لطالما اعتبرت الترجمة فناً لا يتقنه المترجم ويبدع فيه ما لم يكن كاتباً بالدرجة الأولى على صعيد اللغة التي يترجم إليها على أقل تقدير. يمكنك أن تترجم نصاً أكاديمياً أو أدبياً، لكن شتان بين أسلوب صياغتك للمفردات والجمل، وبين أسلوب آخر يحترف الكتابة والتعبير الإبداعي فيعبر عن المعنى نفسه بدقة واحترافية أكبر، أو بصياغة أكثر ابتكاراً وتلقائية حسب نوع النص.

يقول المترجم المخضرم محمد عناني: «يعد المترجم مؤلفاً من الناحية اللغوية، ومن ثم من الناحية الفكرية. فالترجمة في جوهرها إعادة صوغ لفكرِ مؤلفٍ معين بألفاظِ لغة أخرى، وهو ما يعني أن المترجم يستوعب هذا الفكر حتى يصبح جزءاً من جهاز تفكيره... فإذا أعاد صياغة هذا الفكر بلغة أخرى، وجدنا أنه يتوسّل بما سميته جهازه تفكيره، فيصبح مرتبطاً بهذا الجهاز. وليس الجهاز لغوياً فقط، بل هو فكري ولغوي، فما اللغة إلى تجسيد للفكر... بمعنى أن المترجم يُفصح عن عمل كاتبين: الكاتب الأول (أي صاحب النص المصدر)، والكاتب الثاني (أي المترجم)».