البطولة المطلقة لصاحب الشهرة أم لصاحب المهارة؟

كل من يستبعده السوق لا ينفعنا من ناحية المشاهدات وبالتالي لا ينفعنا نهائياً لإنّ هذه صناعة ربحية بالمقام الأول وليست تطوّع وعمل خيري أو غاليري فني غير مُعوّل عليه.

لا يسير الأمر بهذه الطريقة مع البعض، هناك نجوم تنتج أعمال خصيصا لهم ليس لأنهم ناجحون وتحصد أعمالهم الاعجاب والمشاهدات ولكن بسبب علاقاتهم، هناك منتجين ومخرجين يقدمون أعمال خصيصا لزوجاتهم، وهناك أبناء عاملين يحصلون على أدوار لشهرة عائلاتهم ولا يحبهم الجمهور ولا يتقبلهم، ولكنهم مفروضين علينا، الصناعة اغلبها تُدار بالواسطة.

واحدة من معايير الأنتاج التركي هو اشراك الجهور في اختيار النجم مهما كان دوره صغير، يمكن للجمهور أن يختار البطل الذي يشاهده مهما دوره في المسلسل حتى لو كان ظهر في لقطة واحدة في الحلقات التجريبة .

هذا الأمر ليس أساسي عندهم، في بعض الأوقات فقط ونتيجة لتعلق الجمهور بأحد الشخصيات قد يستغل القائمين على العمل الضجة التي تسببها الشخصية فيقومون بإعطائها مساحة أكبر، وهذا لا يحدث دائما، ولكن ما يعجبني في نظامهم أن المسلسلات التي لا تحظى بنسبة مشاهدة عالية يقومون بايقافها، أما نحن فيتم انتقاد العمل فور صدوره حتى انتهائه ولا يوجد أدنى أهمية لآراء المشاهدين، وكذلك في تركيا يعطون الفرصة للنجوم الشباب وغير المعروفين، وأفضل الأعمال في الفترات الأخيرة كان أبطالها شباب ومنهم من كان أول ظهور له على الشاشة ومنهم من كان أول مرة يشارك في بطولة، وقد أثبتوا أنفسهم بجدارة وتصدرت أعمالهم على أعمال نجوم الصف الأول البارزين في تركيا والعالم، وهذا أكبر دليل أن النجاح لا يحتاج لشهرة فقط، من لديه الموهبة الحقيقية سينشهر أساسا.

فالعديد من الذين يطلق عليهم وصف المؤثرين على انستغرام وتيكتوك هم الآن يحملون رمز البطولة في العديد من المسلسلات.

مشاهير التيكتوك مقتحمين اعلانات رمضان وبقوة هذه السنة، والفكرة أنها اعلانات لشركات وخدمات غنية عن التعريف، شهرتها وسمعتها أكبر من المؤثر نفسه، فلا حاجة لهم بأن يستغل وجود هؤلاء المؤثرين على الاطلاق، لو اهتموا قليلا بالتفكير في أفكار مختلفة ومبدعه أكثر عن آخر تطويراتهم وخدماتهم المحسنة أو أي جديد يقومون به ويعود بنفع حقيقي على الجمهور، سيكون التسويق فعالا أكثر والاعلان مميز وسيترك بصمته لدى الناس، أريد أن أفهم حقيقي ما حاجة بنك شهير يتعامل معه أغلبية الشعب لمشهور على تيكتوك؟ حقيقي ما التأثير الذي يعود بالنفع عليهم والذي يتوقعون الحصول عليه!

لا أنزعج من الأمر إذا كان الممثل صاحب البطولة يستحق ذلك بالفعل، أنا أنتقد ممثلين بعينهم يفتقرون للموهبة الحقيقية ويعتمدون على الشهرة والواسطة، انظر لكثير من مسلسلات رمضان هذا العام، ستجد كثير منها تقوم ببطولتها نجمات أجمعت الأغلبية على افتقارهن م للموهبة وتتم صناعة أعمال بأكملها من أجل تلميع صورتهن عنوة في الظهور وإثبات نجومية لا يستحقوها، الأمثال التي قمت بذكرها هم نجوم يستحقون النجاح الذي وصلوا له، عصام عمر نجم مسلسل بالطو عمل كثيرا قبل مسلسل بالطو واستحق دور البطولة فقد أدى الشخصية ببراعة والمسلسل ككل من حيث القصة والأحداث والفكرة نفسها كانت أكثر من رائعة، لذا الشهرة التي حصل عليها كانت مستحقة وترشيحه لدور البطولة في أعمال أخرى مفهوم ومنطقي لا اعتراض عليه.

فإذا أخذ ممثل دور البطولة المطلقة فأعتقد أن ذلك لا يكون مجاملة له أو لأجل واسطة بل لأجل أنه يصلح لملء مكانه ذلك في لحظة زمنية و ظرف مكاني معين.

