من أكثر المشكلات التي تواجهنا كمتعلمين أيًا كان عمرنا أو مجال تعلمنا أو قدراتنا الفردية هو تذكر المعلومات على المدى طويل بنفس الكم والكيف الذي كنا عليه عندما تعلمنا أول مرة. بالأخص وأننا نتشتت كثيرًا بين أهداف متعددة علينا تحقيقها منها أهداف عملية وشخصية والتزامات ومسؤوليات تفرض على عقلنا إهمال بعض مما تعلمه وخزنه في سبيل استقبال ومعالجة معلومات جديدة، والشائع هو معاودة مراجعة واستذكار ما تعلمناه على فترات زمنية مختلفة لإحياء أثر ما تعلمناه، ولكن حتى هذا قد لا يكون بالكافي أو الفعال دائمًا عندما نحتاج في لحظة ما استخدام مهارة أو معلومة معينة لدينا بشكل عاجل، فما برأيكم الطرق التي تحافظ على أثر التعلم أطول فترة ممكنة؟
كيف نحافظ على أثر التعلم؟
كن بين ما ساعدني لتثبيت المعلومات لأطول فترة ممكنة، بالاضافة الى سرعة استرجاعها في المواقف العاجلة امران:
. المراجعة وفق منحنى النسيان للعقل (المراجعة المتباعدة)
. طريقة الشرح، أي أعيد شرح ماتعلمته بطريقتي وبصياغتي وأسلوبي، إما لشخص آخر.. او لنفسي فقط كتابيا أو كلاميا مع نفسي
هناك طرق كثيرة ولكن بالنسبة لي هذان اكثر طريقتان لاحظت تأثيرهما علي
طريقة الشرح، أي أعيد شرح ماتعلمته بطريقتي وبصياغتي وأسلوبي، إما لشخص آخر.. او لنفسي فقط كتابيا أو كلاميا مع نفسي.
هذه الطريقة أنا أفضلها جدا لأنها تحفز من التعلم العميق، فالإنسان لا يستطيع شرح ما لا يفهمه، ومن ثم فإن محاولة شرح موضوع ما يستلزم من الإنسان التعمق في الفهم والاستيعاب عن طريق طرح الأسئلة بشكل دائم مثل كيف ولماذا وهو ما يحفز من مهارات التفكير النقدي والتحليلي لأن المتعلم هنا سيلعب دور المعلم وبالتالي عليه ألا يخطأ في ذكر أي معلومة وألا يعجز عن إجابة أي سؤال مما يزيد من أثر بقاء التعلم بكل تأكيد.
أحيانا أواجه صعوبة كبيرة في تذكر بعض المعلومات المهمة واستدعائها وقت الحاجة. وبرأيي ذلك يحدث نتيجة كثرة المعلومات والمدخلات، والانشغالات المتعددة التي تشتت عقولنا على مدار اليوم..
فما برأيكم الطرق التي تحافظ على أثر التعلم أطول فترة ممكنة؟
ويوضح كتاب"كيف تعمل الذاكرة" أن هناك ثلاثة عمليات رئيسية لعمل الذاكرة وهي: التشفير، والتخزين، والإسترجاع..
وتعتمد عملية إسترجاع المعلومات من الذاكرة البعيدة، على مدى توفر الأدلة والمحفزات الخارجية، أو عدم وجودها. كذلك التأمل العقلي من أنجح الطرق لتنشيط الذاكرة بعيدة المدى برأيي.
إسترجاع المعلومات من الذاكرة البعيدة، على مدى توفر الأدلة والمحفزات الخارجية، أو عدم وجودها.
لم أفهم كثيرا هذه المعلومة هل يمكنك توضيحها باستفاضة أكثر؟
(الأدلة والمحفزات الخارجية) يقصد بها الأشياء والعوامل المساعدة، التي تعيننا على تذكر بعض المعلومات والأحداث من ذاكرتنا البعيدة. ومن أبرزها المحفزات الحسية..
