كيف يمكن لموظف أن يطوّر مهارة إجراء حوارات مثمرة؟

عموما سأنصحه بأن يفهم أهمية قدرته على اجراء حوارات مثمرة في العمل كبداية. لأنه غالبا ما يكون السبب الرئيسي لعدم اهتمامه بذلك الجانب من شخصيته في العمل هو أنه لا يرى له أهمية، طالما ينجز المهام المطلوبة منه فهو يؤدي ما عليه وانتهى الأمر. لذلك يجب أولا أن يعلم أهمية ذلك الجانب في تطوير مساره المهني وحينها سيبدأ هو نفسه في البحث عن طرق لتقوية ذلك الجانب.

لكن بغض النظر عن ذلك، لدي سؤال آخر وهو طالما أن الشركة تحتاج تلك القدرات التواصلية، فلماذا لم تختبرها عند قبول الموظف من البداية؟ واذا علموا أنه لا يمتلكها فلماذا يتفاجأ المدير الآن؟

Listeneing is the key

أن يستمع للناس وينصت لهم أكثر ويظهر لهم إهتماماً لأن هذا السلوك يشير إلى عدم إهتمامه بالناس ولا بحديثهم، وإن كان الأمر سيكون مفتعلاً فى البداية ولكنه مع مرور الوقت سيصير إهتماماً طبيعياً تلقائياً.

نصيحتى له أن يستمع للناس وهى تتحدث عن نفسها وماتحبه وعن إنجازاتها فأى أحد يحب أن يسهب ويسترسل فى الحديث عن أنفسهم لأن الإستماع سيعطيه فرصة كبيرة لفهم الناس من حوله ومن ثم التعلم منهم كيف يديروا حوارات مثمرة بناءاه، والإستماع أيضاً سيكون بمثابة وسيلة لفهم مايخبره به مديره أو زملاءه ليتمكن من الإجابة وإذا كانت ردوده سيئة ومزعجة فأنصحة ألا يرد على الناس سريعاً بل يضع فى عقله أمرين قبل أن يجيب الأول حُسن السلوك Good attitude كيف يتصرف بشكل مهذب وجيد، والثاني أن يفهم المطلوب بشكل جيد وإن لم يكن يفهمه يسأل عنه أو عن كيفية تنفيذه.

تعرف لو بيدي لكنت اخذته للعمل معي، فأنا لا أرى هذا عيب على الاطلاق، أنت تقيم قدرات التواصل لو هو مسؤول تنسيق أو علاقات عامه أو كول سنتر أو من فريق دعم أو استشارات أو مدير اجتماعات، لكن طالما المشكلة مقتصرة على الردود البديهية فيبدو أنها مشكلة حياتية لا علاقة لها بنقص مهارات العمل.

وبالمناسبة واجهت مثلها مع موظفين جدد كانت الأزمة أنهم لم يندمجوا معنا بعد، بعد محاولات عديدة لكسر الجليد وتقوية الروابط أصبحت الأمور أفضل، وبصراحة من العيب أن يشتكي الزملاء مستجد لأنه لا يجيد الرد

أظن أن المشكلة ليست في عقلية الموظف بقدر ما هي في فهمه لمعنى "الفريق".

أرى هذا الموظف كلاعب محترف في رياضة فردية، تم وضعه في وسط فريق جماعي. هو سريع، ويسجل نقاطًا بمفرده (ينجز مهامه)، لكنه لا يمرر الكرة أبدًا!

وماذا يحدث عندما لا يمرر اللاعب الكرة؟ الفريق كله يتوقف، واللوم لا يقع عليه وحده، بل على النتيجة النهائية التي يخسرها الجميع..

الحل ليس في إلقاء اللوم عليه، بل في إعادة تعريف "قواعد اللعبة" له.

لو كنت مديره، سأجلس معه وسأقول له: "نحن نقدر سرعتك وذكاءك، لكن مقياس النجاح هنا ليس 'كم أنجزت'، بل 'كم ساعدت الفريق على الإنجاز'."

نصيحتي العملية له بسيطة: قبل كل حوار، اسأل نفسك سؤالاً واحداً: "كيف أجعل فكرتي مفهومة للطرف الآخر ليستطيع البناء عليها؟" بدلاً من "كيف أثبت أني على حق؟".

هذا التحول البسيط في التفكير (إذا أقنعناه به) قد يغير كل شيء، فهو يحوّله من "نجم معزول" إلى "صانع فرص" حقيقي في الفريق.

وإن كان يوجد بعض الأشخاص الذين لا يمكنك تغيير أسلوبهم نظرا للطريقة التي تربوا بها أو لظروف مرت بهم، وأنا شخصيا لدي شريك في شركتنا الناشئة بهذه العقلية! واحزر ما تخصصه؟ نعم، إنه "المبرمج" الذي بنى الكود من الصفر..

كان لي زميل مهندس يعاني من نفس المشكل

مع العلم انه يعمل عن الفريق كاملا ولا يتأفف متفاني في عمله لابعد الحدود وهو قلب القلب للعمل الذي ننجزه ولكن لا يحسن التعامل مع المدير ولا حتى مع مساعديه وقمنا بنصحه كثيرا ولكن دون جدوى وفي النهاية تعودنا عليه وهو لم يتغير ،ونحن من استوعبناه

نصيحتي أن يدرك أن المهارات الاجتماعية لا تقل أهمية عن الذكاء والمهارات الفنية في بيئة العمل بل قد تكون أحيانًا هي الفاصل بين النجاح والفشل من المهم أن يتعلّم التعبير عن أفكاره ومواقفه بطريقة هادئة وواضحة وأن يستبدل الردود الحادة أو الصمت بردود تفتح باب الحوار مثل أن يقول أنا أحتاج وقتًا أطول لهذه المهمة أو أواجه صعوبة في هذه الجزئية وأحتاج مساعدة الأمر يحتاج إلى وعي وتدريب بسيط لكنه يصنع فرقًا كبيرًا.

