يميل الكثير من صناع المحتوى والعاملين في مجالات الإعلام والفن إلى عرض قصص الأبطال المستضعفين لجذب انتباه الناس إلى القصة وكسب تعاطفهم. وبما أننا على مشارف شهر رمضان الكريم سنجد الكثير من الأعمال الدرامية التي تعتمد على هذه الفكرة وتنشرها وكأنها الواقع الوحيد في هذه الحياة. فما هي نظرتكم لمثل هذه الأعمال، ولماذا نفضل قصص الأبطال المستضعفين ونتفاعل معها؟
لماذا نفضل قصص الأبطال المستضعفين ونتفاعل معها؟
إن كل شخص منا يعتقد أنه أحق بالفضيلة وهذا يجعلنا نرجح دائماً أننا ضحايا أو على الأقل أننا لا يمكن أن نكون الطرف الظالم وهذا يضعنا تلقائياً في خانة الطرف المظلوم، وقليل منا يملك الوعي الكافي بالنفس والعالم ليعترف حقيقة بأخطائه والأمور التي يستحقها بجدارة من تلك التي لا يستحقها، وهذا الأمر يجعلنا معتقد ضمنيًا أن الشخصيات المستضعفة أقرب لنا ولمعاناتنا، وهذا يجعلنا ننجذب لها، ونحبذ انتصارها في النهاية وهذا يمنحنا شعورًا جيدًا كأن النصر لنا
أرى أن القيمة المنقولة من هذه الصورة الشخصية ترتبط شديد الارتباط بمفهومنا عن الواقع، وبتشابهها معنا من الناحية العاطفية التي نتعاطف من خلالها مع أنفسنا دائمًا. وقد خضتُ هذا النقاش من قبل في أحد التعليقات، واستشهدتُ بفكرة الكاتب الراحل أحمد خالد توفيق، حيث رأى أننا في مجلّة ميكي كمثال، وعلى الرغم من أن بطل المجلّة هو شخصية ميكي ماوس، فإن من يحملها على عاتقه هو بطوط، وهو الشخصية الأكثر شعبية داخل المجلّة. إن بطوط ليس ذكيًا ويحل كل المشكلات مثل ميكي. إنه متورط دائمًا وكسول ويقع في مشكلات لا حصر لها. لكنه الأكثر شعبية، لأنه ببساطة هو الأقرب إلى قلب القارئ. هو الذي يعبر عنه ويتحدث بلغة يفهمها ويعانيها. ربما أستعين بهذا التفسير الآن مرة أخرى.
يميل الكثير من صناع المحتوى والعاملين في مجالات الإعلام والفن إلى عرض قصص الأبطال المستضعفين لجذب انتباه الناس إلى القصة وكسب تعاطفهم
الناس الذين يتعاطفون مع هؤلاء الفئة أغلبهم لديهم وعي الضحية لذلك يحملون تعاطف كبير تجاه هؤلاء الضحايا.
ولماذا نفضل قصص الأبطال المستضعفين ونتفاعل معها؟
ربما لأننا نجد شيئا من أنفسنا في قصصهم، ونجد في النهاية السعيدة إن كانت كذلك، أملا لقصصنا التي نعيشها في الوقت الراهن.
ليس المستضعفين فقط.. بل يتم تسليط الضوء على أولئك المميزين المختلفين عن سواهم الذين قاموا باستثمار أقل القليل لينجحوا..
الفكرة في الأمر أننا نتفاعل مع كلّ ما يلبي لنا حاجة.. فإن كنا نبحث عن ذلك الأمر الذي يمنحنا الشعور بإنسانيتنا سنجد أننا نتفاعل مع قصص المعاناة، وحين نحتاج لدافع نجدنا نتأثر بقصص الذين أوجدوا لأنفسهم ذاتاً بعيدة عن الاستسلام.
في النهاية نحن نروي الظمأ الذي نشعره في الأمور التي نفتقدها.
في النهاية نحن نروي الظمأ الذي نشعره في الأمور التي نفتقدها.
هذا هو بيت القصيد يا إيناس، نحن نتفاعل مع كل شيء يستفز نقطة ما في داخلنا، قبل فترة كنت أتابع مسلسلا لم أكن ملتزمة لكن حين أكون بالبيت أتابعه، وبينما أنا أشاهد إحدى الحلقات سألت نفسي لماذا؟ أتابعه وماهي النقطة العميقة بداخلي التي تلمسها أحداثه وبالفعل وجدت السبب وحين أصبحت واعية لكتلة الألم التي تتغذى على أحداثه، توقفت عن مشاهدته.
