Yahya Issa

27 نقاط السمعة
2.46 ألف مشاهدات المحتوى
عضو منذ
4

معرفة حجم الذات

إن الإنسان ومهما كان ما يختزنه في ضميره من حقد وكراهية تجاه شروط عيشه، فهو في مختصر التحليل، وليد تلك الشروط، بل نتيجة لها، ولعله كان سببا فيها أيضا، لا يمكن للبعوضة أن تنتقد المستنقع من أعلى، ولا يمكن للدودة أن تنفر من الجيفة..إن معرفة حجم الذات إذا أمر حتمي مهما التوت الطرق والمسالك في دروب الحياة، وتبدأ تلك المعرفة بالتسليم أن الفراشة لا تخرج من جثة ...
3

مصيدة

لست مهتما بأي شكل من أشكال ادعاء الثورية والنضال، يقبع داخل كل كاهن ثوري دكتاتور مكبل بقيود الانفعالات والتجارب البافلوفية المباشرة، وسرعان ما يتحول بعد الخطاب إلى قرد مهووس بالأنا. غير أني كلما نظرت إلى وجوه خمسين طفلا-ضحية في مقتبل العمر يؤمنون بيوتوبيا الدراسة وبوهم المستقبل، أتخيلهم عبيدا رازحين تحت ملايين الأطنان من الوراثة والصدف السيئة، لا أراني جزءا من أي طبقة أو فئة، ولا أشارك أحدا همومه الوجودية وظروف اقتياته، غير أن لساني سرعان ما يتدلى لأقول لهم عن
3

جيل رخيص

- "سأخبرك بشيء عن هذه العاطفة التي يدعي جيلكم، إنها لا تملأ بطنا جائعا ولا تحفظ عرضا تهتكه الحاجة والمذلة، ولا ترد ضيم الزمان على إنسان حقير يدوسه الأقوياء ويستبيحون حبه كحذاء واسع، وهي عاطفة مزورة، شائعة ومستباحة.  أنتم تنظرون إلى العالم من زاوية مريحة، جيل من الشواذ والراقصات، تربيتم في المواقع والكتب والظلال الوارفة للبيوت والمدارس في كنف الدولة، حتى صار الحديث عندكم عن العاطفة شيئا مسليا مثل شرب القهوة، ثم إشباع خيالكم بسيناريوهات رخيصة عن الأنوثة والرجولة، تتلخص كلها في
3

اليأس الواعي

يوجد بعض العلاج - لأمراض العقل والروح- في اليأس الواعي، لكن ككل دواء، يحمل هذا النوع من اليأس أعراضا جانبية في جوهره: ينتشل الإنسان من سعادة الأوهام، وغالبا يحوله إلى إنسان واقعي مفرط في واقعيته. واليأس الواعي يختلف عن اليأس الانفعالي، إذ يفترض فيه أن يكون اختياربا، وليس رد فعل على فشل اجتماعي أو تجربة حادة، حيث يكون اليائس واعيا بيأسه (الفلسفي) قبل طروء الأحداث وليس بعدها، ولا يشترط اليأس الواعي انفصالا جسديا عن العالم، لكنه يشترط انفصالا نفسيا وعقليا
2

صرصار كافكا

ظلت الحشرة تدور حول البصاق في حبات التراب المبلل ، كيف يبدو الأمر بالنسبة لها، طقسا مقدسا كالطواف حول الكعبة أو سلوكا رياضيا لفقدان الوزن، لعلها تجدب في رقصة روحانية بحثا عن "النشوة" أو أنها حشرة مصابة بمرض عصبي أو خائفة أو فضولية فقط . في النهاية من يعتقد أنه يملك الوعي يصدر أحكاما على من يعتقد أنه لا يمتلكه..الأشجار الحشرات الطيور النساء.. كذلك نفعل مع بعضنا البعض، نصدر أحكاما على من نعتقد أنهم - بشكل أو بآخر - مجرد
2

الشك البيروني

ما يهمني في تاريخ العقائد، ليس بمقدور أي وثيقة أن تؤرخ له أو تكشفه، يهمني نكتار شخصية النبي عيسى ، لحظات انفراده بنفسه، فالبرغم من كوننا جنس من الثدييات تكذب على نفسها لدرجة تصديق ما خلقته من أوهام، إلا أن انخطافات الحقيقة تباغثنا أحيانا. "ماذا لو لم أصلب وأحببت وشربت النبيذ وسافرت وزرعت أشجارا وليغرق العالم في قبضة أحبار اليهود؟". ذلك هو "الإغواء الأخير للمسيح" الذي يهمني، "ما هذه الورطة التي وضعت نفسي فيها لأجل بعضة بلهاء سرعان ما هربوا
1

