نحتاج إلى الفضفضة والتعبير عن أحزاننا وهمومنا بين الحين والآخر، فذاك التعبير يساهم في توضيح رؤية المشكلة التي نمر بها ويخفف من حدتها داخل النفس. ولكن بعد فترة يمكن يعتاد البعض الشكوى المستمرة وتصدير الطاقة السلبية لكل من حوله. فكيف يمكننا التوقف عن الإفراط في الشكوى وتحويلها إلى أمر إيجابي؟
كيف يمكننا التوقف عن الإفراط في الشكوى وتحويل الشكوى إلى أمر إيجابي؟
أرى أن من أفضل الوسائل للتخلص من هذه العادة هي تحويل التوجه إلى الله، فيمكنك أن تشكي إلى الله كل ما يلم بك.
في البداية لن يكون الأمر سهلا، لكن مع التعود واليقين بأن الشكوى للناس تنفرهم فقط منك، وأن الله دائما يحب أن نشكو إليه ضعفنا وقلة حيلتنا ستجدين راحة واستغناء به عن الآخرين.
فكرة أن الآخرين غير مهتمين، وأن كل شكوى تجعلهم ينفرون منك، ويفضلوا أن يبتعدوا عنك وعن مخالطتك كيفلة وحدها بجعلك تتوقفي عن ذلك.
نحتاج إلى الفضفضة والتعبير عن أحزاننا وهمومنا
صدقيني أن كل شيء بالتعود، فإذا تعودت على العكس يمكن أن تتكون لديك عادة الصبر والصمت. كما يمكنك أن تفضفضي لشخص قريب جدا منك أو شخصان على الأكثر، وهو يفضفض بدوره وأنت تستمعين.
هناك أيضا من يستعين بالكتابة في هذا الشأن، لكن حقيقة لم أجد لها مفعولا قويا بهذا الخصوص. جربيها يمكن أن تختلف من شخص لآخر، وقد تنفع معك.
الشكوى بحد ذاتها ليست مضرة ولكن طريقة تعاملنا وسردنا للشكوى ومعدل شكوانا أيضا هو أساس المشكلة.
فالحياة مهما كانت سعيدة ومنصفة معنا هناك وقت لكل شخص منا يشارك شكوى له، وعادةً نختار الأشخاص الذين نثق بهم وبرأيهم، وهنا لا أرى بها أي مشكلة طالما الغرض من الشكوى هو البحث عن حل أو التوصل لأسباب مشكلة معينة ومناقشتها للحل.
لكن المشكلة الحقيقية هي الافراط في الشكوى، هذا هو ما يؤدي لانهيار العلاقات بين الأصدقاء او حتى الأقارب والأزواج
وهنا الشخص يحتاج لأن يرى الأمور بنظرة إيجابية دون التحيز للأمور السلبية، يحتاج لأن يمنح نفسه فرصة للتعامل مع الشكوى ومحاولة البحث عن حلول لها بمفرده، واليقين أنه هو الشخص الاول الذي يمكنه مساعدة نفسه قبل أي شخص.
أيضا تعزيز الشعور بالامتنان، هذا قد يقلل من حد الشكوى، لأنه سيجعل الفرد يعيد تقييمه للشكوى بحد ذاتها.
أيضا نقطة مهمة جدا، وهي إدارك أن هناك كم كبير من المشاكل لن يُحل بالشكوى، والإفراط بها سيجعل الشخص يشعر بالسوء والضغط النفسي أكثر مما لم يشتكي.
الفيلسوف ماركوس أوريليوس لديه ثلاث معتقدات في الفلسفة الرواقية، من بين هذه المعتقدات، معتقد الحتمية، أي أنه يجب أن نؤمن بأن كل الاحداث التي تحدث لنا مقدرة سلفًا. فكل ما يحدث لنا من ضغوطات وظروف صعبة هي مقدرة في وقت سابق. طريقة تفكيرنا هي من ترسم حياتنا، ومهما حدث لنا، فنحن يمكننا أن نتغلب عليه بطرق معينة.
