ما زلت أتابع هذا المسلسل الرائع "black mirror" اليوم يستعرض بحلقة من حلقاته إمكانية سحب ذاكرة المتوفّى مستقبلاً من الشخص وإيداعها كاملةً روبوت، لا أعتقد بأنّ المستقبل يحمل لنا أفكار أحلى وأجمل من هذه! أن نستطيع يومياً بأن نتناقش ونحكي ونراقب روبوتاً يتصرّف وكأنّه ابني الذي مات أو زوجتي أو أمي وأبي.

كيف ستستقبل هذه التقنية فعلاً إذا ما تمّ اعتمادها فعلاً في الحياة؟

برأيي أنا على الأقل سأكون ممتناً لهذا الأمر، لا أجد عزاء أكبر من أن نرى محبوبنا وقريبنا أو صديقنا يتمثّل أمامنا بذاكرته وقصصه وتفاعل الروبوت المشابه لتفاعل المتوفى مع الموضوعات المبني على ذاكرته السابقة، هذا الامر سلوان رهيب بالنسبة لي، أكاد أن أحسد الأجيال القادمة على رفاهيّتهم المطلقة في هذه الأمور وأحاول تخيّل إمكاناتهم وكيف يمكن أن يطوروا أيضاً هذه التجربة.

بالتأكيد هناك الكثير من الأشخاص قد يعترضوا على الأمر، سيأتي أحدهم ويقول هذا الأمر بارد ولا يليق بالإنسان والعلاقات الإنسانية دون أن يتفهّم بأنّ هذه الأداة ليس إلا طريقة لعزاء أقارب الشخص، لتخفيف مصابهم، إنهم لا يجعلون الميّت حي يرزق بهذا الأمر، بل يأخذون مصيبتهم على مهل، الفقد المفاجئ فقط صعب ومؤلم.

وهناك من سيطرح مسألة الخصوصية التي لا أرى لها أي محل في هذا الحديث، هل للميت خصوصية؟ نهائياً برأيي، كل خصوصيته تنتهي بموته، وحتى ولو كانت الخصوصية في هذا الموضوع أمراً مطلوباً فالأهم هنا هو عذاب الأهل، الأولوية لهم ولهذا أشعر بأنّ استخدام تقنية كهذه مستقبلاً أمر يجب أن لا يقابل بالرفض منّا نهائياً وخاصة تحت بنود أخلاقية، وأنت ما رأيك بالأمر؟ كيف ترى الموضوع وتقيّمه؟