فان كوخ، بالطبع الكل يعرف هذا الرسام المبدع، وأغلبنا يعلم كيف انتهت حياته بالانتحار. لمن لم تتسنى له الفرصة لرؤية رسومات فان كوخ، فهي رسومات ذات طابع عميق ساحر، نجلس ونسرح في جمالها، والبعض منها يظهر فيها البؤس الشديد، التي رغمًا عنّا تشاركنا مشاعر الحزن.
على الرغم من عدم وجود إمكانية لإجراء تشخيص نهائي لحالة فان كوخ، إلا أن بعض العلماء استنتجوا أنه وفق الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM IV، بالإضافة إلى تحليل بعض رسائل فان كوخ، فإنه قد عانى من اضطراب ثنائي القطب.
الأمر لا يتوقف عند فان كوخ فقط، لننتقل إلى حالات أحدث مثل الكاتب إرنست همنغواي الحاصل على جائزة نوبل عام 1954م الذي توفي أيضًا عن طريق الانتحار عام 1961م، كان يعاني من اضطراب ثنائي القطب. ننتقل إلى الحقبة التي نراها الآن مثل فان دام، وميل جيبسون، وغيرهم كثيرون يعانون من هذا الاضطراب، فهو عند حوالي 2.5% من الشعب الأمريكي.
اضطراب ثنائي القطب هو اضطراب نفسي يسبب تغيرات حادة في المزاج والطاقة ومستويات النشاط والتركيز والقدرة على القيام بالمهام اليومية. أحيانًا نشعر أكننا فوق قمة العالم من السعادة قبل أن ننغمس إلى سابع أرض من الاكتئاب، وأنا دقيق في هذا الوصف.
ينقسم هذا الاضطراب إلى دورات، حوالي من دورتين إلى ثلاث دورات في العام، وتتكون الدورة الواحدة من:
فترة الهوس التي نشعر بها بالانتشاء والارتياح، لا نشعر بالحاجة إلى النوم، نفقد الشهية، نشعر أن أفكارنا تتسابق من كثرتها وإبداعها، نعتقد أننا نستطيع القيام بالكثير من الأشياء في آن واحد، القيام بأعمال محفوفة بالمخاطر وسوء تقدير للأمور، وأخيرًا الشعور بأننا غير عاديون نملك هذا العالم وما فيه بسبب القوى التي لدينا.
فترة الاكتئاب نشعر بعكس ذلك تمامًا من حزن وإحباط، نجد صعوبة في النوم أو الاستيقاظ مبكرًا، تكون شهيتنا مفتوحة ونزداد في الوزن، نجد صعوبة في التركيز واتخاذ القرارات، لا نستطيع حتى القيام بالأعمال البسيطة، نفقد الشغف في معظم الأشياء، نشعر بأننا لسنا ذو قيمة، ونفكر في الموت كثيرًا والانتحار. مدة تلك الدورات تختلف من شخص إلى آخر، وينقسم المرض إلى أنواع على حسب شدة فترات الهوس والاكتئاب.
المسبب الأساسي لهذا الاضطراب غير معروف حتى الآن، لكن هناك عوامل تؤثر على حدوث ذلك، وغالبًا لا دخل لنا بها. منها العامل البيولوجي حيث وجد العلماء أن الذين يعانون من هذا الاضطراب لديهم تغييرات في الشكل الطبيعي للمخ، لكن الارتباط الأساسي بين تلك التغيرات والاضطراب مازالت تحت الدراسة. هناك عامل جيني أيضًا لأنهم وجدوا ارتباط وراثي للاضطراب ممكن أن يكون الجد مصاب والأب مصاب والابن مصاب، لكن أيضًا لم يكتشفوا الجينات التي ترتبط بشكل مباشر مع الاضطراب.
هل تعتقدون أن اضطراب المزاج مقتصر فقط على اضطراب ثنائي القطب أم أنه شعور وارد أن يحدث؟ وإذا تعرضتم لمثل هذه المشاعر، كيف تتعاملون معها؟
التعليقات