امتصاص للصدمات

توقع الأسوأ لتمتص الصدمة حين وقوعها، ميكانيزم شبيه بحفاظات النساء لامتصاص الحيض. يعني ذلك التوقع المثير للشفقة أن المرء لازال مرهونا بشكل عاطفي إلى المجتمع والحياة، و في نقطة غامضة ما يستضمر شعورا صوفيا بأن كل شيء سيسير في أية لحظة بشكل جيد، على هيئة ضربة حظ عشوائية أو إحسان غير متوقع من عبث الحياة المقدس، الفوز باليانصيب أو إيجاد كنز أو زواج مصلحة من شخص غني، أو نجاح باهر في مشروع لا يملك درهما لبدئه أو بيع مليون نسخة
1

صناعة التاريخ

إننا لا نجد العزاء الكافي في الجنس، لذلك صنعنا الحضارة عبر كبت الرغبة وتحويلها إلى الموسيقى والمعرفة والسينما والمخدرات. ما نراه في الظاهر قمعا للجسد واقتصادا لفعّاليته، ينظر إليه فرويد على أساس أنّه الحاجة القسرية لصناعة التاريخ، لم تكن الحضارة سوى قدرة الوعي على التحكم في الجسد، وتحويل طاقاته نحو شيء غير طبيعي، شيء يفوق الذات نفسها. هذا التأويل السيكولوجي للحضارة البشرية، لم يتوقّع صاحبه يوما أنّ الحضارة نفسها ستتجاوز الإنسان، ليصبح العماء والنزعة الميكانيكية والتقدم أربابا على البشر، بل
2

صناعة السعادة

"حين تصبح مستعدا للسعادة تشعر أن القطار قد فاتك". الطبيب النفسي سيخبرك أن الحياة هي المستقبل، لا شيء يفوت، لا ضرورة للحزن إن كان بإمكان المرء أن يبدأ مرة أخرى شيئا ما، سيعبث في إفرازات دماغك عبر مخدرات قانونية! مدرب التنمية الأبله سيطلب منك أخذ نفس والتركيز على الجانب الأقل سمكا من الخازوق، شخص آخر يائس سيسدي لك نصائح من باب طرد الملل، ربما لا يعرف لماذا ينصحك أصلا، التلفاز سيخبرك بأنك في حاجة ماسة لمنتوج ما، والسياسي سيخبرك أن
1

تكلم عجوز

كنت في مقهى وكانوا يقتلون الكلاب الضالة بالرصاص، حين نطق عجوز : أنتم تقتلون الكلاب الخطأ.
1

المفتاح

في المساء وجدتُ مفتاحا صدِئًا وحيداً على الطريقْ كان ينتظر أن تعثُري عليهْ .. تمنَّيتُ لو كان لصدري بابٌ أو أنك شعاع ينسلُّ عبر الكُسورْ لأرى ما تبقى من الله والحب في عظامي كنت أمشي كأنَّ الأرضَ لا تنتهي عيناي غارِقتان في السّحابْ تمرُّ عبري الأشجار الميّتةُ ودخان السجائرْ ينسل إليّ عبر الظّلالِ خيطٌ من الذكرى كأنّ نهر القرية يصب فوق عروق يدي مرَّة أخرى تنْسَالُ صور المقابر البيضاء والتين والزيتون ووجهك السّجين يمرُّ عبر كفّي في ذاك الشّتاء تمنيت
1

بروباغاندا محبوكة أم ما يحدث حقيقة

الثلاثي الذي كان حميميا قبل مجيئي المرشد خاميئني ( إيران أمريكا و إسرائيل ) و بالضبط في زمن الشاه محمد رضى بهلوي قبل الثورة الشعبية الإيرانية الذي كان يعد بمثابة إمبراطور إيراني كانت إيران علنا و جهرا ضد كل ما هو عربي مسلم سني كانت يد بيد مع الصهاينة و الامبريالية الامريكية تحيك الألاعيب و تنشر سمها في المجتمعات العربية لإضعافها و السيطرة عليها و على سبيل المثال هنالك لبنان و سوريا و العراق و آخرون الذين ما زالو يعانون
0

ديونيزوس

لست ذكوريا، لكن الرجل كائن ديونيزيسي نبيل، لا يميز بين الفقيرة والغنية والسمراء والبيضاء والمتدينة والملحدة، يفتح سحاب سرواله دون تمييز، في حين تفتح المرأة ساقيها بشكل عنصري بناء على مصلحة ما. لم يكن أمام الرجل الفقير والبشع مخرج آخر سوى اختراع الحب .
0

