تميل الشركات الناشئة إلى التركيز على التهديدات الخارجية مثل المنافسة الشرسة، تغيرات السوق، وحتى نقص التمويل. لكن ماذا لو كانت أكبر تهديدات الشركات الناشئة تأتي من داخلها؟ البيئة التنظيمية السامة – وهي بيئة عمل تسودها الصراعات الداخلية، ضعف التواصل، غياب الشفافية، والقيادة المدمرة – قد تكون القاتل الصامت حتى لأكثر الأفكار إبداعًا.

الشركات الناشئة بطبيعتها تعتمد على الابتكار وسرعة التنفيذ. لكن عندما تتحول بيئة العمل إلى ساحة للصراعات الشخصية، وحين يصبح الخوف من التعبير عن الرأي أقوى من الرغبة في الإبداع، فإن عجلة النمو تتوقف. يتباطأ اتخاذ القرارات، تتضاءل الثقة بين أعضاء الفريق، ويصبح كل موظف في عزلة، يعمل لحماية نفسه بدلاً من التركيز على الهدف المشترك.

تخيل شركة ناشئة تدخل السوق بأفكار ثورية في مجال التكنولوجيا الخضراء. الفريق يمتلك الخبرة، والمنتج واعد، ولكن القيادة تعتمد أسلوب متسلط يكمن فى قرارات تؤخذ من دون استشارة، وملاحظات الموظفين تُقابل بالتجاهل، وتُزرع ثقافة البقاء للأقوى بين الفريق.

البيئة التنظيمية السامة لا تقف عند حدود فقدان المواهب أو تدهور الإنتاجية؛ إنها تمثل قيد على روح الابتكار نفسها. عندما تتحول الاجتماعات إلى منصات لإلقاء اللوم بدلاً من العصف الذهني، وعندما يصبح الموظفون عاجزين عن التعبير خوفًا من العواقب، فإن الفكرة الأساسية للمشروع – مهما كانت قوية – تفقد قدرتها على النمو.

وربما السؤال الحقيقي الذي يطرحه هذا الواقع هو كيف للشركات بناء ثقافة تنظيمية إيجابية للموظفين؟