ما رأيك يا إيناس؟
حسناً.. طالما وجدتِ أنك بفعلك هذا قد وصلت للرضا فالأمر جيد.. لأنك من تحددين نسبة الإشباع المتحققة من متابعة الأمر أو عدمه.
لكن ببساطة نحن قادرون على الاستغناء.. وقادرون على تمضية الوقت بأمر أكثر فائدة إلينا.
ولكن أتعلمين؟؟ في لحظات ما.. لا نريد ممارسة الأمر لأنه مفيد.. بل لأننا نشعر بمشاعر نريدها بفعله حتى لو بدت غبية.
في النهاية نحن الأقدر على تحديد مدى حاجتنا لهذا الأمر.. وما يحققه أو يلبيه لنا..
نحن فقط من نملك المعرفة.. والقرار بالنهاية عائد لنا.
هذا ما يسمى بالتسول العاطفي ، وعادة ما يتأثر به العامة .
لانه يشبه جزء من شخصياتهم ، ويمدهم بأمل أنهم قد يصبحوا أبطالاً
لا أفضل مثل هذه الأعمال إلا بالرسوم الكرتونية ، أما بغير ذلك فلا أتابعها لأنها تستنزف جزء من طاقتي ..
أفضل الأبطال الكادحين الذين يتجنبون الحديث عن ضعفهم وان ذكروها يذكروها من باب أن لا للمستحيل ، ويذكرونها بقوة وفخر .
الانسان بطبيعته خلص ضعيفا، وعنصر القوة في حقيقته هو الانسنة وليس العضلات او الضرب او ما شابه، بالتالي فإن تحفيز حواس الانسان ومشاعره تحتاج الى من يحركها بقوة ويجعلها تتفاعل بصورة فطرية وتتابع مجرياتها.
شخصيا أحب قراءة القصص التراجيدية ومشاهدة المحتوى المرئي التراجيدي وان كان واقعي فيكون بالنسبة لي شيء راقي جدا وجذاب.
لم تكن هذه الخصلة "تفضيل الضعفاء" خصلة كل المجتمعات على مر التاريخ، وإنما هي خصلة مجتمعات سادت فيها "أخلاق العبيد" حسب وصف نيتشة. بل على العكس كانت كثير من المجتمعات لا تميل إلا إلى القصص البطولية لعظماء وجبارين. خاض نيتشة كثيراً في هذا الجانب وغلا غلوّاً كبيراً وعجيباً ومع هذا أجد أن بعض اللمحات في طرحه صادقة ودقيقة.
فما هي نظرتكم لمثل هذه الأعمال، ولماذا نفضل قصص الأبطال المستضعفين ونتفاعل معها؟
الإنسان بطبعه كائن عاطفي مع من هم أضعف منه قوة وحيلة، ولا يستثنى من ذلك إلا المختلين نفسياً وعقلياً، ففاقد التعاطف ليس إنساناً سليماً .
مثال نحن بطبيعتنا نتعاطف مع الأطفال، مع الحيوانات الأليفة ومع كبار السن، ومع ضحايا الحروب وهكذا .. لأنهم يكونون في حالة يفتقرون فيها إلى القوة والقدرة على انتزاع حقوقهم مما يؤدي إلى استغلالهم من قبل ضعاف النفوس والأشرار.
أيضاً ربما كان تعاطفنا مع الشخصية هو نتاج تصوراتنا أن الضعيف هذا مظلوم وأننا يجب أن نقف معه ونسانده حتى نكون على حق، ولأننا ربما وقعت علينا مظلمة جعلتنا نشعر بقرب هذه الشخصية منا، ووصول معاناتها إلى قلوبنا فنسارع إلى التعاطف معها، فلا يشعر بالضحية أكثر من ضحية أخرى .
يحاول الكتاب دوماً ابتكار المحتوى الذي يلمس روح المشاهد لجلب اكبر عدد من المشاهدين لذا يستخدمون المشاعر الإنسانية الجياشة التي تلمس روح و جوهر المشاهد من خلال التلاعب في مشاعرهم عن طريق إظهار جوانب عاطفية لشخصيات المسلسل يميل البشر في الحقيقة لإخفاءها. لا أعتقد أن هذه الإجابة كافية و لكنها تقنعني احياناً بعض الشيء. ما رأيك؟
التعليقات