علي طبيعة الحال وكما هو معلوم للجميع أننا الآن قد وصل بنا حالنا في مناقشاتنا الي درجة هي أدني من درجة الحيوانات البرية الهمجية، فمهما كان الموضع المتناقش فيه فلابد أن تعلو الأصوات وأن نبدأ بالتراشق بالسباب والشتائم وقد يصل في بعض الأحيان الي الاشتباك بالأيدي أو ماهو أفظع، والغريب أننا في نهاية أغلب نقاشاتنا نلاحظ أن أحدا منا لم يتزحزح ولو شبرا واحدا عن رأيه، فلم العناء إذا؟!!

لذا وفي البداية لابد أن نرسخ بعض القواعد المنطقية في أذهاننا في حال أن أردنا النقاش :-

أولا: لابد أن تسأل نفسك سؤالا وهو : هل لابد لي من الدخول في هذا النقاش؟ أهو حتمي للدرجة الكافية للخوض في غماره؟ والعجيب أنك إن سألت نفسك هذا السؤال وحرصت على اجابته بموضوغية وصدق فستجد أنه في أغلب الأوقات أن تلك المناقشة ليست ضرورية ويمكن الاعراض عنها بسهولة واعلم أن الكلام لو كان جميلا فالصمت أجمل.

ثانيا: إن ارتأيت أفضلية دخول النقاش عن الاعراض عنه فانتقل الى السؤال الثاني وهو : ما هو هدفي من هذا النقاش؟ هلي أريد فقط الظهور بنفسي والزهو برأيي والتحقير و التسفيه من الرأي الآخر؟ إن كان كذلك فاعلم أن في نفسك معضلة عظيمة لابد أن تجد لها حلا، لأنك إن تبنيت هذا الأسلوب في حياتك فلن تحاول يوما أن تشير بأصابع الاتهام والخطأ الى نفسك وستظن أنك دائم الإصابة في كل الأمور وهذا مستحيل.

ثالثا : لابد أن تكون علي كامل الاستعداد للاعتراف بأنك لم تكن علي صواب أمام الجميع لو تبين لك من خلال النقاش ضعف موقفك وقوة وسلامة حجة الآخر، وهذا لو أعملت عقلك أفضل من أن تعاند وتستمر علي خطأك وهذا أبدا لا يعد ضعفا أو مهانة بل إنه مربض القوة وعرين الشرف، وما أنت في هذه الدنيا الا لتتعلم من خطأك وتجنح بكلك نحو الصواب أينما تجده.

رابعا : إياك أن تجعل من علو الصوت وانتفاخ عروق وجهك منهجا لك في جدالاتك فانه سوف يزعزع موقفك ولو كنت أنت على صواب، ولك في الحكماء عبرة، فانظر إلي المخضرمين في نقاشاتهم فانك أبدا لن تجد للغضب سبيلا الى قلوبهم.

خامسا وأخيرا : إياك والكبر أو العجب والغرور بذاتك فلقد أقسم العزيز الجبار في كتابه أن كل بني الانسان في خسر ولكنه استثني منهم المؤمنين الذين يتواصون دائما بالصبر والحق، فأذعن للحق وقتما تجده وتذكر الجملة الشهيرة " أصابت امرأة وأخطأ عمر".