عندما كنت صغيراً في الإعدادية في مراحلها الأولى، أحببت أن يكون خط يدي جميلاً مثل خط يد صاحبيً. ولذلك رحت أجمع من الأقلام الكثير مما يجمل به خطي . قلماً تلو قلمٍ وخطي كما هو! راكمت أقلاماً كثيراً ثم إني رحت أبحث عن كراسات ذات ورق غير لامع بحيث لا يجري فوقها أسنان أقلامي كي تتحكم فيها أناملي أكثر وأكثر. غير أنً خطي ظل كما هو غير جميل وأنا غير راض عنه! هنا أنا ألقيت بالتهمة على الأقلام وكراساتي ولم أفكر في أناملي أنا!! لم أتهم قدراتي؛ لم أنتبه إلى أن الخطأ قد يكون في أصابعي أنا التي تخط بالقلم فوق الكراسات!! كان علي أن أتذكر المثل " الخايبة تغلًب النجار و الشاطرة تغزل برجل حمار"!
مثالاً آخر طريفاً بعض الشيء. كان هناك رجل في محيطي أعرفه يعمل نجاراً. راح يجرب حظه في العمل بتركيب السراميك. ذهب معه ابنه في أول بيت يعمل فيه. راح يضع البلاط على الأرض وسارت الأمور في أول الأمر طيبة. ثم راح صاحبنا يركب بلاط الحمام والمطبخ. أخذ يضع البلاط فوق بعضه فلا يستقر. كان البلاط لا يكاد يثبت حتى يهوي إلى الأرض! راح صاحبنا يجرب مرات عديدة حتى أعياه الامر. مسح عرقه ونادى صاحب البيت وقال: يبدو أن البلاط فيه مشكلة...البلاط ملتوي غير معتدل!!
هنا صاحبنا يكاد يلقي باللائمة على كل شيء إلا نفسه وإلا يديه!! الامر هنا ليس من قبيل " عنزة وإن طارت" بل إنً صاحبنا، وأنا قبل منه، غفلنا عن أنفسنا حقيقةً ولم نتهم أنفسنا بل اتهمنا كل شيء إلا أنفسنا! هناك من النفسانيين من يفسر ذلك بما يعرف ب"تحيز التأكيد “Confirmation bias وتفسير " آليات الدفاع عن النفس Self- defense mechanisms".
هل مرت بكم تجارب مشابهة؟ وهل التفسيران السابقان مقبولان؟ لماذا جهازنا النفسي يقوم دوماً بإحالة الخطأ على الأشياء أو الغير؟ لماذا خُلقنا على هذا النحو؟
التعليقات