في عالم يتسارع بوتيرة غير مسبوقة، أصبحت "ساعات العمل المرنة" كلمة السر في أغلب بيئات العمل الحديثة. لا مزيد من الجرس الذي يرن في التاسعة صباحًا، ولا طوابير تنتهي عند أجهزة البصمة. الفكرة ببساطة "اعمل متى تشاء، لكن سلّم المطلوب منك بأعلى جودة".

هذا التحوّل لم يكن مجرد رفاهية، بل استجابة ذكية لعصر أصبح فيه مفهوم الإنتاجية مرتبطًا بالكفاءة لا بعدد الساعات. لكن، هل المرونة دائمًا تأتي بنتائج إيجابية؟ أم أنها مجرد غلاف أنيق يخفي تحته مشكلات أخرى قد لا نلاحظها؟

المرونة تتيح للبعض العمل في أوقات يشعرون فيها بطاقة ذهنية وإبداعية أكبر. هناك مبرمج يبدع بعد منتصف الليل، وكاتب محتوى لا يمكنه تشكيل جملة واحدة قبل احتساء قهوته الصباحية بهدوء. لكن في المقابل، ماذا عن أولئك الذين لا يملكون القدرة على تنظيم أوقاتهم ذاتيًا؟

هل تحولت ساعات العمل المرنة إلى فخ ناعم يُبقيهم في حالة من التوتر المستمر، حيث يشعرون أنهم دائمًا "تحت الطلب" دون حدود واضحة بين العمل والحياة الشخصية؟

على الجانب الآخر، النظام التقليدي كان بسيطًا وواضحًا: من التاسعة صباحًا إلى الخامسة مساءً، الكل يعمل في وقت واحد وتحت سقف واحد.

هذا النظام ضمن تواصلًا مباشرًا، وحدد وقتًا لبداية العمل ونهايته. لكن، دعونا نواجه الحقيقة, لم يكن الجميع قادرًا على الإبداع بين هذه الساعات الصارمة. بل أحيانًا، كان الوقت يُستهلك في مظاهر الانضباط بدلًا من الإنتاج الحقيقي.

الأمر أشبه بلوحة فنية يمكن قراءتها بطريقتين:

  • هناك من يرى ساعات العمل المرنة فرصة ذهبية للتخلص من قيود الروتين والانطلاق نحو إنتاجية حقيقية.
  • وهناك من يراها ضبابًا يطمس الخط الفاصل بين العمل والحياة الشخصية، لتختلط المهام بالمواعيد وتتبدد الحدود.

هل العودة إلى ساعات العمل التقليدية هي الحل لإعادة الانضباط والفعالية؟