"التعلّم ليس تحضير للحياة، بل هو الحياة بذاتها" جون ديوي - كيف نجعل التعلم هو الحياة بذاتها؟

في قول يؤيد ما قلته ما ورد في المثل المشهور"أطلب العلم من المهد إلى اللحد"

أعتقد أن التعلم ليس مجرد وسيلة للبقاء متقدماً، بل هو نهج حياة يساعدك على النمو والتطور بشكل مستمر، مما يمكّنك من العيش حياة أكثر إشباعاً وإنتاجية، لذلك فالتعلم يجب ألا يتوقف أبداً، فمع مرور الزمن ودخول مواضيع جديدة إلى دائرة اهتمامك، يصبح التعلم ضرورياً لاستكشاف هذه المجالات، في حين أن التوقف عن التعلم يؤدي تدريجياً إلى تراجع مهاراتك وقدراتك، بينما تتقدم التكنولوجيا باستمرار وبوتيرة سريعة، وإذا بقيت تعتمد على الطرق القديمة للتعامل مع مهامك، ستجد نفسك متخلفاً عن الركب في عالم سريع التغير.

فكلنا نعلم أن بيئة اليوم ليست ثابتة، فكل يوم يأتي بمنتجات جديدة وتكنولوجيا متقدمة وابتكارات متزايدة بوتيرة يومية، إذا لم تواكب هذه التغيرات الجديدة ولم تستجب لها، حتما ستفقد القدرة والمهارة، مما يؤدي إلى تراجع احترامك لذاتك وثقتك بنفسك.

ربما يكون ذلك بأن نعكس منظورنا للتعليم، فإننا كثيراً ما نسمع بعض الآباء ينصحون أبناءهم بالاجتهاد في التعليم ويقولون "أنت تعيش لتتعلم" وهو يريد بذلك أن كل ما هو مطلوب منه في هذه المرحلة هو التعلم فقط، فينشأ الطفل على هذا المفهوم ويرى بأنه ليس سوى مجرد شخص يؤدي مهمة ثقيلة عليه ويهمل بذلك كثيراً من جوانب حياته الضرورية.

ولكننا إذا عكسنا منظورنا هذا للتعليم، وربينا أبناءنا على أننا نتعلم لنعيش، وأن العلم ضروري لنا حتى نستطيع مواكبة جوانب الحياة المختلفة وهذا يتطلب منا فهماً واسعاً، فإننا في هذه الحالة سنجد الطفل نهماً للتعلم لأنه بفطرته يرغب في البقاء والحياة بأفضل شكل حتى يواكب متطلبات الحياة.

ولذا فإنه ربما علينا أن نعكس منظورنا للتعليم وأن ندرك أننا لا نعيش لنتعلم، وإنما نتعلم لنعيش.

أعتقد أن مشاركة التعلم هي من أهم الأساليب التي تجعل التعلم عادة يومية وتجعله بالنسبة إلينا الحياة بذاتها، كما أن لها دورًا هامًا في تثبيت المعلومات وزيادة قدرتنا على التعلم، خاصة عند مناقشة الآخرين فيما تعلمناه والحصول على آراء وأفكار جديدة تجعلنا نرى الأمور بشكل أفضل من المعتاد.

ولكن كيف نجعل التعلم هو الحياة بذاتها بالنسبة لنا؟

التعلم هو الحياة فعلًا والحياة هي المسودة الأولى والأخيرة كما يقول ميلان كونديرا. وفي رأيي إجابة سؤالك ليس في ما يجب للإنسان أن يفعله فكل فعل كما قلت هو تعلم ولكن الإجابة تكمن في كيف ينظر الإنسان إلى هذا الذي يفعله؟ فلجعل الحياة كلها تعلم يجب على الإنسان أن يمتلك نظرة فاحصة وقدرة تحليلية تكمنه من التعامل مع كل المواقف على أنها دروس ودراسة ما فعله ونتائجه وما كان يمكن فعله وخلافه وأيضًا أن يسعى دائمًا لوضع نفسه في تجارب جديدة ومختلفة تفيده وتطور من خبراته وتعرضه لمواقف أكبر فلا ينعزل أو تمر عليه التجارب مرور الكرام بدون أن يقف عندها ويتفحص فيها

التعلم حتما سيكون طوال العمر شئنا أم أبينا، الخبرة التي نكتسبها تعلم، عمل شيء جديد تعلم. لأن التعليم والدراسة ليسا وجهان لعملة واحدة وإنما التعلم أعم وأشمل.