فمثلا عندما تقترن لدينا الذكرى بصورة، أو رائحة، أو صوت ما، تكن فرص إسترجاعها وتذكرها أكبر كلما تعرضنا لنفس المحفز الحسي، سواء كان صورة أو رائحة أو صوت وهكذا..
المحفز الحسي، سواء كان صورة أو رائحة أو صوت وهكذا..
ذكرتني بمناقشة كنت حضرتها لمجموعة أشخاص كانوا يشتكون من أنه وقت الاختبار يتذكرون رقم صفحة الإجابة ومكانها في الفقرات وفي أي سطر كانت واللون الذي ظللوها به وكافة الحوادث التي وقعت وقت إطلاعهم عليها ككوب الشاي الذي وقع على الورق ولطخ مكان الإجابة ومع ذلك لا يتذكرون الإجابة نفسها! هذه الحالة لامستني بشكل شخصي لأنها أيضا تحدث معي كثيرا ولا أجد لها تفسير أو حل! فما تفسيرك الشخصي؟
قد أختلف قليلًا مع الفكرة التقليدية التي تركز على المراجعة المتقطعة فقط. بالطبع، المراجعة أساسية، ولكن هناك بعض الأساليب الأكثر فعالية التي يمكن أن تعزز استدامة المعرفة بدلًا من القراءة السلبية أو مجرد المراجعة، التفاعل مع المادة من خلال تطبيقها عمليًا هو ما يضمن لك الاحتفاظ بها. مثلا لم أتمكن من تذكر الكثير من المعلومات الأكاديمية إلا عندما قمت بتطبيقها في مشروعات بحثية أو في محاضرات تطبيقة.
أيضا إيجاد صلات بين ما تتعلمه وبين معرفتك السابقة أمر فعال. خصوصا في العديد من الدروس، قد يصعب عليَّ تذكر تفاصيل دقيقة، لكن إذا استطعت ربط المعلومة الجديدة بشيء أعرفه بالفعل، يسهل تذكرها. وهذا ينطبق أيضًا على استخدام تقنيات الذهن مثل الخرائط الذهنية أو الملاحظات التوضيحية التي تساعد في تعزيز الفهم العميق بدلًا من مجرد الحفظ السطحي.
قد أختلف قليلًا مع الفكرة التقليدية التي تركز على المراجعة المتقطعة فقط
أنا أيضا لا أفضلها كثيرا لأنني أجدها طريقة سهلة لكي أعود ذاكرتي على الخمول فأنا دائما ما أسهل عليها تذكر ما غفلت عنه، ولكن بدلا من ذلك أنا أفضل تقنية الاسترجاع النشط، فبدلا من أن أقوم باستذكار المعلومات من الكتب أو من مصادرها أيا كانت أنا أعمل على استرجاعها من ذاكرتي أي أجبر نفسي على التفكير والتذكر حتى وإن كنت لن آتي بكافة المعلومات التي احتاجها أو بنفس الدقة والصحة ولكن يكفيني نقاط بسيطة أساسية عن كل شيء ومن ثم أنا أصحح لنفسي وأكمل ما غفلته بالعودة للمصادر أو بطريقة أخرى يمكن تطبيق تقنية الاسترجاع النشط من خلال الاختبارات فهي ستساعدني على تذكر المعلومات من خلال معرفة حدود الأسئلة ومواضعها وما تريد مني أن أتذكره ومن ثم يمكنني وضع يدي على نقاط القوة عندي ونقاط الضعف فيما تعلمته.
علميا الأسلوب الأول و الأساسي لحفظ المعلومات لفترة أطول هو المراجعة في أوقات متفرقة كما ذكر رفيق فهذا يجعل المعلومات تنتقل من الذاكرة المؤقته الي الذاكرة الدائمة من خلال تكرار تفعيل الوصلات العصبية المتعلقة بهذه المعلومات في المخ.