كيف يا خالد! ألم تسمع عن نجمات يتزوجن بمخرجين ومنتجين يقومون بصنع أعمال كاملة من أجلهن، ولم تشاهد نجوم ونجمات يأخذون دور البطولة بسبب شكلهم وجمالهم فقط، ومشاهير السوشيال ميديا الذين أصبحوا جزء من المعادلة يشاركون في المسلسلات والأفلام وحتى الإعلانات! وأبناء المشاهير ، صحيح ان منهم من يمتلك الموهبة والقبول، ولكن هل جميعهم كذلك؟! هؤلاء لا يأخذون تلك الفرص الذهبية بسبب موهبتهم بل بسبب الشهرة والواسطة، لا حاجة في هذا الزمن لكي يكون الإنسان موهوبا كي ينشهر، أصحاب المواهب الحقيقية هم من يعانون من أجل الحصول على فرصة كي يقدموا أنفسهم للجمهور ويثبتون أنفسهم وهذا لأن الساحة تركز على من لديه سند وداعم أو نجح بدون مجهود يذكر في حصد ملايين المتابعين.

الأمر مزعج حقا، هل أصبح على الجميع الآن أن يصبحوا مشاهير حتى يحصلوا على فرصة لإثبات موهبتهم وأحقيتهم بالعمل! ثم نتفاجأ لماذا هذا الجيل يسعى وراء الشهرة السريعة! ولماذا لن يسعوا لها وهم يرون من حولهم نماذج لأشخاص لا يمتلكون نصف موهبتهم وقدراتهم ويحصلون على كل الامتيازات والفرص التي هم أحق بها!

تمام الجميع يبحث عن الربح وهذا مفهوم، ولكن هل معيار الشهرة هو فقط ما ينجح الأعمال؟ ألا يوجد غيره؟ لننظر لفيلم كان محل ضجة منذ فترة قريبة وهو فيلم الحريفه، فور الاعلان عنه لم يعلم الكثير عنه، ومن علم عنه لم يتحمس له لأن أغلب نجومه شباب وغير معروفين ربما ممثل واحد فقط فيه من كان معروف ورغم ذلك لم يهتم أحد للفيلم، وفجأة قلب كل الموازيين وتفوق الفيلم على أعمال لنجوم الصف الأول وأصبح واحد من أكثر الأفلام من حيث الايرادات في تاريخ السينما المصرية، كيف ذلك؟ سببين أولهم التسويق الجيد، ثانيا شهادة من دخل الفيلم نتيجة التسويق الجيد، العمل أثبت نفسه بشهادة كل من دخله فشجع غيره على مشاهدة الفيلم، وهو ما يثبت أن الشهرة ليست المعيار الوحيد الذي ينجح العمل، العمل الجيد سيثبت نفسه إذا كان القائمين عليه أذكياء.

هم يهتمون بالنجاح والأرباح فقط أتفهم ذلك ولكن من أخبرهم أن النجاح والربح يأتي بتلك الطريقة فقط؟ إذا نظرنا للخارج سنجد أعمال كثيرة حققت نجاحات مدوية وكان أغلب من شارك فيها مازالوا غير معروفين أو مشهورين بالدرجة الكافية، هناك نجوم صف أول تفشل أعمالهم فشلا ذريعا ويتعرضون لكم من السخرية والانتقاد رهيب جدا، فلم تكن أبدا الشهرة هي معيار نجاح أي عمل، عوامل النجاح كثيرة جدا، هم فقط يفتقرون للابداع والموهبة الحقيقية ولا يجيدون تقديم أعمال ترتقي لعقل ومنطق أي إنسان. حجة البليد كما نقول.

الأمر نفسه ينطبق على فكرة ان الفئات الاجتماعية التي تشملها المسلسلات العربية (خاصة اللبنانية) هي الفئات الثرية ولا تغطي الفئات الاكثر فقرا والمهمشة. هذه أيضا أعدها من صمن الثغرات في الدراما العربية.

بالفعل الصورة النمطية التي يعطيها الفن عن بلاده من خلال تبنيه دائما لأعمال وقضايا مستهلكة تساهم في نقل صورة مغايرة عن طبيعة هذا البلد تماما، مصر كذلك على سبيل المثال يظن الكثير خارجها أنها لا توجد بها سوى مناطق عشوائية وفقيرة، لأن السطحية التي تتعامل بها الأعمال جعلتها ترتكز على تصوير تلك المناطق وبمبالغات كثيرة عن الواقع، مما يخلق للمشاهد انطباع بأنه لا يوجد في هذا البلد سوى ما شاهده خلال أعمالها، وفي مثال عكس ذلك هناك تركيا التي دائما ما تهتم كثيرة بالصورة التي تعرض بها البلد في مسلسلاتها، حتى في فواصل ما بين المشاهد تعرض مناظر لأجمل المناطق لديها، وجميعنا كنا منبهرين بجمال تركيا بسبب مسلسلاتها، لدرجة أننا شعرنا بأنها لا تحتوي على أي مناطق عشوائية، رغم أن الواقع عكس ذلك.