**الجمعة، 25 أكتوبر 2024، الساعة 19:38**

بينما أستمع إلى بودكاست عن التغيير وتحقيق السعادة، أتجول ذهابًا وإيابًا في غرفة معيشتنا الواسعة، مسجلة خطواتي عبر تطبيق خاص. استعنتُ بهذه المساحة عوضًا عن السطح الذي اعتدت المشي فيه ليلاً، حيث بات الطقس غير ملائم. كنتُ غارقة في أحلامي، أبحث عن سعادة أتوهمها في ما قد أحققه، إذ فجأةً شع ضوء قوي من النافذة، تبعه صوت رعد. هرعتُ إلى النافذة وفتحتها تزامنًا مع سقوط المطر، ورائحة الأرض العطشى التي غابت عنها قطراته لوقت طويل.

ابتسمتُ؛ ابتسامة امتدت على وجهي لأول مرة منذ مدة، ربما لأنني كدت أنسى آخر مرة ضحكت فيها. راقبتُ هذا المنظر المهيب، بينما يتحدث البودكاست عن السعادة وطرقها المادية: المال، الرشاقة، السيارة… وتساءلتُ: كيف أبهجني هذا المشهد العفوي أكثر من سعيي الدائم نحو امتلاك أشياء مادية؟ تذكرت كيف خاب ظني بعد فترة من تحقيق هدفٍ ظننته سيُسعدني إلى الأبد.

أليس من الممكن أن نجد السعادة في الأشياء البسيطة من حولنا؟ كسقوط المطر، أو رؤية الأطفال يلعبون، أو مسح رأس طفل صغير، كأثر كلمة طيبة تُسعِد القلب، كنسمات الصباح الباردة، أو مشي هادئ تحت المطر، أو كتاب جيد وفنجان قهوة مع قطعة حلوى. لماذا نربط السعادة دومًا بالأشياء التي لا نملكها، ونعجز عن الاستمتاع بما هو بين أيدينا؟

استعدتُ في ذاكرتي مقولة سمعتها في فيلم كرتوني؛ كانت تتحدث عن سمكة سألت أمها عن "المحيط" الذي ترغب في العيش فيه. أجابتها الأم بأنها بالفعل في المحيط، لكن السمكة الصغيرة نظرت حولها وقالت: "هذا محيط؟ هذا مجرد ماء. أنا أبحث عن المحيط."

ربما نحتاج جميعًا إلى إعادة النظر في مفهوم السعادة، فقد تكون أقرب مما نتصور.

---