في أحد المرات كان لدينا نقص في عدد التقنيين والعمال الحاضرين لآداء المهام المطلوبة أين كان العمل عن طريق المناوبة خمس أسابع مقابل ثلاث أسابيع راحة (5-3)، طلبت من نائب رئيس المشروع في الإجتماع الأسبوعي أن يدعمنا ببعض التقنببن لسد العجز داخل قسمي إما بإحضارهم من مشاريع انشاءات أخرى تابعة له أو من الناحية الجهوية ليقترح علي الحل السريع عبر زيادة عدد أيام العمل وخفض عدد أيام الراحة، ستة أسابيع عمل مقابل أسبوعين راحة (6-2) ليتم ضمان العدد المطلوب من العمال في مكان العمل، ويتم الاستفادة من أيام الراحة حسب احتياجات المشروع قبل نهاية العقد أو بتعويض مادي بعد نهاية العقد، كما يمكنني أن أضيف لكم أن العمل كان في عمق الصحراء الكبرى في قطاع المحروقات والجميع بعيد عن المنزل مسافة أقلها 350 كلم(هذه المسافة 350 كلم للساكنين في الصحراء أصلا وتبلغ مدة السفر في أغلب الأحيان خمس ساعات إلى نقطة يتم يتم مواصلة السفر الى المنزل إما عبر النقل البري أو الجوي)

الغريب في الأمر أن اقتراحه كان أحد الحلول التي يتم استخدامها مؤقتا لكن مدة العمل على المشروع كانت طويلة واحتمالية تزويد المشروع بتقنيين وعمال في الوقت الراهن على ما يبدو ضعيفة جدا ، انتهجت بعض الأقسام هذه الاستراتجية وهناك من زاد مدة العمل وهناك من وازن بينها، لم ترقني الفكرة من الأساس كون أغلب التقنيين في قسمي يكفلون عائلات، ووجدت أن الحل الأفضل هو الإبقاء على النظام القديم وتحمل مسؤولية تبعاته.

لا حظت أن بعض الأقسام حصل فيها تمرد حيث بعد حصول العمال على مدة الراحة المقررة وانتهائها لا يلتحقون بمكان عملهم في محاولة للاستفادة من مدة الراحة كاملة، فمثل هذه القرارات من جانب واحد تؤثر على العلاقات الشخصية وأداء العمل في الوقت نفسه. وإذا تم الضغط عليهم من قبل مرؤوسيهم يقومون بارسال شهادات مرضية في محاولة لتبرير غيابهم، ما ينتج عنه قرار آخر أسوء من الأول وهو زيادة مدة العمل للحاضرين، نفس الأمر بالنسبة للحاضرين عند أخذهم عطلتهم، بل وصل الحال لقيامهم بالحد الأدنى من العمل الناتج عن الحالة النفسية. بمعنى زادت المشكلة أكثر. فقد كان لي زميل يعاني من هذه المشكلة فلم يلتحق العديد من عمال قسمه بمكان العمل، لنفس السبب.

ليست جميع القرارات الإدارية صحيحة، هناك من يعمد لحل المشكلة وهناك من يطبق التعليمات حرفيا وأي تبعات تتحملها الإدارة لكن هل يمكنك تحمل شخصيا أثر هذا القرار على العمال قبل أن تتحمله الإدارة. وللصدق، لكل مقال مقام. أما بالنسبة لهذا الموضوع فالقرار الأخلاقي والذي قد يختلف عليه بعضهم كان أكثر عملية لمن تبناه وأنا واحد منهم وهذا راجع للبنية الاجتماعية لعمال الشركة التي عمدت إلى لاطلاع عليها منذ أن استلمت مهامي داخلها.

في ما يخص برنامج العمل والعطل، وصل الحال إلى أن اقترح علي بعض التقنيين علي أن يتم زيادة مدة العمل و/أوالعطل بما يتوافق مع العمل والتزاماتهم الشخصية. لم أرد أن أفقد ثقة أفراد قسم وأن أقع في الفخ الذي سبقني إليه غيري، بل قمت بوضع مخطط لمدة سنة وكان المخطط بناءا على قرارات تشاركية بين جميع افراد القسم، ويتم التعديل عليه حسب المستجدات، عبر الاتفاق.

والسؤال المطروح هنا

متى آخر مرة استخدمت فيها مبادئ اخلاقية لإتخاذ قرارات عملية، في عملك أو حياتك الشخصية؟