال أسلوب كهذا
ثم أقول له وان كان ردك علي بأن (ثم ابدء التفنيد كما يلي
فأنت تسأل وتجيب نفسك في نفس الوقت، فماذا تركت للأخر ليقوله! فهذه لا أظنها مناقشة بقدر ما أصنفها ضمن تحكيم رأي.
على العكس أجد انه استخدم الإيجابيات والسلبيات والمنطق في طرح الحجج والاستنتاجات، بالإضافة إلى توجيه الأسئلة التحليلية التي تجبر الطرف الآخر على التفكير بعمق في مواقفه وتبريراته. هذه الأساليب تحاول تقديم حجج قوية وتحفيز النقاش البناء، وهي تعتمد على منطق السبب والنتيجة وتحليل الأوضاع والاستدلال بالتجارب السابقة، وهي بالطبع تحتاج لمحاور قوي جدا ليتمكن من الرد عليه
أنا كثيرا ما اعتمد على طريقتين قد أجمع بينهما أو أحدهما على حسب الموقف وأولهما التلاعب النفسي أو العاطفي ولا أتبعه بغرض الاستغلال ولكن بكسب فرصة للنقاش من الأساس، وهذا لأن هناك مشكلة دائما ما تواجهنا وهي رفض النقاش في موضوع معين باعتباره من المسلمات التي لا يمكن النقاش بها، وهذا نجده كثيرا في حالة النقاش مع أهلنا، فمثلا سبق وعانيت من إقناع أهلي بفكرة السفر للخارج لو توفرت لدي فرصة جيدة للعمل، لأنهم رافضين أي محاولة لخوض أي نقاش للموضوع، فلجأت لحيلة بأن أظهر لهم أنني منزعجة من عدم تخصيصهم وقت لسماعي ومساعدتي على إيجاد فرص جيدة من أجل مستقبلي، ولاحظي أنني هنا لم أذكر موضوع السفر مطلقا، وهذا جعلهم يشعرون بالقليل من الذنب لأنني أشعرتهم بأنهم يهملون مستقبلي بشكل عام، والآن وقد أخذت فرصة للنقاش، فبدأت بذكر كل سلبيات أو معوقات العمل في مدينتي، وهذه الطريقة الثانية وهي بيان ضعف وجهات النظر والآراء الأخرى بالأدلة والمقارنات، ومن ثم تبدأ الكفة تميل وتتوجه لصالح الرأي الذي أتبناه شيئا فشيء، فيكون لا محالة لأن توجد فرصة أفضل من السفر، وهذا ما كنت أسعى له.
أجد هذه الطريقة فعالة فعلا مع المقربين أو من يهمهم عاطفتنا ورغم ذلك حتى استخدامها مع الأهل قد يعطي تأثير قصير المدى، ولا يغير وجهة النظر بشكل جذري، يعني قد يتأثر أهلك ويتضح انهم وافقوا وقت النقاش لكن مع الوقت وعند ظهور فرصة يرفضون بكل بساطة
ورغم ذلك حتى استخدامها مع الأهل قد يعطي تأثير قصير المدى، ولا يغير وجهة النظر بشكل جذري.
لا هذا آراه يحدث لو كانوا وقت النقاش لم يقتنعوا من البداية ولكن كانوا يسايرون فقط، وهذا يمكن كشفه بسهولة من خلال تعبيرات الوجه وردود الأفعال، كما أن التأثير العاطفي يكون تأثيره في البداية فقط لفتح باب النقاش أم عملية الإقناع فهي تعتمد على حجج وأمثلة وأدلة قوية على الرأي الذي أحاول الإقناع به وهذا يدعمه بيان مدى ضعف وجهة نظر الطرف الآخر.
في أيام الثانوية كان أحد الزملاء يحب إثارة مواضيع للنقاش، لكنها كانت تستغرق وقتا طويلا، ولا نستفيد منها.
فكلّ طرف يبقى متعنتا مع رأيه لا يتنازل عنه قيد أنملة، ولا يرغب في أخذ الرأي الآخر وتقبله أو احترامه، ومنه قررت اتخاذ نهج آخر معه، وهو أن أتفقّد جسّ نبض الحوار فإن كانت بدايته تمت من خلال وضع أسس حوار، ويكون مستقيما، لا ينحرف.
فالحوار يجب أن تكون فيه نقاط توافق مبدئية كي يستمر بشكل نافع، ولكي ينتهي بشكل ذي فائدة، أما إن كان كل طرف لا يعترف بخطئه ولا بفعله، فهذا ليس بحوار إنما هو جدال وأنا لا أحب الغوص في الجدال لأنه سيكون حتما عقيما دون فائدة.
في العادة عندما أكون مع أصدقائي نختار موضوع معين لنتناقش فيه و في العادة أنتظر حتى يعطي كل شخص فكرته في ذلك الموضوع و في حالة كان لدي تعارض مع أحدهم، أحاول أولا أن اعطيه مثال عكسي تمام لفكرته لأفهم كيف يفكر، و بالتأكيد سيجيب على المثال حسب ما يفهم، في تلك اللحظة أعطيه حجتي على نفس المثال و التي تكون أفضل من فكرته بالتأكيد، في هذه الحال الأمر يعتمد عليه لأن البعض لا يتقبل فكرة أخرى مضادة لفكرته حتى لو أقنعته الحجج بذلك.
في هذه الحال الأمر يعتمد عليه لأن البعض لا يتقبل فكرة أخرى مضادة لفكرته حتى لو أقنعته الحجج بذلك.