حجاب من مشاعر

المشاعر هي الشيطان الذي يمنعنا من رؤية الأشياء عارية من الانفعال والألوان والحرارة، إنها العماء الذي يورطنا في أكبر خطيئة، خطيئة أن لا نستفيد من تجربة الحياة ما دمنا موجودين. ما تحجبه عنا المشاعر، هو أن العالم يمكن أن يسير بدوننا، حتى بعد اندثارنا، فنحن بالكاد لا شيء، من ثمة تدخلنا في دوائر الحسابات النفسية الضيقة، ولا ننظر إلى العالم إلا بعيني الرضيع، باعتبارنا المركز، باعتبار الأشياء والكائنات كلها في خدمتنا، الحب بهذا المعنى هو أنانية متطورة، هو مرض الاعتقاد
0

إنكسار

أنظر إلى الأطفال في دهشة خاطفة ، كؤوس بلوية جميلة ، أدرك أنها ستنكسر حثما .
0

خربشات من الماضي

ذات مرة في شهر رمضان، قبيل آذان المغرب بقليل، دخلت في عراك مع جار لذوذ يشبه البرميل. في خضم الشجار باللكمات والشد والركل نسيت سبب المعركة، ما كان يحفزني ساعتها لأحطم وجهه البدين هو أنه كان يضع السم في الطعام لقطط الحي، كان يزعم أنها تأكل حماماته. لكمني في وجهي، ثم ركلته في خصيته وعضضته في أذنه وأذرعنا متشابكة. بدا لي وهو يمسك يائسا بفكي ليبعدني عن أذنه - المليئة بالشحم - مثل قط يموء ويحتضر، لم ينج إلا حين
0

دعاة الاكتئاب

كنت لأقول فقط، بصوت خافت، لدعاة الاكتئاب المجاني - وليس للمرضى بيولوجيا - أن الأمر لا يهم، فالكآبة ليست عرضا مسرحيا ولا أحد يشاهد ليصفق، ولا يجعل الألم من المتألم شخصا يستحق التقدير من أي ناحية، بل معظم الناس لا يأبهون وهم محقون في ذلك، فأزمنة البشر مبلبلة، ونادرا ما تتشابك إذا كانت هناك مصالح معينة، وحتى الأقرباء يتمنون لو يتوقف المرء عن كونه مجرد كيس من البكاء. ثم إن هناك ملذات مجهولة لا تكفي حياة واحدة لفهمها، لم أعرف
0

إعادة العداد للنقطة صفر

الحرب الكبرى على الأبواب، لا أتمنى سوى أن تحدث قبل أن أموت من الشيخوخة أو سرطان الخصية، تحمل هذه الحرب وعدا أخلاقيا وجماليا بأن تكون مدمرة للجميع، ما من شيء أبهج من حرب شاملة تعيد العداد إلى البداية، عكس تلك الحروب الصغيرة المتفرقة التي تطيل عذاب من كان يجب ألا يولدوا.
0

أسافر في الصباح

أسافر في الصباح لأشتري نبتة من المدينة وقنينتين من نبيذ واضعا نظارة لحمرة العين و سياجا لسواد القلب... لأن الليلة (كالأخريات) لم تحمل جديدا يدور رأسي في الفراغ رتيبة هي العبادة دون قلب يناديني الفجر خلف شباك الحديد لا تنم حتى العصر إن الإنسان لفي سكر لعل حادثة سير تنقذني أو اتصالا من صديقة غاضبة أو من الرب كيف حالك ؟ هل تريد شيئا من المدينة؟ قنينة دموع أو مزيدا من القتلى؟ وفي الشارع الرئيسي بعوض الوادي الكبير ينقل لي
0

_صوم_

تحت جلدك يندفع الدم في عروق النحاس الأصفر يجري تحت أصابعي عصارة توت بري وعسل حر رائحة شعرك ونحن صيام صفصاف يابس وقرنفل .. لكي يزهر ما تبقى أمتص رحيق اللبان منك يختلط الأحمر القاني بالحليب شفق وحفلة حب على هاوية العنق . . أنصاف دوائرك المشتهاة كواكب أولى أيام الخلق وعلى ضفاف ثغرك شاطئ قرمزي قارب مثقوب ومجداف تكسر في الليل سنصحو طاهرين كأننا ملائكة لم تعص الرب