التمسك بأفكار خاطئة، أو لم تعد مناسبة لتطورات هذا العصر أو ما يحتاجه لا شك أنها تؤخر من حياتنا جميعًا، لأننا نجد أنفسنا أسرى لأنماط حياة لا نستطيع الخروج عنها، فلو كان بيدنا التغيير أو التعديل أو الاستبدال، ما العادات التي ترغبون في إعادة النظر بشأنها؟
ما العادات المجتمعية الشائعة التي ترى أنها بحاجة للتغيير أو الاستبدال؟
هناك عادة خاطئة في بعض تفاصيلها: بعمل احتفال للأطفال الصغار عند وصولهم أسبوع من العمر، يتم فيها عمل إزعاج للطفل بآلات معدنية جانب أذنه ورج الطفل رجاً شديداً، تلك التصرفات قد تؤدي لضرر للطفل حديث الولادة، كما أن هناك عادة تقبيلهم من كل من يراهم وهذا يسبب نقل العدوى للأطفال.
لافتة هامة جورج، وإن كنت أرى أن الاحتفال نفسه كفكرة تقليد مبهج ويخلق ذكريات سعيدة للأسرة وللطفل عندما يشاهدها وهو كبير ولكن يمكن أيضا تخطيط الاحتفال بما يناسب حساسية الطفل في هذا السن الصغير فيتم استبعاد كافة الأشياء التي قد تؤذيه. أما بالنسبة لعادة التقبيل فتغييرها فعلا صعب لأن منع شخص ما من تقبيل طفلك سيعطي له انطباع سلبي بأنك تبعد الطفل عنه كراهية أو حقدا لشخصه، الكثيرون يأخذونه بمحمل شخصي بحت فالطبيعي أن الجميع يحب عن حبه للأطفال بهذه الطريقة، عن نفسي لا استطيع رؤية طفل ولا أقبله.
التدخل في شؤون الآخرين واقتحام خصوصياتهم.
في الأرياف، تنتشر هذه العادة بشكل كبير، حيث تصبح حياتك الشخصية مكشوفة أمام الجميع. ما تأكله، ما تشربه، ما تفعله في يومك، تجد أن الجميع يعرفونه ويتحدثون عنه.
هذه العادة قد تكون مدمرة للأفراد والمجتمعات على حد سواء، حيث تضع الشخص في موقف يتجاوز حدوده الشخصية وتجعله يتعدى على حياة الآخرين الخاصة دون وجه حق. والبعض يعتبر ذلك من حقوقه الشخصية أو يدخلها في إطار "الاهتمام" أو "النصيحة"، لكن الحقيقة أن هذا التصرف غالبًا ما يتسبب في شعور الشخص الآخر بالإحراج وعدم الراحة!
نظام الأرباف هو محمود هو الجحيم في حد ذاته أنت كالموضوع تحت المجهر وكل تصرف صغير منك يعتبر اثما بالنسبة لهم، ملابسك إثم وحديثك إثم، نظراتك تفسر بشكل خاطئ وكلماتك تفسر بشكل خاطئ، الناس هناك وضعت قانون خاص بها يعاملونه معاملة النصوص الإلهية لا يقبلون الاعتراض عليه ويعاقبون كل ما يخالفه. أتذكر حوادث كثيرة تسبب فيها الناس هناك بسبب اقتحامهم لخصوصيات الآخرين وكم بيت تدمر وتشتت بسبب ألسنتهم التي لا ترحم. المشكلة أن أهل هذه المناطق وإن خرجوا منها إلا أن أفكارهم لا تخرج منهم فيسعون لرفضها في كل مكان وتحت كل ظرف بنوع من التعالي والمثالية لا أفهم من أين يستمدوها!
لكني أرفض تعميم المجتمع ككل، لأن كل فرد داخل هذا النظام لا يتصرف بنفس الطريقة أو يوافق عليه. يبتني الكثيرون أفكارًا أكثر انفتاحية، ومن المهم أن نتذكر أن السلوك البشري معقد ومتعدد الأبعاد، ولا يمكن اختزاله في نمط واحد أو فكرة واحدة.
وحقيقة، هناك الكثير من يعمم وجهة نظره بخصوص "الأرياف" أو "الفلاحين" ، حتى أنهم يطلقون هذه التسمية على بعض الأفراد عندما يصدر منهم تصرفات معينة، متهمين إياهم بأنهم "فلاحون" أو غير مثقفين.
