كيف أعرف إذا ما كنت جاهزة لأكون رائدة أعمال وأفتح أول مشروع لي؟

أوافقك على أن الصفات الثلاثة التي ذكرتها هي صفات عملية وضرورية لأي رائد أعمال ناجح. بالإضافة إلى ذلك، أود أن أقترح صفتين عمليتين أخريين يمكننا جعلهما كمعيار لتمييز رائد الأعمال عن غيره. هذه الصفات هي:

القدرة على ابتكار وتطوير منتج أو خدمة يحل مشكلة أو يلبي حاجة في السوق. هذه الصفة تعبر عن المهارة والإبداع والرؤية التي يتمتع بها رائد الأعمال. فهو لا يقتصر على تقليد أو تحسين ما هو موجود بالفعل، بل يسعى إلى خلق قيمة جديدة وفريدة تميزه عن المنافسين. مثال على هذه الصفة هو ستيف جوبز مؤسس شركة آبل التي ابتكر منتجات ثورية مثل الآي فون والآي باد والآي بود.

القدرة على التسويق والبيع لمنتجه أو خدمته بطريقة فعالة وجذابة. هذه الصفة تعبر عن المهارة والثقة والإقناع التي يتمتع بها رائد الأعمال. فهو لا يقتصر على إنتاج منتج أو خدمة جود، بل يسعى إلى نشره وترويجه وإقناع العملاء بشرائه. مثال على هذه الصفة هو إيلون ماسك مؤسس شركات تسلا وسبايس إكس وباي بال التي استطاع أن يجذب اهتمام الجمهور والإعلام بمشاريعه المستقبلية والطموحة.

الصفات المذكورة بالفعل هي صفات رائد أعمال، لكن لا يمكن أن نقيس نجاحه من فشله بتوفر هذه الصفات من عدمها.

يزعجني بعض الشيء الحديث عن تحديد صفة رائد الأعمال ضمن قالب واحد، وبشروط معينة.. ريادة الأعمال أوسع بكثير من هذا.. من يقومون بتضخيم وتصعيب ريادة الأعمال على الشباب يريدون إحتكار السوق لأنفسهم.

قد يبدأ الإنسان من الصفر ورأيت قصة واقعية لأحد الشباب أين أصبح رائد أعمال ومقاولا ذاتيا في سن يافعة 25 سنة! لكنه لم يستطع أن يجد تمويلا لمشروعه قبل أن يصبح رائد أعمال، الآن بإمكانه ذلك.

هذه النقطة ليست شرطا لحمل صفة رائد أعمال، إنما هي صفة من صفات رائد الأعمال.

يمكن للشباب أن يتحصلوا على تمويل من قبل مسرعات المؤسسات الناشئة فهل نقول لهم أنكم لستم رواد أعمال لأنكم لا تحسنون الحصول على تمويل بمفردكم؟ طبعا لا.

لدى الحديث عن القدرة على جمع الأموال نحن نتحدث ضمنًا عن نقطة أخرى وهي "الإقناع". فعلى رائد الأعمال أن يكون عنده مهارات الإقناع لكي يحصل على مصدر التمويل. لنفترض مثلًا أنّ مشروعه هذا هو لبيع منتوجات ورقية صديقة للبيئة، فعليه من هذا المنطلق إذا أن يعمل على إقناع المموّلين (بعد أن يكون نفسه اقتنع بالفكرة) بفكرته انطلاقًا من كونها صديقة للبيئة ومخففة من استعمال مواد أخرى مضرّة بالبيئة. اقتنع الآخرون بذلك، الآن ما المطلوب؟ أن يحدّد رؤيته. فرائد الأعمال الذي لا يمتلك القدرة على وضع رؤية مستقبلية هو موظّف آخر يرى نفس ما يراه ويفكّر نفس طريقته، فما الفرق؟ لذلك فعليه أن يحدّد من خلال رؤيته أجوبة الأسئلة التالية: أين يرى نفسه ومشروعه بعد عدّة أعوام؟ ما هي الكيفية التي ستحقق لهذه هذه الأهداف بعيدة المدى (أي الأدوات)؟ إذَا مهارات الإقناع والرؤية والآن التأثير. لنتخيّل أنّني مثلا رائدة أعمال ولكنّني لا أمتلك قوّة التأثير على الموارد التي أمتلكها (أي الموارد البشريّة) بل هم يعملون من منطلق أمر وتنفيذ . لذلك فمن المهم أن يمتلك رائد الأعمال قوّة التأثير على موارده وأن يكون يمتلك مهارات التحليل النقدي وحل المشكلات. فأن يكون عندي مشروع بدون القدرة على بلورة المشكلة التي سيحلّها هذا يعني أنّ هذا المشروع هو بعيد عن ريادة الأعمال وأنّني أقرب إلى تاجر منه إلى رائد الأعمال. وأمّا النقطة الأهم فهي المعرفة. على رائد الأعمال أن يكون عارِفًا بتفاصيل مشروعه خاصّة الشق المال والذي هو الأهم من منطلق أنّ المعرفة هي القوّة (Foucault) . فإن لم يكن رائد الأعمال قادرا على التحكم بموارده المالية وتوزيعها فهو لن يقو على إدارة المشروع بفعاليّة.

