هناك قصِّة في الأدبيات الأجنبية، وهي خيالية تقصُّ للمعنى والعبرة، تتحدَّث عن وزير زار جمع من العمّال، فقال للأول ماذا تصنع؟ فقال له أنا أرصُّ الطوابيق.

توجّه نحو العامل الثاني وسأله نفس السؤال، فأجاب: أنا أبني كاتدرائية.

هذه القصِّة توضِّح الفرق بين مدى الرؤية بين العاملين، فالأول نظرته قصيرة ومباشرة: هو يرصّ الطوابيق. إلى أين سيصل؟ متى سينتهي؟ ماذا بعد ذلك؟ كل ذلك لا يعرفه، هو منغمس تماما في اللحظة.

أمّا الثاني، فهو يعرف أنّه يرصّ الطوابيق، وهو يعمل نفس عمل الأول، لكنّه يتفوق عليه بالنظرة، إنّه يبني كاتدرائية، يعرف أبعاد الكاتدرائية، يعرف مقدار التقدّم، ويعرف متى ينتهي وينتقل للعمل الآخر.

هذه القصة يمكن أن تستخدم على كثير من الأمور في حياتنا، كالفرق بين من يعمل للمال، ومن يعمل لأجل سُمعة ونموذج ريادي تجاري مستمر على المدى الطويل.

الذي يعمل لأجل المال فقط، يحصل عليه، لكنّه عندما يفكر بهذه الطريقة، قد لا ينتبه للخطوات التي يتخذها، قد لا ينتبه أنَه بربح هذه الكمية من المال سيخسر أضعافها من الفرص، تماما كالذي يرصّ الطوابيق.

ماذا لو عملتَ لأجل الكاتدرائية؟ ستربح المال بشكل مضمون، وستضمن أيضًا أن تقوم بالخطوات التي تجعلك على المسار الصحيح دومًا.

هذه القصّة ملهمة، وتجعلني أفكِّر أيضا بمستوى ثالث ربما فات على مؤلفي القصة، مستوى أعمق من التفكير، ماذا لو ذهب الوزير إلى عامل ثالث، وسأله نفس السؤال فأجاب: أنا أتعبَّد!