لكن هذا التوصيف لا يتسم بالعدالة، فهو غالبًا ما يُستخدم بشكل سلبي وينطوي على حكم قاصر، ويُسيء للأرياف التي يخرج منها الكثير من المبدعون والمفكرون، وكذلك يُسيء لمهنة الفلاح الشريفة.
تعليقي كان عن نظام المجتمع في تلك البيئة وليس على طبيعة كل المنتمين لها، بالتأكيد لا يتشابه الجميع، ولكن إذا تحدثنا بالنسب فما يجعل هذا المجتمع بهذه الهيئة أو السمعة هو أن أغلب من هم فيه يتمسكون ويطبقون ويفرضون تلك الأفكار التي نرفضها جميعا، أما بالنسبة لفكرة التنمر التي أشرت إليها هي بالفعل منتشرة ويستخدمها الناس بطريقة طفولية بعيدة عن آداب النقاش والحوار، فالطبيعي أن نختلف مع أفكار بعضنا البعض ولكن إلقاء الألقاب بدافع السخرية والتقليل ليس مقبول، وعموما اللقب نفسه لا يقصد به التقليل من مهنة أو مكان ولكن انتقاد لطريقة فكر معين ولكن كما قلت الانتقاد أو الاختلاف لا يكون بهذه الطريقة.
حدثي ولا حرج رنا أحيانًا نجد أنفسنا أسرى لعادات وتقاليد ترسخت في المجتمع، لكنها أصبحت تثقل كاهلنا بدلاً من أن تسهّل حياتنا. مثلًا، فكرة السكوت عن الخطأ احترامًا للكبار تجعلنا نخشى التعبير عن آرائنا حتى لو كنا على حق. و الضغط على الشباب للزواج أو اختيار شريك الحياه أيضاً اختيار مهن معينة دون الالتفات إلى رغباتهم يُفقدهم شغف الحياة. لا يمكننا تجاهل التدخل الزائد في حياة الآخرين، وكأنه حق مكتسب، مما يولد ضغط نفسي غير مبرر. كذلك تمسكنا ببعض التقاليد المبالغ فيها، مثل الإسراف في المناسبات، الذي لا يعكس سوى عبئًا ماديًا دون جدوى حقيقية. وأخيرا هناك نظرتنا للمرأة، حيث ما زالت بعض العادات تقيّد دورها وطموحها في الحياة. هذه الأمور تستحق أن نتوقف عندها، نفكر ونُعيد صياغتها بما يتناسب مع واقعنا الحديث واحتياجاتنا كأفراد ومجتمع.
فكرة السكوت عن الخطأ احترامًا للكبار
هناك مقال قرأته مؤخراً يقول لو كان للأرض عمر بدأ من سنوات كثيرة، فيمكن اعتبار كل جيل تالي هو الأكبر عمراً بسبب انتقال المعارف والخبرات إليه من الأجيال السابقة.
لكن الكبار يكونون أكثر حساسية من الصغار، فإذا كان الخطأ لا ينتقص من قدر شخص، أو يسبب ضرر لأحد، فيمكن الإشارة إليه بشيء من المراعاة، ما عدا ذلك فالقانون والحق لا يفرقان بين عمر 19 عام وعمر الـ50 عام.
مساء الخير و جمعة مباركة اختي ...
كما ذكر الأخ حدثي ولا حرج عن ذلك .
ولكن برأي أنا هناك عادات كثيرة على صعيد الدولة و المجتمع و الفرد وتندرج جميعها تحت مظلة واحدة وتمثل عوائق وعقبات امام التقدم و التطور و تتمثل في محاولة نفي أننا جزء من المشكلة و الحساسية تجاه النقد و المواجهةبالاضافة للتغافل عن محاسبة الذات الفردية و الجماعية ٫ أعني التنصل من المسئوليات عموماً والاجتهاد في التبرير و خلق الحجج.
لقد بقينا حتى الآن نتحدّث عن الخسائر والهزائم التي ألحقها بنا الآخرون، وحانَ الوقت لأن نبدأ الحديث عن الخسائِر التي ألحقناها نحنُ بأنفُسِنا. ومن هنا ستكون بداية رُشدنا.