معالجة ضعف الأداء عبر تحسين بيئة التواصل والتعلم

في بيئات العمل، قد لا تكون النصيحة المباشرة الوسيلة الأكثر فاعلية لتحسين أداء الموظف الجديد، خاصة إن كان يعاني من ضعف ظاهر في التكيف أو الإنجاز. من بين الحلول المقترحة في مثل هذه الحالات، تنظيم دورة تدريبية في التواصل الفعّال والعمل الجماعي. فغالبًا ما يكون التراجع في الأداء نتيجة الخوف، أو غياب المعرفة الأساسية، أو الجهل بالسياسات الداخلية للمؤسسة. وقد تُفاقم المشكلة إذا تمت معاملة الموظف الجديد كما لو كان من أصحاب الخبرة، مما يضعه في موقف غير متكافئ مع زملائه.

ينصح، في مثل هذه الحالات، بجعل الموظف الجديد في موقع المراقب بدلًا من الفاعل. أي أن يُرافق موظفًا أقدم منه، ويتولى مهمة إعداد تقرير مفصل عمّا تعلّمه من فترة الملاحظة. هذا الأسلوب يتيح له التعرف التدريجي على بيئة العمل، دون تعرّضه لضغط الأداء المباشر.

وفي حال بدا أن الموظف يفتقر إلى الانضباط، فلا ينبغي اللجوء مباشرة إلى العقاب، إذ أن العقوبات في هذه المرحلة تكون غير مجدية، بل وقد تكون غير عادلة، خاصة إن كان هناك توجه ضمن الفريق لتشكيله وفق مصالح خاصة، لا وفق معايير المؤسسة.

أتذكر في إحدى المهام، والتي كنت مسؤولًا فيها عن تقديم جلسة تعريفية لأي موظف جديد — سواء متدرب أو عامل تابع لشركة خارجية — كنت أشرح فيها الهيكل التنظيمي للمؤسسة، حقوق وواجبات العامل، المخاطر المرتبطة بطبيعة العمل، وطرق الوقاية منها. أما في ما يخص المخالفات، فكنت أمارس سلطتي بحزم وفق معايير واضحة، وليس وفق أهواء المشرفين أو ضغط الزملاء.

حدث ذات مرة أن تقدم إليّ أحد السائقين الجدد بشكوى مفادها أن مشرفه يطالبه بالقيادة بسرعة تفوق المسموح بها. وعند مراجعتي للسرعة التي يقود بها، لم أجد أي مخالفة. فطلبت منه ببساطة أن يبلغ مشرفه: "إذا أردتني أن أزيد من سرعتي، فليخاطب المسؤول مباشرة". بذلك، عالجنا الموقف جزئيًا، خاصة بعد تكرار الشكوى بشكل مشابه على سائق آخر، اتُهم زورًا بأنه "يؤخر العمل"، في حين كان ملتزمًا بالقوانين. هذه الحوادث كشفت عن خلل في آلية جمع وتحليل المعلومات.

فمن المهم إدراك أن شكاوى الموظفين، وإن بدت موضوعية، قد تخفي خلفها دوافع أخرى، مثل الرغبة في التأثير على بيئة العمل لصالح طرف معين، أو فرض أسلوب أداء معيّن.

ولكي يكون التواصل فعالًا، فلا بد من توفر العناصر التالية:

1. المرسل: أحد أفراد الفريق الذي يصدر التعليمات.
2. المستقبل: الموظف الذي يتلقى التوجيه.
3. الرسالة: تعليمات أو توجيهات، سواء كانت شفهية أو مكتوبة.
4. فك الشيفرة: مدى فهم الرسالة بلغة ومصطلحات مشتركة.
5. قناة التواصل: وسيلة الإبلاغ مثل الحوار المباشر، الهاتف، أو البريد الإلكتروني.
6. الاستجابة: التصرف أو الرد الصادر عن الموظف بناءً على ما تلقاه.

إن اختلال أي من هذه العناصر يؤدي إلى ضعف التواصل، وبالتالي إلى نتائج غير متوقعة. فقد يكون الإشكال في المرسل الذي لم يحدد المطلوب بدقة، أو في غموض الرسالة، أو في عدم توافق الطرفين لغويًا أو ثقافيًا، أو في استخدام وسيلة تواصل غير مناسبة.

من هنا، علينا اختبار هذه العناصر عنصرًا تلو الآخر لتحديد مكمن الخلل. فقد يكون الحل بسيطًا، كاستخدام وسيلة تواصل مختلفة، أو توضيح المصطلحات، أو حتى إعادة صياغة المطلوب بشكل عملي.

لو كنت سأتحدث معه، فلن أبدأ بإلقاء النصائح، بل سأفتح معه حوار: "لماذا تبدو دائم الصمت؟ ما الذي يمنعك من الحديث مع زملائك؟ هل هناك ما يزعجك؟ هل تخشى من ردود أفعالهم؟ أم أن هناك شيء في بيئة العمل يجعلك غير مرتاح للتواصل؟" أحيانًا، الشخص لا يحتاج من يخبره كيف يتحدث، بل من يسأله لماذا يصمت. البدء بفهم الحاجز هو أول خطوة لتجاوزه، ومن هناك يبدأ الحوار الحقيقي، لا بالتقنيات، بل بالاحتواء.