التكتيك الذي تستخدمه يركز على استخدام العكس المثالي (Counterexample) كوسيلة لفهم وتوضيح وجهات النظر المتعارضة. لكن المشكلة ليست بالطرف الآخر فقط وعدم اقتناعه لكن هذا التكنيك قد يعقد الحوار والنقاش ويجعل التركيز على المقارنة وعدم التركيز على الجوانب الأساسية في الحوار، وقد ينتج عنه عدم فهم لأبعاد النقاش، لذا هو أيضا معتمد عليك في تبسيط الأمثلة المعاكسة
مشكلة معظم الأشخاص بالنقاشات أنهم يقعون في فخ المغالطات المنطقية دون وعي منهم أي بشكل بديهي جدًا، وأنا حين أتناقش مع أحدهم أعتقد أنني يستفزني هذا الأمر، وأتصيده. ومنها مغالطة "الشخصنة" وهي الأكثر شيوعًا في الحقيقة. أذكر أنني تناقشت مع أحدهم ذات مرة حول رأي أحد صنّاع المحتوى في قضيةٍ ما، وأُثناء النقاش وجدت أنه ينتقد الشخص نفسه وليس فكرته أو رأيه حول القضية. هنا أشرت لها وأخبرته بأننا لا نناقش الشخص وإنما الفكرة. وهذا يضعف حجة الطرف الآخر بالنقاش ويسهل علي بعد ذلك النقاش
كان أحد المقربين عندما يحاورني يعتمد في تكنيك حواراته معي على استباق التنبؤ بما سوف أقوله، يعني هذا هو أسلوبه المعتمد في الحوار، يستخدمه كمحاولة ليثبت إحطاته برؤية الآخر وليُقحِم من خلالها وجهة نظره بناء على توقعاته، فلا يعطي فرصة له للكلام، وبالبرغم من أن أكثر من 90% من توقعاته لردودي كانت بالفعل خاطئة، إلا أنه لا يتوقف عن محاولات التنبؤ تلك في كل حوار جديد بيننا، قد يبدو أن السلاح المناسب مع هذا الشخص هو مقاطعته في الكلام فورًا والاحتداد أمامه، لكني اخترت أن أستعمل إحدى مهارات الحوار التي لا يُحسنها الكثيرون وهو منهم، وهي مهارة "الاستماع والإنصات"، فأنا أتركه يطرح وجهة نظره ثم يتنبأ بردي كيفما شاء حتى إنه يحاول التنبؤ باقتراحاتي وتساؤلاتي، وأتركه يبني على كل ما افترضه وأنا أسمع وأبتسم فعلا، حتى إذا ما شعر أنه قد أفلح وأصاب وأفرغ كل ما في جعبته، أبدأ أنا في الكلام بهدوء وبمنطقية، فبديهي أنه بتسرعه في الحوار سقطت منه أشياء كثيرة، فأبدأ في تفنيد كل ذلك، فيظهر خطأ افتراضاته أمامه بكل بساطة، وأنا لو كنت تسرعت مثله واحتددت أمامه، لم أكن لأحظى بفرصة لعرض ما أريده لأن النقاش كان سينتهي قبل أن يبدأ، النتيجة أن هذا الشخص الآن وبعد محاولات مستمرة على هذا النهج، أصبح يتجنب معي عادة التنبؤ والافتراضات تلك، وأصبح يعرض رأيه ثم يمنحني الفرصة لأقول مقترحاتي بل ويؤيدني في كثير منها والحمد لله. لذا أقول أن مهارة الاستماع والإنصات من أهم مهارات الحوار التي لا تجعلنا فقط ننتصر في نقاشاتنا، فليس هذا هو الهدف من كل حوار عموما، بل تجعلنا نحن أيضًا نستمع للآخر ونستفيد فوارد بالتأكيد أن نكون نحن على خطأ فندركه، أو تنقصنا مهارات أخرى فنكتسبها من الآخرين بالإستماع والإنصات الجيد لهم.
أحد التجارب التي استفدت منها بشكل كبير كانت خلال مناقشة في بيئة عمل. كنت أعمل في مشروع تطوير تطبيق مع فريق صغير، وكان هناك توتر بين أعضاء الفريق بشأن الطريقة المثلى لتنظيم عملية التطوير.
خلال النقاش، لاحظت أن الجميع يتحدث بنبرة متشددة ويحاول إقناع الآخرين برؤيتهم. لكن هذا الأسلوب لم يؤدِّ إلى حل المشكلة بل زاد من التوتر والتشتت.
قررت تطبيق تكتيك الاستماع الفعَّال والتفاعل بحرفية. بدأت بتوجيه أسئلة مفتوحة للفريق، مثل "ما هو الهدف الرئيسي الذي نسعى لتحقيقه؟" و "ما هي العوائق التي نواجهها؟" ثم بدأت في ملخص الأفكار وتحليلها بشكل موضوعي.
أدرك الفريق أننا جميعًا متفقون على الهدف النهائي للمشروع وأن التوتر نابع ببساطة من عدم الاتفاق على الطريقة المثلى لتحقيقه. بعد أن تمكنت من توجيه النقاش وتركيز الجميع على الأهداف، تمكنا من العثور على حلول وسطية وتطوير استراتيجية تلبي احتياجات الجميع.
تعلمت من هذه التجربة أهمية الاستماع بعناية وتوجيه النقاش بحكمة، بدلاً من الدخول في محاولات لفرض الرأي الشخصي.
التعليقات