أهي غرابة أطوار أم جنون أم مجرد تقلب مزاج ؟

 أتحدث عني عن نفسي التي تاهت وأخدتني على حين غفلة فتهت معها ، كم غريب كم الآلام ...التشنجات ...الصعاب والمعضلات التي تحدث لي في غضون الساعة والتي تليها كالعادة سلسلة بكاء طويلة وسخط على الذات ،والتي ما أنفك أعيشها بكل كياني مستمتعة بكرهي لا لأحد سواي .. ماالذي يجري بعدها ؟ هل أستمر في البكاء والكآبة ونكران جميل الذات ؟

 لا ياصديقي دقيقة تحسر واحدة تكفيني وتغنيني عن هذا لأنهض بعزيمة وثبات كمن ينوي أن يحرر الصحراء من يد العدو المستبد الذي سلبه أغلى ما يملك ... وطنه وأحلامه ، على تخليص نفسي بالرقص والغناء بل وبالضحك الهستيري أحيانا،  وكل ماطاب لشخصي دون سبب محدد .. فينقلب نكران جميل الذات هذا إلى عملية استراتيجية تتضمن في مشاريعها استثمارين رئيسيين أحدها ناجح والثاني مخفق لا محالة .. فأما الأول فهو التجاهل بحجة المثل القائل أن دوام الحال من المحال .. وأما الثاني فهو النسيان .. يقولون أن النسيان نعمة كما تعودنا السماع، لكن لا النسيان ليس نعمة قدر كونه نقمة ، فمن ينسى من مد له يد الغدر إذن ،لا نفع فيه ذلك لكونه يهدر وقته بتسمية نفسه المسامح الكريم ! ولن يدرك هذا إلا بعد أن يكرر الخائن فعلته به مرة ثانية .. فينكسر فؤاده ويفقد روحه القديمة ..

 ستقولون لي أن التجاهل هو نوع من أنواع النسيان فأقول لكم لا وألف لا ، التجاهل يعني المسامحة في الظاهر لوجه الله لكن القلب لم ولن يسامح من آذاه يوما ..فالقلب يترصد الوقت المناسب ، ينتظر أن يدور الزمان ويرى ما فعله فيه الذي كان يظنه صديقا لا بل حبيبا يذوق مرار فعلته رويدا رويدا وعلى مهل شديد ..صحيح أن المتجاهل يؤمن بأن الله يمهل لكنه يؤمن أيضا أنه لا يهمل .. المتجاهل صبور .. المتجاهل غفور .. المتجاهل فريد .. المتجاهل سعيد .. سعيد رغم ما كابده من عناء ليرتقي إلى هذه المرحلة من التجاهل ..فالتجاهل فن يصقل ويتطور بتكرار التجارب ووعي الشخص بأن الحياة ماهي إلا امتحان عليه أن يخوضه وحده فلا مجال للغش ولا للارتجال ...