ازيد علي ذلك أهمية الإعداد الذهني قبل المذاكرة و خلالها. فقبل المذاكرة علينا تحديد مخرجات التعلم التي سنذاكرها الان فهذا يساعد في إعداد العقل لاستقبال المعلومات بشكل منظم.
و ربط المعلومات بمعلومات نعرفها من قبل فيكون علي الأقل 50٪ من المعلومات الجديدة تربطها بمعلومات قديمة أو مواقف أو نعرف تطبيقاتها العلمية أو الحياتية.
و تطبيق تقنية ال Pomo doro في تقسيم مدة المذاكرة الي اجزاء أو focus sessions . مثلا 25 دقيقة مذاكرة و خمس دقائق راحة و كل focus session نحدد بها مخرجات تعلم محددة.
عن تجربتي الشخصية فأفضل تقنية تعلم طبقتها هي أنني اراجع كل يوم ! بمعني إذا سأذاكر اليوم أربع ساعات ساجعل أو ساعة منهم مراجعة علي جزء مما فاتني هذا يزيد من تحصيلي و يساعدني علي حفظ اكبر قدر من المعلومات لفترة أطول.
الحفاظ على أثر التعلم يتطلب منا أن نتعامل مع المعرفة بشكل مستمر وليس فقط من خلال المراجعة العادية. الفكرة هي أن تكون المعلومات جزءًا من حياتنا العملية والتفاعل اليومي، بحيث لا يقتصر الأمر على الحفظ فقط، بل على تطبيق ما تعلمناه بطرق مختلفة. يمكننا أن ننشئ تحديات جديدة لأنفسنا لنختبر مدى استيعابنا ونستخدم التقنيات الحديثة مثل التطبيقات أو البرامج التي تساعد على تحسين استرجاع المعلومات. الجانب الاجتماعي أيضًا مهم، فالنقاش مع الآخرين حول ما تعلمناه يساعد في تقوية الفهم وإبقاء المعرفة حية في أذهاننا ، السؤال هنا كيف يمكننا تحفيز أنفسنا على الاستمرار في تطبيق ما تعلمناه في حياتنا اليومية حتى لا يصبح مجرد معلومات مكدسة في العقل؟
في مسلسل Sherlock Holmes، تحدث عن تقنية Memory Palace لتذكر المعلومات، وهي تعتمد على أربع خطوات رئيسية:
- اختيار قصر أو مكان مألوف.
- تقسيم القصر إلى غرف، حيث تمثل كل غرفة موضوعًا معينًا.
- ربط المعلومات بأشياء داخل القصر، من خلال تخيل المعلومات على شكل صور ذهنية مميزة.
- التجول داخل القصر لاسترجاع المعلومات، حيث يمكنك استذكار كل معلومة بزيارة "مكانها" في القصر العقلي.
من خلال هذه الفكرة، حاولت بناء نظام رقمي منظم في Notion يحاكي طريقة Memory Palace
- تنظيم المعلومات بشكل هرمي (مثل الغُرف في قصر الذاكرة):
- إنشاء صفحات رئيسية لمجالات التعلم المختلفة (مثل البرمجة، اللغة...).
- تقسيم كل صفحة إلى صفحات فرعية للمفاهيم
- في كل صفحة فرعية، يمكن استخدام Toggle للمحتويات التي تحتاج إلى توضيح أو أمثلة مفصلة.
- دعم كل فكرة يتم شرحها بالصور، الفيديوهات، الرسومات البيانية، والملاحظات.
- الربط بين المفاهيم (تشابك الأفكار):
استخدام الروابط الداخلية (Linked Databases) لإنشاء روابط ذهنية بين المعلومات، مما يسهل الانتقال بين المواضيع المختلفة، كما يحدث في قصر الذاكرة.
بهذه الطريقة، أصبح Notion هو قصر الذاكرة الخاص بي، حيث أزوره متى احتجت إلى مراجعة المعلومات أو إضافة أي مفاهيم جديدة، مما يمكنني من تذكرها لفترة أطول.
يمكنني القول إن Notion أصبح بمثابة دماغي الثاني!
التعليقات