ثمة بعض الأمور التي يمكن أن نضعها في عين الاعتبار عند الشكوى.
- التأكد بأننا لسنا الوحيديين الذين يمرون بظروف صعبة، إذًا جميعنا لديه هموم وبالتالي سيشتكي في كل لحظة إثر موقف مر به. الفيصل هنا طريقة التعامل في ادارة الشكوى، وما الهدف من الشكوى.
- الضحك يقلل من التوتر وبالتالي سينخفض توترنا و يتحسن مزاجنا وذاكرتنا.وهذا ما كشفه بحث لجامعة لوما ليندا الامريكية، فالضحك البسيط يرفع من الإندورفين ويرسل الدوبامين إلى الدماغ وبالتالي تتحسن الحالة المزاجية للشخص. يمكن الاطلاع على البحث التالي:
- ممارسة التأمل والرياضة أمر ايجابي أيضًا.
- كتابة كل شيء ممتنين له في حياتنا. فمثلا يمكننا جلب دفترة نوتة وكتابة قائمة كل شيء نشعر تجاهه بالامتنان. اعتقد أننا سنجج أن الاشياء الايجابية موجودة في حياتنا بشكل كبير ولكن نحن من نغفلها.
- التكيف مع الموقف والظروف أمر مهم، لهذا لابد من أن نسمح لأنفسنا قبول الموقف والشكوى منه ، ولكن ما الهدف هنا من الشكوى، هل لمجرد الشكوى أم أننا نرغب في تحقيق هدف معين.
- وآخيرًا ، تحمل المسؤولية تجاه ما يحدث لنا في حياتنا.
من وجهة نظري الأمر في منتهى البساطة ولي تجربة شخصية في ذلك الأمر.
على الشخص الذي تعود على الشكوى أن يدون شكواه في ورقه ويقوم بتمزيقها بعد ذلك سيشعر براحة ولا يجب أن ننسى اللجوء إلى الله قبل العباد للشكوى، فالله قادر على تغيير الحال إلى أحسنه بالدعاء والصبر.
اتمنى اكون قد أفدتك
على الشخص الذي تعود على الشكوى أن يدون شكواه في ورقه ويقوم بتمزيقها بعد ذلك سيشعر براحة
تعد فكرة كتابة ما يحزنني وتمزيق الورقة بعد ذلك من الأفكار الغير فعالة والركيكة نوعًا ما، فهي وإن فادت بعض الأشخاص إلا أنها كانت إفادة مؤقتة كعملية التخدير الموضعي. ربما كتابة ما يسعدني والاحتفاظ به لقراءته حينما تصيبني الهموم سيكون حلًا أفضل بكثير.
نعم فعلا كما ذكرت أنها فادت بعض الأشخاص ولكن أخالفك الرأي في أنها إفادة مؤقتة لأنها ليست مخدر موضعي حيث انك تقومين بتسجيل مافي رأسك ونفسك في ورقة وبالتالي أصبح هذا جزء لا يشغل حيزا من التفكير وعند التمزيق يكون قد اختفى.
ربما كتابة ما يسعدني والاحتفاظ به لقراءته حينما تصيبني الهموم سيكون حلًا أفضل بكثير.
وهذا حل جميل بعد تمزيق الورقة حيث سيتم وضع افكار إيجابية تسعد نفسك دائما..
أسأل الله أن يبعد عنا الهم والحزن
حيث انك تقومين بتسجيل مافي رأسك ونفسك في ورقة وبالتالي أصبح هذا جزء لا يشغل حيزا من التفكير وعند التمزيق يكون قد اختفى.
وهل العقل بهذا التفكير الغريب كي يمحي ما يدور بداخله لمجرد كتابته وتمزيقه؟ صدقيني هذه الأفكار ما هي إلا ابتداعات أطلقها بعض مدعي التنمية البشرية وصدقها البعض حتى خُيل له بأنها حقيقة.
الحلول المنطقية التي ينوي الشخص استخدامها لمساعدة نفسه وغيره لابد أن تكون حلولًا عملية أو مقبولة عقليًا برأيي.