بالطبع، هناك العديد من الصفات والمعايير التي يمكن استخدامها لتمييز رائد الأعمال عن غيره والتي تشمل:

الرؤية والإلهام: القدرة على وضع رؤية واضحة للمستقبل والقدرة على إلهام الآخرين للانضمام إلى هذه الرحلة.

المرونة والتكيف: القدرة على التكيف مع التغييرات والمخاطر وتحمل الفشل والتعلم منه.

القيادة: القدرة على قيادة الفريق واتخاذ القرارات الصعبة وتنظيم الجهود بفعالية.

الابتكار: القدرة على إيجاد حلاً جديدًا أو فكرة مبتكرة لحل مشكلة أو تلبية حاجة في السوق.

التفكير الاستراتيجي: القدرة على التفكير بعمق ووضع استراتيجية تسويقية وتنفيذها بنجاح.

التفرغ والاصرار: الاستعداد للعمل بجد وتفرغ كامل للمشروع والاستمرار في السعي وراء أهدافه حتى تحقيق النجاح.

مهارات التواصل: القدرة على التواصل بفعالية مع الجمهور، والعملاء، والشركاء، والمستثمرين.

المسؤولية الاجتماعية: الاهتمام بالأثر الاجتماعي والبيئي للعمل والسعي لتحقيق التنمية المستدامة.

بالنسبة لمتى يجب فتح مشروع خاص، فهذا يعتمد على الأشخاص والظروف الشخصية والمهنية لكل فرد. إذا كنت تملك فكرة تجارية ورؤية واضحة لتحقيقها، وتمتلك المهارات والمعرفة اللازمة، ولديك القدرة على تأمين الموارد المالية والبنية التحتية الضرورية، فإنك يمكن أن تبدأ في التفكير في فتح مشروعك الخاص.

مع ذلك، يجب أن تقوم بدراسة السوق والبنية التنظيمية والتخطيط الاستراتيجي بعناية قبل الشروع في أي مشروع لضمان نجاحه. تذكر أن ريادة الأعمال تأتي مع تحديات كبيرة ومسؤوليات، لذا يجب أن تكون مستعدًا لهذا التحدي والتزامه.

هذه الصفات الأساسية فعلا واعتقد أيضا أن رائد الأعمال الناجح يجب أن يكون حكيم في قراراته وغير مسترع بالإضافة إلى امتلاكه رؤية واضحة لمستقبل شركته ليتخذ القرارات الصحيحة، كما أنه يحتاج أن يتحلى بالصبر لأنه سيواجه الكثير من التحديات على طول الطريق، و يجب أيضا أن يكون رائد الأعمال قادرًا على التعلم من أخطائه، وتطوير مهاراته وقدراته باستمرار ليواكب التغيرات من حوله.

فعند التحدث مثلا عن بيل جيتس الذي كان شغوف بالبرمجه وكان لديه قدرة رائعة على التعلم والنمو. تمكن من تطوير مهاراته في مجال البرمجيات، وكان قادرًا على بناء فريق من الأشخاص ذوي المهارات والقدرات التي يحتاجها لتصبح مايكروسوفت واحدة من أنجح الشركات في العالم.

إذا تحققت الصفات الثلاثة التي ذكرتِها في شخصٍ ما، فمن البديهي أن يكون هذا الشخص رائد أعمال، حسب ما يحمله المسمى الوظيفي من معنى فإن الرائد هو من يتقدم الجماعة وهذا أشرتِ إليه في القدرة على بناء وإدارة الفريق، والأعمال هي المشاريع، والمشروع هو أي هدف يتطلب تحقيقه تنفيذ عدة خطوات. من الطبيعي أن شخصًا كهذا يصلح لأن يُطلق عليه "رائد أعمال". هو بالفعل تسلم المشاريع ودار الفرق مسبقًا وإلا فمن أين علم بامتلاكه تلك الصفات الثلاثة؟ نحن ندور في دائرة مغلقة.

وبناءً عليه، فإن ريادة الأعمال ليست مسمىً وصفيًا لشخصية الفرد وإنما وظيفيًا بامتياز؛ كونه لا يتأتى إلا عن التجربة والعمل الفعلي.

أود إضافة صفة نوعية إلى الصفات الثلاث التي تفضلتِ بذكرهم، وهي القدرة على الإقناع. أرى بأن رائد الأعمال الناجح، إضافة إلى حسن حديثة، لابد وأن يكون ماهراً في إقناع من حوله، سواء فريق عمله أو عملاءه المحتملين وحتى الحاليين.

 متى تفكرون فتح مشروع خاص بكم؟

أريد جاداً فتح مشروعي الخاص خلال عامٍ، لكن لا زلت لا أستطيع أن آخذ القرار.