عندما كنت أدرس بالجامعة بالولايات المتحدة، كان مدير المكتب الدولي بالجامعة رجلًا ثلاثينيًا بينما كل فريقه تقريبًا فوق الأربعين. هذا التوزيع العمري لم يكن غريبًا هناك، بل كان يعكس ثقافة التوازن بين الشباب والخبرة. أما في وطننا العربي، فنجد أن الفئات العمرية الأكبر غالبًا ما تتولى المناصب العليا، في حين يُنظر إلى الشباب على أنهم يحتاجون إلى سنوات عديدة من الخبرة قبل أن يتسلموا أدوارًا قيادية. الفجوة العمرية بين الموظفين تخلق تحديات في التواصل والتفاهم بين الأجيال المختلفة. كيف يمكننا التعامل مع هذه الفجوة في بيئة العمل لضمان تعاون مثمر بين الجميع؟
كيف يمكن التعامل مع الفجوة العمرية بين الموظفين في بيئة العمل؟
عمل ندوات ومناقشات وحفلات صغيرة وربما رحلة بسيطة إلى السينما أو أقرب مكان ترفيهي تضم الأعمار العمرية المختلفة ويكون لكل منهم دوره في التحدث أو اختيار الأغاني والديكور حتى، ليتعرف كل جيل على الأخر، مشكلتنا أن كل جيل يجلس بعيدا عن الأخر وينتظره هو أن يأخذ الخطوة ولكن هذه الخطوة يجب أن تأتي من السلطة العليا في المكان لكسر الحاجز بينهما، وعن طريق هذه الأشياء البسيطة سيتعرفون على بعضهم البعض وبالتالي فهم عقلية كل طرف مما يساعد على العمل المثمر وهذا تماما ما يحدث بالخارج فبالتالي يكون هنالك تواصل سهل وبسيط بدلا من البيروقراطية التي لدينا.
حل رائع حمدي وهو ما ورد في بالي لكتابته في رد ولكنك أوجزت, صحيح فالآن مع التطور السريع للتكنولوجيا تجد فروقاً في التفكير ليس حتى في فرق 10 سنين مثلاً ولكن في فروق عمرية أقل قد تكون أقل من 5 سنوات فهي تفرق بشكل كبير في التفكير والعادات والتوجهات لذا يجب التقريب بينهم
ليس حتى في فرق 10 سنين مثلاً ولكن في فروق عمرية أقل قد تكون أقل من 5 سنوات
صدقت معتز، ففي كل يوم نجد تطورات ليس فقط في التكنولوجيا وإنما حتى في أساليب العمل، وحتى الشخص الذي قد يكون مطلعا على التحديثات والتطورات أولا بأول لو تعطل في تطبيق شيء واحد من تلك المستجدات فلربما نظر بين ليلة وضحاها ليجد وظيفته ليس لها وجود وهذا مثله مثل متخصصي ال Media Buying الذين وجدوا أنفسهم على شفير دعني أصفها بالانقراض بعد تحديث واحد من شركة ميتا، وغيرهم من المهن والأمثلة.
لكنني أشعر نوعا ما أن الأمر يمر بطريقة أبطأ في دولنا النامية، فمثلا كنت من فترة بسيطة أشهد مشروع محرك بحث جديد طورته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مع الحكومة المصرية لتسهيل المعاملات الحكومية ومع ذلك لا جديد بخصوصه حتى الآن وكأن موظفي الحكومة الذين يتعاملون مع الجمهور لا زالوا يتعلمون ويفكون رموز هذا النظام الجديد.
وربما رحلة بسيطة إلى السينما أو أقرب مكان ترفيهي
ألهمتني فكرتك حمدي بعمل شيء مشابه مع فريقي؛ إذ أن بينهم تفاوت ملحوظ في السنين وحتى الخبرات. وبما أنهم يعمل معظمهم عن بُعد ومن أكثر من دولة فقد يكون اتباع مثل هذه الاستراتيجيات أمرا مهما لكسر حاجز الثلج بينهم خصوصا الجدد منهم.
التعامل الجيد في هذه الحالة يبدأ من تبادل الخبرات والمهارات المهنية والشخصية بين الأجيال المختلفة، إذ يتمتع كل جيل بخصائص غير موجودة لدى غيره، ويحتاج كل فرد إلى الآخر للتعرف على ما يجهله من أمور تتعلق بمجال العمل، والمدير الجيد هو القادر على استغلال الفجوة العمرية في خلق ورش تدريب مهنية يتم فيها نقل المهارات الإدارية والتكنولوجية وغيرها من المهارات لغيره من الموظفين، وهنا تكون الفروق العمرية بمثابة مصدر قوة كبير.
