كيف أتعامل مع التعليقات والتقييمات السلبية للعملاء على مواقع التواصل الاجتماعي؟

من أهم النصائح لمعالجة التقييمات السلبية هو عدم تجاهلها، فكثير من الشركات تتجاهل تلك التقييمات ولا ترد عليها، فتتعزز الصورة الذهنية السلبية لدى صاحب الشكوى ولدى العملاء المحتملين الآخرين الذين اطلعوا عليها، في حين أن ولاء العملاء يتضاعف للعلامة التجارية التي تتجاوب مع الشكاوى أو التقييمات السلبية، هذا التجاوب يكون بالرد على التعليق السلبي والاعتذار، أو التوضيح حول سوء التفاهم، أو المبادرة بتعويض رمزي للعميل المتضرر أو نحو ذلك، وكذلك الكشف عن الاحتياطات التي من شأنها عدم تكرار تلك الشكوى مستقبلًا، كل هذا سيشعر العملاء بالاهتمام والاطمئنان، وبالتأكيد سيتعزز هذا الاطمئنان بالمصداقية في تنفيذ تلك الاحتياطات، وهو ما سيؤدي بدوره في مراجعات إيجابية تزيد من التسويق الشفهي لصالح العلامة التجارية.

أتفق مع من سبقوني بالتعليق بشأن ضرورة الرد من طرف المؤسسة أيًا كانت وبغض النظر عن مدى مصداقية التعليق. ومصداقية التعليق تأخذنا هنا إلى نوعين من التعليقات، الأول هو رأي العميل في الخدمة أو المنتج، وهذا لا مشكلة كبيرة به، فيمكن الرد عليه باحترافية ودعوة العميل لإعطاء فرصة ثانية وتجربة منتجات أخرى والكثير الكثير من الردود الاحترافية يمكن ذكرها في هذا الموضوع. أنا هنا لن أهتم بهذا العميل بالتحديد، ولكن ردي سيكون لأجل العملاء الآخرين الذين سيرون تعليقه ومن المحتمل أن يصدقوه مع أن ما كتبه هو مجرد رأيه الشخصي. هذا العميل على الأغلب لن يعود مجددًا. لا يهم. هو مجرد عميل واحد، ولكني لن أخاطر بالعملاء الآخرين وأتركه يخسرني إياهم بسبب مزاجه.

النوع الثاني هو ليس رأي، ولكنه موقف يحكيه العميل حدث معه مثل تأخير بالرد أو الحصول على منتج تالف، إلخ. هذا موقف حقيقي وليس رأي، وهنا العميل على ألف حق، لأنه تعرض لتجربة سيئة منا، وعلينا تعويضه هو بصفة شخصية. هنا العميل مهم ويجب فعل المستحيل حتى لا نخسره.

هذا الأمر ينقسم لأمور عديدة، فالشركات العملاقة مثلا نجاحها ليس مرتبطا بشكل كبير بتلك التقييمات فأحيانا لا تكون موضوعية وقد تكون ممنهجة ضدّ شركة بعينها، لكنها تؤثر على سمعة الشركة وسمعة العلامة التجارية، لهذا لا يجب أن يتمّ تجاهلها، بل بالعكس يجب أن يتم التعامل معها بشكل سريع ومتعاون، ففي بعض الحالات يجب أن يتم التواصل مع العميل من خلال الرسائل الخاصة، وفي بعض الأحيان يجب أن نبحث عن القصة الحقيقية ونتأكد منها قبل الخوض فيها، ثم نقدّم الردود باحترام يليق بالششركة وسمعتها، ونقدّم الاعتذارات الكتابية والشفوية وحتى التعويض إذا لزم الأمر والعمل أكثر على تحسين نوعية المنتجات المقدمة والخدمات التي تربط العميل بنا، وكل هذا سيساهم في تعزيز واستعادة ثقة هذا الأخير.