الحلول المنطقية التي ينوي الشخص استخدامها لمساعدة نفسه وغيره لابد أن تكون حلولًا عملية أو مقبولة عقليًا برأيي.
عزيزتي الأشخاص مختلفون، كذلك العقول فكل منا لديه طريقة معينة للإقتناع وليس كل ما يقنعك سيتم إقناعي به والعكس صحيح فعقولنا مختلفة في طريقة تفكيرها واستيعابها وتقبلها للحلول.
ولذلك لكل شخصية حلولها المنطقية التي تتبعها وتجعلها تصل للهدف المرجو وهو التقليل من الشكوى، من خلال تقبل الآخرين والإنصات جيداً والتقليل من الكلام.
الشكوى أمر طبيعي وكلنا نحتاج ذلك، لأننا بشر لكن إذا زاد الشيء عن حده بطبيعة الحال سيعود علينا سلبا.
وكلما زادت الشكوى زاد التذمر والسخط وهذا يملأ محيطنا بالمشاكل أكثر.
تقول أخصائية النفس سوزان ألبرس "أنّ الشكوى مثل الفيروسات ومن المهم الإبتعاد عن المتذمرين"
وحتى نتعامل مع الشكوى بشكل أفضل علينا:
- أخذ خطوة إلى الوراء قبل أن نقدم على الشكوى.
- خذ شكواك على محمل الجد، وقبل أن تشتكي راقب إن كان هناك مشكل حقيقي يحتاج إلى علاج أم فضفضة عابرة.
- خذ خمس دقائق دوّن فيها ما تريد قوله لربما بعدها لن تحتاج لتشتكي لأحد وتشعر أنك أفضل.
- شارك شكواك بشكل فعال: تقول الأخصائية ألبيرس" شارك شكواك على نحوٍ لطيف وفعال وليس بشكل حرج يعرضك للنقد"، كأن تشتكي لمختص وتطلب حلول ونصائح.
- مارس الامتنان: ممارسة الامتنان تجعلنا نلاحظ الجانب المشرق والرائع من حياتنا وهناك العديد من الدراسات التي تدعم ذلك.
أعتقد أن التفكير المنطقي يساعد في تحجيم المشاكل ووضعها في قوالبها المناسبة، مما يجعلنا بمنأى عن الشكوى الزائدة أو تصدير الطاقة السلبية، كما أن هناك فرق كبير بين من يشكو ليفهم مشكلته ويحللها ويبحث عن حلول محتملة لها، وبين من يشكو لمجرد الشكوى ووضع الأعذار للنفس والظهر بمظهر الضحية، هناك الكثير من الأمور التي علينا الانتباه لأنفسنا حين نمارسها مثل الشكوى فعلينا أن نعي أننا لا نبدو جميلين إطلاقا عندما نشكو.
فكيف يمكننا التوقف عن الإفراط في الشكوى وتحويلها إلى أمر إيجابي؟
الحقيقة أن هذا الأمر يحتاج إلى عزيمة من الشاكي، فاعتياد الشكوى وأي أمر يمسي عادة يحتاج إلى عزيمة قوية للتخلي عنه، وهناك بعض النصائح التي قد تساعد في ذلك:
إذا ما احتاج الإنسان إلى الشكوى من شئ معين فليجعل نفسه المشكو إليه، فيمكنه كتابة مشكلته كأنه يرسلها إلى شخص آخر ثم يطلع عليها كثيرا، وفي كل مرة سيلاحظ شيئا ويتوصل إلى حل يساعده.
يحاول التعود على أن يفكر في أسباب المشكلة والبحث عن حلول قبل التفكير في الشكوى.
إذا ما اضطر إلى الشكاية لأحد يجعلها في أسلوب نقاش للبحث عن حلول لمشكلة عامة أو شخص آخر ولا يجعل الشكوى مباشرة.