# العظيم / علي عزت بيغوفيتش
لقد بقينا حتى الآن نتحدّث عن الخسائر والهزائم التي ألحقها بنا الآخرون، وحانَ الوقت لأن نبدأ الحديث عن الخسائِر التي ألحقناها نحنُ بأنفُسِنا. ومن هنا ستكون بداية رُشدنا.
النضج الحقيقي هو أن ندرك أن حل مشكلاتنا هو مسؤوليتنا حتى وإن لم نكن نحن من تسببنا بها. نحن في وسط إلقاء اللوم وانتظار الأعذار والنجدة من الآخرين ننسى أننا أيضا أخطأنا في حق أنفسنا حين لم نقدرها وسمحنا لكثير من الأشخاص وكثير من الأشياء أن نقلل منها أو تضرها. من أفسد شيء عن عمد لن يصلحه وفي النهاية نحن من ندرك حقا حجم تأثير كل شيء علينا ونحن من بيدنا تقليله أو إزالته.
مجتمعنا، للأسف، لا يزال أسير فكرة أن "القيمة" مرتبطة بالمكانة الاجتماعية أو المظهر الخارجي. نُعجب بمن يملك سيارة فاخرة، ونحتقر من يركب دراجة هوائية..
وإن كنت سأضيف شيئا آخر.. عدم احترام العلماء وأهل العلم، وكأنهم أعداء الشعب! تخيلي أنك طبيبة جراحة، وقضيت أكثر من عشر سنوات في دراسة الطب، ثم يأتي أحدهم ليقول لك: "أنا شفت فيديو على يوتيوب بيقول عكس اللي بتقولي عليه" 🤦🏻♂️
وليس علوم الارض وحسب، حتى علماء الدين والأئمة صار كل من هب ودب يتطاول عليهم اذا سمعوا او رؤوا منهم خطأ وكأنهم ملائكة..
يزال أسير فكرة أن "القيمة" مرتبطة بالمكانة الاجتماعية أو المظهر الخارجي. نُعجب بمن يملك سيارة فاخرة، ونحتقر من يركب دراجة هوائية..
المكانة الاجتماعية ليست ضرورة ولا خطأ، وبالتالي أن يتحصل عليها الإنسان فلا مانع أو حرج من الإعجاب بهذا أو حصوله على التقدير من الآخرين لأجلها، في النهاية المكانة الاجتماعية يتم استمدادها من عمل الإنسان أو القيمة التي يتركها فطبيعي أن يتم تقديره على هذا.
طبعا لا عيب في تقديرها لكنها ليست مسوغا لاستحقار من لا يمتلكلها أو التقليل من قيمته هذا القصد، ستشعرين بالظلم ان تم ربط قيمتك الحقيقية بدراجتك أو بمنصبك او مكانتك الاجتماعية مقابل ذلك الذي يمتلك سيارة او منصب اعلى منك رغم انك افضل منه، ليس لأن منصبه لا يستحق التقدير، ولكن لأنه لا يبنى عليه التقييم
هناك أولويات في تحديد قيمة المرء الحقيقية، والمكانة الاجتماعية كما قلت ليست ضرورة وبالتالي ليست هي الاولى بالنظر قبل معايير اخرى.
يعني مثلا تجدين الكثير من الشباب يجد مشكلة في الزواج على سبيل المثال فصاحب المكانة او المال حتى لو كان سيئا يبررون له ويقدمونه على حساب متواضع الامكانيات والمكانة حتى لو كان أصلح وأفضل منه في كل الصفات الاخرى والجميع يشهد بذلك، ونفس الشيء بالنسبة للبنت تجدين العفيفة الصالحة مهمشة بينما يتهافت الناس على اخرى فقط لأجل نسب او مال او جمال ظاهري حتى لو كانت شخصيتها أقل من الاولى.. هذا ليس مجرد كلام كما تعلمين هو واقع منتشر بكثرة في مجتمعاتنا (والزواج مجرد مثال، كثيرا ما يتم تقديم أصحاب المصلحة في كل المجالات ايضا)
اتمنى حقا أن تندثر هذه الظاهرة من مجتمعاتنا او على الاقل تخف..
