التكاليف الغارقة: عندما يُصبح الماضي عائقاً أمام قرارات الحاضر

أرى أن التكاليف الغارقة تتطلب دائمًا أن نتعامل معها بحذر شديد ونتخذ القرار الصحيح بالتوقف عن أي شيء ليس له قيمة، وأن تكون لدينا قوة وشجاعة لتجاهل أي أمر اكتشفنا أن لم يكن يستحق البدء فيه من البداية، وهكذا نحمي أنفسنا من الخسائر الإضافية، لأن فكرة التكاليف الغارقة نفسها تجعلنا لا نتمكن من تقييم الخيارات الموجودة حولنا أو اختيار الأفضل وذلك نتيجة تمسكنا باختيارات الماضي.

على الرغم من أن مفهوم التكاليف الغارقة يبدو منطقياً من الناحية النظرية، إلا أنه في الواقع قد يكون التمسك بهذه التكاليف أكثر تعقيداً مما نتصور. هناك من يقول إن التجاهل التام لهذه التكاليف قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات قصيرة النظر. لماذا؟ لأن القيمة التي نوليها للأشياء لا تتعلق دائماً فقط بالمستقبل، بل تشمل أيضاً التجارب والموارد التي استثمرناها بالفعل. أحياناً يكون الاستمرار في مشروع خاسر ليس من باب التمسك بالتكاليف الغارقة فحسب، بل لأنه يُعبر عن التزام شخصي بالهدف.

أو قد نستمر في مشروع خاسر لمجرد أننا استثمرنا فيه الكثير من الوقت والجهد.

أليس من الرشد هنا وقف النزيف وإنهاء المشروع بدلًا من الاستمرار نحو مستقبل مظلم؟ هل الأمر له علاقة بخوفنا من الفشل ؟

رغم أن التكاليف الغارقة قد تكون غير قابلة للاسترداد، إلا أنها قد تكون ذات تأثير، كما ذكرت تكاليف البحث والتطوير مثلًا لابد ان يكون هناك فائدة من ورائها يمكن توظيفها في جانب آخر للمشروع او تحويل الفائدة الموجودة لمشروع آخر وبهذا نتوقف عن الاستمرار بالخسارة ونعيد قيمة التكاليف الغارقة.

أما إذا لم تعد ممكنة لإعادة الاستفادة منها فالأفضل هو التوقف عند تلك النقطة والبدء من جديد، لتوفير عوامل أخرى كالوقت والجهد، بجانب المال.

تكمن المشكلة مغالطة التكلفة الغارقة وهي مغالطة نفسية تدفع المستثمرين أو المديرين إلى الاستمرار في دعم مشاريع أو استثمارات خاسرة بسبب التكاليف الغارقة ، فما هى الأسباب النفسية التى تدفعهم لذلك رغم إننا ف ظل الرأٍسمالية نعلم أن الهدف الأساسي لأى مستثمر هو تحقيق أقصي ربح ؟