إجازة الأمومة في قانون العمل حق مهدور في الدول العربية

في بلدي ثم منح إجازة للأب قدرها 15 يوما ولكن فقط بالقطاعات الحكومية ولم يتم فرضها على الشركات الخاصة.

طبعا من الناحية المثالية يجب منح الآباء والأمهات إجازة أطول مدة ممكنة, ولكن هذا لا يمكن أن يتأتى في الدول النامية لعدة أسباب, فلا يمكن مقارنة السويد مثلا التي تعاني مشكلة ديمغرافية بنا, هناك عزوف عن الإنجاب بأوروبا, فقد يأخذ الزوجان إجازة أبوة وأمومة مرة أو مرتين بالعمر في المقابل الدول النامية متوسط الإنجاب أربع أو خمس أطفال مثلا, أيضا هناك مشاكل اقتصادية, فقوة الشركات السويدية ليست من قوة الشركات العربية, فهي لن تتأثر من إجازات مطولة للموظفين كل مرة مدفوعة الأجر, أما الشركات العربية فستجد نفسها قد أفلست بسبب الإجازات المطولة والمتكررة لموظفيها مدفوعة الأجر, فأغلب الشركات العربية شركات صغيرة جدا عدد الموظفين قليل فإذا غاب موظف واحد فقط اختل العمل.

المهم أرى المسألة صعبة التطبيق عندنا.

كيف يبدو لكم هذا الموضوع؟ وكيف تسن قوانين بلدكم هذه الإجازة؟

لم أكن أعلم أنّ الدول الغربية تقوم بمنح إجازة لكلا الوالدين بنفس الفترة، أراها نقطة بالغة الأهمية، لكن معدل الزواج في هاته الدول لا يقارن أبدا بالمعدّل في الدول العربية والإسلامية، فقليلون فقط من يقوم بالزواج في ظل تزايد العلاقات الغير شرعية في الدول الأوروبية والغربية، وهذا ما لن يؤثر كثيرا على طبيعة العمل والإنتاجية، لكن تخيلي معي لو كان الأمر متاحا في دولنا العربية، فالكثير من العمل سيأخذون إجازات مدفوعة الأجر، سيخلق نوعا من التذبذب، مناصب شاغرة في إنتظار من سيخلُفها، بما في ذلك الجانب المالي الذي سيُنهك الخزينة المالية. ليست لديّ إحصائيّات دقيقة لكنّي أتكلّم من منظور تخيُّلي بحت، فحينما كنت في الإعدادي والأساسي أي قبل البكالوريا، المعلّمات والأستاذات دوما في فترة أمومة وحضانة، لستُ ضدّ هذا الأمر، كلّا لكن من الجانب العملي والواقعي نرى أن النّساء هنّ الأكثرُ تواجّدا في بعض القطاعات الحساسة كالتعليم، وطول فترة الإجازة سيؤثّر سلبا على مردود التلاميذ.

حسنا، لنتكلّم من جانب آخر، فترة الأغجازة جدُّ مهمّة لكلا الوالدين، وخاصة الأم فهي المرتبطة برضيعها بنسبة أكبر، أظنُّ أن الأب يستطيع تحمُّل تلك الفترة دون إجازة، لكن ستكون إعانته ماديّا بمنحة محترمة أفضل من تركه في إجازة! في الغالب لن تجديه في المنزل يسمع صرخات إبنه وبكائه، ستجدينه في المقهى! وليس كل الرجال كذلك.

أجد أن قانون العمل المصري، على الرغم من العديد من العيوب، يعتني بهذه النقطة بشكل كبير، حيث أنه في هذا الموضع يساهم في تحسين الظروف الخاصة بالأم قدر الإمكان. يوفر لها بعضا من أشكال الإجازات والتوقفات المهنية المدفوعة، مثل:

• إجازة الوضع.
• إجازة الحضانة والرضاعة.

هذا بالإضافة إلى بعض الامتيازات المتمثلة في الإجازات العرضية.

لكنني أجد أن المزيد من التطوير فيما يخص الإماكن المخصصة للأطفال هو الأهم، فمن المنطقي أن تحصل الموظفات على امتيازات العطلة الخاصة بالحمل. لكن الأهم من ذلك هو أن تتوافر لها بيئة في العمل تسمح لها باصطحاب طفلها ورعايته أثناء قيامها بمهامها، مثل توفير الحضانات زمناطق استراحة الأطفال في أماكن العمل وخلافه.

وهذا بسبب اعتقاد الدول أن المولود الجديد هو مسؤولية الوالدين

صحيح الطفل من المفروض هو رعاية الوالدين، لكن في الدول العربية المسؤولية كلها تقلى على عاتق الأم بداية من المجتمع إلى العائلة إلى الأسرة.

لا القوانين تصنف المرأة في مسألة الأمومة ولا المجتمع والعادات والتقاليد، الحمل والإنجاب من أكثر الأمور الصعبة والتي تأخذ من الصحة تحتاج الأم الصحة النفسية والجسدية والمعنوية حتى تتمكن من التكفل بالطفل وتعطيه حقه.

3 شهور الأولى الأم تكون مازالت لم تستجمع قواها، والطفل في هذه الفترة خاصة يكون لا ينام ويبكي كثيرا فتكون المرحلة أكثر إرهاقا من الفترة السابقة، أنا أجد أنه لو الإجازة طالت حتى لمدة سنة فهي قليلة في حق المجهود الذي تبذله الأم في هذه الفترة، وبخصوص الوالد لا بد نشر وعي بضرورة تواجده وقيامه بالأعمال بعدها يمكن تقديم الإجازة له.

اجازة الامومة تلك خاصة في مرحلة ما بعد الولادة مباشرة من أهم المطالبات لتوفير بيئة مستقرة للطفل في أيامه الأولى وزيادة فرص الرضاعة الطبيعية المهمة جدا للأم والطفل علة حد سواء.

لكن من رأيي هناك جزء آخر تغفل عنه القوانين؛ أو لاكون محددة أقصد القوانين المصرية فلا علم لدي بالقوانين خارج مصر، وهي مرحلة الحمل الأخيرة، حيث قد تعاني الام بشدة أثناء العمل مع تقدم الحمل، والحصول على إجازة مرضية أمر مرهق ويتطلب الكثير من الزيارات والتقارير والآشعات، وحتى حين تنتهي من كل هذا لا يكون من حق الام سوى اسبوعين فقط كإجازة قبل الوضع، بالرغم من أن الأمر سابقا كان يوفر لها إجازة لمدة شهر قبل الوضع أي طوال مدة الشهر التاسع تقريبا، نظرا لظروفها الصحية؛ وهذا الأمر لمسته بنفسي مع بعض صديقاتي التي تعاني بشدة من ظروف مرضية مصاحبة للحمل خاصة مع تقدم سنها نسبيا بالنسبة للحمل ومع ذلك لا تستطيع الحصول على إجازة.

كذلك الأمر بالنسبة للام التي تضع توأما، فلا يوجد ما يخصها في القوانين بالمزيد من الإجازات تماشي مع زيادة مسؤوليتها عن رضيعين في نفس الوقت، واحترامها المادي لوظيفتها نظرا لزيادة مصاريف الأسرة نتيجة وجود طفلين في نفس الوقت، وهو ما يحتاج برأيي إلى إعادة النظر من المشرّعين للقوانين، فأم التوأم تحتاج إجازة إضافية بشدة أكثر من الاخريات بالطبع.