"كلامك صحيح تمامًا، التمسك بعادات لم تعد تناسب واقعنا الحالي قد يعيق تقدمنا. بالنسبة لي، واحدة من العادات التي أرى أنها بحاجة لإعادة النظر هي فكرة الحكم على الأشخاص بناءً على مظهرهم أو اختياراتهم الشخصية. أعتقد أن التركيز على القيم الجوهرية بدلاً من المظاهر الخارجية يمكن أن يساعدنا على بناء مجتمعات أكثر تفهمًا وقبولًا.
أما على المستوى المجتمعي، أرى أن الضغط المبالغ فيه على الشباب للتوافق مع مسارات تقليدية محددة في التعليم أو العمل يحتاج للتغيير. ربما إذا منحنا مساحة أكبر للاختيارات الفردية وشجعنا الابتكار، سنتمكن من خلق بيئة تدعم الإبداع والتطور. هل هناك عادة معينة تتمنى أن تتغير؟"
فكرة الحكم على الأشخاص بناءً على مظهرهم أو اختياراتهم الشخصية.
ولكن يا سمر ألا تعتقدين أن خيار المظهر أو الخيارات الشخصية بشكل عام هي تعطي انطباع عن الشخص وطبيعته؟ وقد تكون صحيحة بالفعل؟ مثلا ألا يعطي لك الشخص الذي يرتدي ألوانا قاتمة دائما أنه شخص تقليدي ومتحفظ وملتزم والعكس مع الشخص الذي يرتدي ألوان وتصاميم مختلفة وزاهية دوما أنه شخص منفتح وحيوي وطاقته عالية؟ أنا صراحة أحلل الكثير من الشخصيات بناء على خياراتهم ليس للحكم عليهم أو انتقادهم بل لأفهمهم وأعرف كيف أتعامل معهم.
أفهم ما تعنيين، ولكن المظهر يمكن أن يكون مجرد قشرة خارجية لا تعكس دائمًا الجوهر الحقيقي للشخص. قد يكون الشخص الذي يرتدي ألوانًا قاتمة أكثر تحفظًا، ولكن هذا ليس بالضرورة يعني أنه تقليدي أو ملتزم بشكل كامل. نفس الشيء ينطبق على الشخص الذي يرتدي ألوانًا زاهية؛ يمكن أن يكون منفتحًا أو فقط يحب التعبير عن نفسه بشكل مختلف. أعتقد أن من المهم ألا نقتصر على تحليل الأشخاص بناءً على مظهرهم فقط، بل أن نحاول فهمهم بشكل أعمق بعيدًا عن الانطباعات السطحية.
ولكن على أرض الواقع يكون من الصعب تغيير الانطباع الأول الذي يعطى عنك، لا أعرف أو أفهم الأسباب تحديدًا ولكن من خلال تجاربي فإن الانطباع الأول الذي نعطيه عن أنفسنا أو نتلقاه من غيرنا يكون من الصعب تغييره أو تقبله من الآخرين بل وأحيانا عندما يضع الآخرين صورة معينة لنا نصبح في وضع حرج إذا حاولنا أن نكون على طبيعتنا على الحقيقية، بالعودة مثلا للمثال الذي طرحناه، فهذا الشخص الذي انطباعا أنه شخص متحفظ واتضح فيما بعد أنه ليس متحفظ بالكامل سيواجه صعوبة أو حرج عندما يحاول أن يكون منفتح أو مرح أو حيوي لأنه الناس لا تعتاده ولا تتخيله بهذا الشكل.
من واقع ما رأيته في مجتمعي، أظن أن كون النجاح مقتصرا على رصيد البنك هو أحد الأفكار التي لا بد من التخلي عنها لأنها دمرت حيوات الكثيرين. فما فائدة نجاحي ماديا وانا فاشل في تأدية دوري مع عائلتي، وفاشل في تكوين صداقات والحفاظ على علاقاتي مع الأشخاص في حياتي بسبب انشغالي بالعمل لساعات وأيام طويلة، وفاشل صحيا لأنني قلما آخذ أي استراحة وغيره. المقارنات مع الغير والسعي وراء الثراء ظنا أنه العصا السحرية التي ستحل جميع مشاكلنا هو مشكلة كبيرة لا بد من التعامل معها ولا حل لها سوى الوعي بآثارها
التعليقات