التعامل الجيد في هذه الحالة يبدأ من تبادل الخبرات والمهارات المهنية والشخصية بين الأجيال المختلفة،
بخصوص هذه النقطة أذكر قصة حدثت مع عمي إذ كان يشغل منصب مدير لأحد أهم البنوك في مصر، وقد جلبت الإدارة بعض الموظفين الجدد وكانوا من خريجي الجامعة الأمريكية ليديروا بعض الأقسام الإدارية بالشركة، المهم أنه في نفس اليوم الذي وصلوا فيه جاءت لعمي جلطة أودت بحياته المهنية ومن وقتها وهو على المعاش.
هذه بالنسبة لي كانت من الحوادث التي لم أفهمها وقتها وإنما فهمتها لاحقا عندما عملت كمدير مشاريع مع فِرَق قد تكبرني ب10 أو 15 عاما وفارق الخبرة بتكتيكات وأساليب العمل التي كانت بيني وبينهم وكيف؛ حينها وضعت نفسي في مكانهم وتوقعت الشعور الذي كانوا يشعرون به.
هذه بالنسبة لي كانت من الحوادث التي لم أفهمها وقتها وإنما فهمتها لاحقا عندما عملت كمدير مشاريع مع فِرَق قد تكبرني ب10 أو 15 عاما وفارق الخبرة بتكتيكات وأساليب العمل التي كانت بيني وبينهم وكيف.
ما هي المشكلة؟ فقد قرأت منشورا من عدة أيام عن شخص يريد الاستقالة من الشركة تماما؛ لأن المدير أصغر منه سنا. وانهال عليه بالسب، والشتم دون ذكر أي سبب حقيقي من مواقف أو غيره. والحقيقة لم أفهم ما المشكلة، لكنه يقول أنه قد "صعبت عليه نفسه" لأن هذا الشاب هو مديرهم. إذا كان المدير أصغر سنا بعض الشيء، فما المشاكل التي تحدث، وتجعل الناس يريدون الاستقالة، أو يتأثرون لهذا الحد؟
كثرة الجلسات النقاشية وقضاء الأوقات خارج العمل كفيلة بكسر حاجز التصورات المغلوطة والنمطية عن الادرايين، انا أيضاً كنت أجد صعوبة في تقبل أن مديرتي في العمل من نفس سني.. بداية الأمر كنت أظنها صعدت السلم الوظيفي بقفزة واحدة ولم تكمل فترة ممارسة كافية للمهام التي تطلبها مني وترشدني لطريقة اتمامها !! ولذلك كنت أشعر بأنني أخبر منها ولا اتقبل منها النقد.
هذا التناقض تبخر تماماً عندما قضيت بعض الوقت معها اثناء السفر لمحافظة أخرى من أجل حضور ندوة ووجدت بأن مهاراتها في التواصل والمبادرة والقيادة وخلق الحلول في المواقف الطارئة تجعلها الأنسب حقاً لتكون في منصب اداري على عكسي تماماً فأنا يظهر جوهري ضمن الفريق وأكون أكثر انتاجاً في الظل والمهام التنفيذية، تغير اسلوبي تماماً معها عندما فهمت ذلك وأصبحت أكثر تقبلاً لأفكارها وأكثر رغبة في تنفيذ تلك الأفكار وهي تناديني نحلة الشركة لكثرة سرعتي.
الفجوة في التفكير هي المشكلة الأساسية يمكنك التغلب عليها بتقريب وجهات النظر بين أعضاء الفريق وهذا يتطلب فهمًا لأسلوب وطريقة عمل كل موظف. العامل الأكبر في تقبل الفروق العمرية من وجهة نظري هو أن يفهم كل فرد في الفريق دوره المحدد وتخصصه الدقيق وسبب توليه هذا المنصب تحديدًا دونًا عن غيره،وتلك النقاط تكون واضحة للجميع.
ما يؤثر على معنويات الفريق هو أن يتم استبدال أحدهم أو تمييزه بدون سبب مقنع، فإن فهم الجميع مكانهم ودورهم كان الأمر سهلًا في التقبل، وهناك بعض الدورات التدريبة الممكن تقديمها لتطوير المهارات التقنية للأكبر سنًا، أو توجيه نشاط الأصغر في المهام التي يجيدونها.
التعليقات