دائمًا ما ارتبطت كلمة التقييد في أذهاننا بالمنع، بالجمود، بالحد من الاحتمالات. كنت أؤمن أن التعلم الحقيقي لا ينمو إلا في بيئة مفتوحة بلا أسوار، حيث التجربة حرة، والخطأ مسموح، والفضول هو المحرك لنا، لكن مع الوقت، ومع قراءتي المتكررة لتجارب في مجالات مختلفة خصوصًا الذكاء الاصطناعي بدأت تتشكل عندي صورة مختلفة تمامًا. خاصة عندما قرأت عن التعلم بالقيود، هذه القيود لم تكن دائمًا عائقًا بل كانت أداة لصقل التعلّم وتوجيهه. مثلًا، نماذج الذكاء الاصطناعي لا يُسمح لها بالتعلم من أي محتوى، ولا أن تُنتج أي كلام. بل يتم تحديد مصادر تعلمها، تصفية بياناتها، وضبط مخرجاتها بقيود واضحة تماما ورغم ذلك تتعلم هذه النماذج بسرعة، وتنتج نتائج دقيقة.

لا يقتصر الأمر على الآلات. فعندما قرأت عن تطبيقه علينا كبشر وجدت نتائج مماثلة، حين يُفرض إطار أو شرط واضح على عملية التعلم سواء في المدارس، أو بيئات العمل، أو حتى في الحياة اليومية فوجدوا أن بعض الأفراد يتعلمون بسرعة وفعالية أكبر. فالقيود تجبرهم على التركيز، تمنع التشتت، وتجعلهم يبتكرون داخل الحدود بدل انتظار الإلهام خارجها.

هذه التجارب رغم إيجابياتها ونجاحها لكن أثارت في ذهني تساؤل أريد أن أناقشه معكم، وهو أين تنتهي الحدود المفيدة، وأين تبدأ الحواجز المعطلة؟ بمعنى آخر ما الذي يجعل القيد محفزا في سياق، ومعيقًا في سياق آخر؟