إذا ما احتاج الإنسان إلى الشكوى من شئ معين فليجعل نفسه المشكو إليه، فيمكنه كتابة مشكلته كأنه يرسلها إلى شخص آخر ثم يطلع عليها كثيرا، وفي كل مرة سيلاحظ شيئا ويتوصل إلى حل يساعده.
يمكن اللجوء لهذا الحل إن كان الشخص ناضجًا بما يكفي ويعي أن الهموم تزول عما قريب، ولكن إن قام شخص غير ناضج بكتابة شكواه والاطّلاع عليها مرارًا وتكرارًا، فهذا يزيد من أسباب حزنه ويضعه أمام احتمالات أخرى للشكوى من أمور خفية.
برأيي إن اختلاف شخصية كل إنسان هي التي تتحكم في تجاوبه مع حل دون آخر.
عادةً ما أتغلّب على هذه الأزمة من خلال خطوتين رئيسيتين تساعدانني بشكل شخصي:
- الأولى هي التدوين، فنظرًا لكوني أمارس نشاط الكتابة منذ فترة كبيرة، فإن الكتابة الاستشفائية تعتبر أحد أهم الأنشطة بالنسبة إليّ، حيث أحاول دائمًا أن أشكو مشكلاتي للورق، لا الأشخاص، وذلك عن طريق الكتابة عنها، أو القراءة للكتابة عنها، أو أيضًا عن طريق تعديدها ببساطة في نقاط موجزة لإيجاد الحلول.
- الثانية هي الوحدة، ولا أعني بذلك الانعزال المستمر، وإنما أعني الانعزال لفترة قصيرة تمنحني الفرصة لترتيب حساباتي مع نفسي، ولا تتيح أمامي فرصة للشكوى أو الاستمرار والتمادي فيها.
الثانية هي الوحدة، ولا أعني بذلك الانعزال المستمر، وإنما أعني الانعزال لفترة قصيرة تمنحني الفرصة لترتيب حساباتي مع نفسي، ولا تتيح أمامي فرصة للشكوى أو الاستمرار والتمادي فيها.
حينها ربما تشتكي من الوحدة ذاتها، الانعزال عن الناس في حالة الإصابة بالهموم قد يضر ولا ينفع. فوجود من يدعمنا في تلك الأوقات من أفضل الطرق للخروج من تلك الحالة والعودة لطبيعتنا.
الشكوى أو ما نسميه ب "الفضفضة" شئ هام لصحة النفس، حيث أن الكتمان وعدم التحدث بما نمر به من ضغوط و مشكلات، يؤدي إلى تفاقم تلك المشكلات داخل النفس مما يؤدي إلى الكبت، ويؤدي ذلك كله في النهاية إلى ما يشبه الإنفجار على مستوى النفس، حيث يقول سيجموند فرويد
"الأشياء المكبوتة تظهر لاحقاً في صورة بشعة"
فالشكوى تنفيث عن الضغوط.، ولكن حين تزيد عن حدها قد تنقلب إلى مصدر إزعاج للطرف الآخر، خاصة إن لم تكن العلاقة معه قوية، فهذا يختلف حسب طبيعة الشخص وإدراكه للشكوى، فثمة من يرى كلامك السلبي او الشكوى مصدر للكآبة لذا يتهرب منها، وهناك من يطمئن بها حيث أنها يقارن حاله بحال الشخص ثم يطمئن لحاله المعافى ويسعد كذلك لأنك استأثرتيه بسرك فيفرح بذاك فرحاً خفيا ولا يمل من الشكوى مهما طالت.
وهذا ليس معناه أن نشكي باستمرار عن صغائر الأمور وكبائرها، بل علينا أن نختار الوقت المناسب حين نشكي عن أمر ما يزعجنا، والأهم من اختيار الوقت المناسب هو اختيار الشخص الذي سنحكي له، حيث اختيار الشخص الذي يهمه أمرنا هذا من شأنه أن يجعلنا لا نشعر بأننا ثقلاء عليه أو نسبب له الضيق.
فلا يجب ان نتوقف عن الشكوى ولكن يجدر بنا أن نختار الوقت والشخص حين نريد "الفضفضة".
التعليقات