انتبهت منذ فترة، أو بالأحرى نبهني قريب لي إلى كوني لا أحب طلب المساعدة من أحد، وأفضّل أن أعتمد على نفسي بشكل كلي، بينما العلاقات خُلقت للمساعدة وتقديم العون، وعلينا استغلال ذلك. بدا لي كلامه منطقيًا، وحين أدركت السبب أصبحت أجبر نفسي على طلب المساعدة رغمًا عني.

ربما نتهرب من طلب المساعدة لأننا نخشى الظهور بمظهر الضعفاء، أو ربما لأننا تعودنا منذ الصغر على الاعتماد على أنفسنا كعلامة قوة ونجاح. وفي مجتمعاتنا، يُنظر أحيانًا إلى طلب المساعدة على أنه نوع من الاستسلام أو العجز، مما يدفعنا إلى بناء جدران من الاستقلالية التي قد تكون أحيانًا حاجزًا أمام تواصلنا الحقيقي مع الآخرين. لكن، في الواقع، حينما نتأمل في الأمر، نجد أن الاعتماد على الآخرين يمكن أن يكون جزءًا من عملية النمو، وليس بالضرورة دلالة على الضعف. فالعلاقات الإنسانية تقوم أساسًا على العطاء المتبادل، وبذلك يكون طلب المساعدة خطوة نحو تقوية هذه الروابط.

ولكن، كم مرة تمنيت لو بحت بمشكلتي لأحد واستندت عليه في لحظة ضعف، وكم مرة مررت بمواقف صعبة كنت أحتاج فيها مجرد كلمة أو دعم عابر؟ أعتقد أن معظمنا يمر بهذه اللحظات، لكننا نفضل الصمت أحيانًا خوفًا من أن نظهر أمام الآخرين في صورة "غير الكُفء". والأمر لا يتعلق فقط بالحفاظ على صورتنا الذاتية أمام العالم بل أحيانًا يتعلق كذلك بمواجهة مشاعرنا الداخلية حول مدى قدرتنا على التحمل والنجاح بأنفسنا.

وهنا يظهر سؤال مهم: هل نحن فعلاً بحاجة لإعادة النظر في فكرة "أنا أستطيع بمفردي"، أو أن هناك قيمة حقيقية في تعلم كيفية طلب الدعم ومشاركة الأعباء مع من حولنا؟