أرى أن الحل الأمثل للتعامل مع التقييمات السلبية هو الاعتراف بالخطأ، سيفيدك كثيرًا إظهار تعاطفك مع صاحب التعليق السلبي حتى في حالة عدم اعتقادك بوجود أي خطأ قمت به، فليس من المهم إثبات أن العميل مخطئ في تقييمه لأنه في الغالب لن يصدقك أحد، بل سيزيد ذلك من غضب العميل وجداله معك دون جدوى، ولكن المهم هو الاعتراف بالخطأ أمام العميل وتهدئته قدر الإمكان، وتوضيح أنك تتفهم المشكلة وستعمل على حلها، مع توجيه الشكر له لأنه ساعدك على تحسين خدماتك بتقييمه.

في عالم الإنترنت أي خطأ نقوم به مع عميل ربما ندفع ثمنه لسنوات ولربما يتسبب في إخراجنا من السوق.

السبب الوحيد الذي قد يؤدي لنتيجة كبيرة كهذه هو أن يكون رأي العميل صحيح أو تجربته السيئة قد خاضها الكثير مثله، أما مجرد وجود تقييم واحد سلبي أو بعض منه لن يؤدي لتلك النتيجة المبالغ بها، لأن الحقيقة إذا كانت مغايرة، ستجد أن مقابل أي تقييم واحد سلبي هناك العشرات أو المئات من التعليقات الايجابية الأخرى التي تنفي أي وصم أو شبهة عن الخدمة أو العلامة التجارية.

أولا: أنا أتفهم جيدا هذه المواقف لكن قبل أن نتطرق إلى الخطوات العملية للحل يجب أن أخبرك بشيء نستخدمه عادة في التسويق وهو يسمى بالاستماع، وليس المقصود به الاستماع إلى العميل وإنما هو استخدام أدوات معينة لتتبع العلامة التجارية الخاصة بنا على وسائل التواصل ومحركات البحث المختلفة، وذلك بهدف توقع أي أزمة قد تؤثر على العلامة التجارية ومحاولة حلها حتى قبل أن تحدث.

لكن إذا حدثت هذه الأزمة فيمكن اتباع خطوات منهجية لحلها وأهم هذه الخطوات هو تقديم مصلحة العميل على أي اعتبار.

وتعال معي سريعا نشرح هذه النقطة بقصة مشابهة كانت بطلتها شركة جونسون أند جونسون ومكانها في الولايات المتحدة:

في عام 1982، واجه دواء التايلينول أزمة خطيرة بعد وفاة سبعة أشخاص في شيكاغو بعد تناولهم لهذا الدواء. كان التايلينول مسكنًا للآلام شهيرًا في أمريكا ولم يكن يتطلب وصفة طبية، وكان يحتل نصيبًا كبيرًا من السوق. تبيّن أن الأزمة نجمت عن تلويث بعض عبوات التايلينول بمادة السيانيد القاتلة من قبل شخص مجهول. على الرغم من التحقيقات، لم يتم العثور على الجاني.

شركة جونسون أند جونسون استجابت بشكل فوري وفعال للأزمة، حيث قامت بسحب جميع منتجات التايلينول من السوق وسلامة العملاء كانت أولويتها القصوى. كما قامت بتطوير تكنولوجيا جديدة لحماية عبوات الأدوية وزيادة الشفافية مع العملاء. بفضل هذه الجهود، استعادت جونسون أند جونسون ثقة المستهلكين ومبيعات التايلينول في غضون عام واحد فقط وحولت صورتها أمام الرأي العام من شركة مهملة وقاتلة للبشر وهذا ما حاول منافسوها زرعه في نفوس المستهلكين إلى شركة تجعل سلامة العميل فوق كل اعتبار. من الدروس المستفادة: الاستجابة السريعة للأزمات، وتطوير تدابير لمنع تكرارها، وتحمل الخسائر القصيرة الأجل من أجل سلامة العملاء.