الذي يُعاني نفسيًا عاطفيًا، لا يعاني فقط في دماغه، بل تظهر أعراض مرضه النفسي على جسده، طريقة حمله للجسد والتنفس، طريقة الجلوس والنوم، طريقة هضمه للأكل وحتّى تعامله مع التمارين الرياضية.

في كتاب The Body Keeps The Score يحثّ الكاتب والطبيب النفسي فان دير كولك على الاهتمام بالجسد في العلاجات النفسية، ويؤكّد على أنَّ أخذ الجسد على محمل الجد سيفتح آفاقًا جديدة في التشخيص والعلاج. 

بدلًا من محاولة التركيز على مشاكل الدماغ، من خلال العلاج الكلامي أو الدوائي، ينصح فان دير كولك أن يُنظر للجسد كلّه على أنّه لوحة من النتائج للتجارب العاطفية التي مرّ بها مالكه. 

يضرب أيضًا مثلًا لطفل تربّى عند والدين غاضبين دومًا، يُعنّفانه ولا يُحسنان مُعاملته، سيتعلم هذا الطفل حتّى بلوغه أن يكبت أحاسيسه، يحاول أن يحقِّق للآخرين ما يُريدونه من غير صراع، والأهم من ذلك يكون جسده قليل الحركة، في حالة جمود.

عقل هذا الشخص تعلَّم أن يربط التعبير عن الجسد بأحداث حدثت له في الماضي، يُعلّمه أن الحركة الكثيرة قد تدفع الآخرين لتعنيفه. 

ستجد هؤلاء الناس يجلسون بطريقة جامدة ومتصلّبة، ولا يمارسون الرياضة وليس لذلك علاقة بالكسل.

ينصح فان دير كولك هؤلاء الناس بأن يُجرِّبوا الرياضات التي فيها حركة وتعبير جسدي، مثل الركض والسباحة والكاراتيه، هذه الرياضات ستكون بمثابة تعبير من الشخص عن أحقيّته في عيش حياة مستقلّة من دون أن يتعرَّض له أحد.

هذه الرياضات تُساعد أيضًا في ايجاد التوازن بين أهم مشكلتين تواجه مثل هذه الفئة من الناس، وهما طرفي نقيض، فتارة يكونون متنبّهين لأقل احساس وحركة خارجية، وتارة يكونون منطوين على أنفسهم، جامدين لا يقوونَ حراكًا.