النظام التعليمي. لو أتيحت لك فرصة في تغيير شيء واحد به، ماذا سيكون؟

النظام التعليمي كامل يحتاج إلى تغيير، نظامنا التعليمي تقليدي جدًا وأغلبه نظري مما يجعل الطالب يدرس للامتحان فقط ثم ينسى ما درسه كامل، وعندما يخرج الطالب لسوق العمل ينصدم من بعد متطلبات وطريقة العمل عن ما درسه.

إذا كنت سأغير شيء سوف أزيد من التطبيق العملي بشكل كبير بنسبة 80% يكون عملي، الدراسة في المدارس كلها نظرية لدرجة ان حتى حصص النشاطات البدنية تكون بالإسم ولا يعطونها للطلاب وإن أعطوها تكون كأنها استراحة، ويتم التركيز على مجموعة لديهم المهرات والمواهب والآخرين لا يتعلمون شيء.

كما أنهم عندما يطلبون مثلًا مشاريع لا يتم مناقشتها مع الطلاب مما يجعل الطلاب يوكلون تنفيذه إلى غيرهم ويستلموه جاهزًا بدون أي معرفة به، سأحرص على وجود حصص لتنفيذ المشاريع ومنقاقشتها وتجربتها أمام الجميع، كما أن للأمر ميزة في زيادة ثقة الشخص للحديث امام الجميع لان أغلبنا كنا نصل إلى مرحلة العمل ولا نستطيع التحدث امام الفريق أو حتى عمل برزنتيشن بدون ان نرتبك أو نتلعثم ونشعر بالخجل، أرى أن هذا ضروري للتحضير الشخص نفسيًا لتلك الأمور.

هل هو مناسب مع حاجياتها ومتطلبات الحقيقية؟

بداية ، أود أن أشير أن عالمنا العربي لا يعيش كله نفس الحالة من ناحية اقتصاد الشعوب العربية والأوضاع السياسية كذلك التعليم ، فالتعليم في مصر يختلف عن التعليم في قطر يختلف عن التعليم في السعودية وهكذا ، لهذا فأرى أن الاحتياجات والمتطلبات الحقيقية لكل دولة تختلف من دولة لأخرى داخل عالمنا العربي .

هل هو مواكب للتكنولوجيا وما يحدث من تغييرات جذرية على مستويات عدة في مختلف دولنا العربية؟

في مصر على سبيل المثال يوجد نظام STEM ، هو نظام تعليمي يعتمد على تطوير الطلاب في العلوم والرياضيات والتكنولوجيا وغيره ، ولقد تخرجت من ذلك النظام العام الماضي ورأيت أنه يؤهل الطلاب لمواكبة التكنولوجيا الحالية في العالم ، ليست فقط مواكبة التكنولوجيا بل السعي في تطويرها ، لأن النظام يعتمد على البحث العلمي والتعلم الذاتي ، فالطالب يدرس من مصادر مختلفة دون أي تقييد بكتاب ويقوم بتنفيذ مشروع على مدار الترم يطبق فيه ما تعلمه من محتوى ، وبالتالي الطالب يكون لديه مهارات نقدية ويكون قادرًا على التفكير بمنطقية وحل المشكلات والبحث وغيره .

لكن المشكلة أن ذلك النظام يستفيد به عدد محدود من الطلاب ، حوالي ٢٠٠٠ طالب فقط كل عام ، وهي نسبة لا تصل ل١٪ من عدد الطلاب في نفس المرحلة الدراسية في مصر !

إذن ، إذا كان لدي القدرة على تغيير شيء واحد في النظام التعليمي ، فهو محاولة تطبيق مبادئ نظام STEM كما ذكرتها ، لكن بميزانية معقولة وطبيعة تناسب كافة التخصصات ، لأن نظام STEM يسعى لتغيير حقيقي في عقلية الطلاب ، والتغييرات تتمثل في أن الطالب سيسعى حقًا وراء شغفه دون اعتقاد بخرافة كليات القمة وما شابه ، في نفس الوقت الطالب سيجد فرصة حقيقية للتعلم والتطبيق ، والتطبيق ليس فقط مقتصرًا على المهارات التكنولوجية باستخدام الحاسوب ، بل إن الطالب يكتسب مهارات كمهارات التعامل اليدوي مع أدوات الكهربات والتركيب والتفكيك ومهارات العرض والتقديم والدخول في نقاشات وطرح الأفكار وغيرهم .

بالنسبة لي لمست الأمر بشكل واضح أثناء تدريس أبنائي وهذا ما جعلني أعالج هذا القصور من خلال اطلاق شركتي الخاصة وبث مضادات إيجابية تحارب هذه التقليدية في التعليم والرتابة..من خلال إعداد مادة تدريبية تهتم بتعليم الاطفال ريادة الأعمال ومهارات التفكير الإبداعي.

فللأسف المناهج الدراسية لا تقوم إلا بزيادة عدد العاطلين عن العمل، وخلق جيل متعلم ؛ولكنه غير مثقف، وغير محنك ، ولا يملك أي مهارات .

ولذا لو وددت إضافة فارق سيكون تعليم ريادة الاعمال من الصف الأول و تدعيمها بنظريات التفكير الإبداعي والمهارات العامة وفقاً لكل مرحلة.

من الأمثلة أو النماذج التي أرغب في طرحها في هذا السياق ما تنفّذه المنظومة التعليمية في دولة مثل الهند في الوقت الحالي. فقد استطاع النظام الهندي أن يتخذ مجموعة من الإجراءات في مجال التعليم مكّنته من النهوض بالعديد من الكفاءات العلمية في الآونة الأخيرة، والتي انعكست على الاستثمارات الهندسية طويلة الأمد.

ويتمثّل هذا النظام فيما يدعى بـنظام التعليم في العصر الحديث أو Modern-age Education System. تعتمد هذه المنظومة على مجموعة من المعايير. عمادها التعليم عن بُعد، والتركيز على توفير مختلف الأدوات التقنية التي تمكّن الطلّاب من تحقيق أكبر قدر من الإنجاز والتحصيل من خلال التكنولوجيا المعاصرة والأدوات الحديثة للتعلّم عن بعد والتعلّم من خلال الإنترنت. ويعتمد أسلوب هذه المنظومة التعليمية على عدّة محاور ومستهدفات، أهمّها:

• توفير منصات تعليمية رقمية.
• العمل بنظام مسارات المهارات Skill-development Course، لا بنظام المواد أو التحصيل المعلوماتي، وذلك من خلال توفير مسارات مختلف للعمل على صقل المهارات التقنية من أساسها لدى الطلّاب.
• تعزيز استخدام التقنيات المساعدة على التعلّم عن بُعد، وإدخال صناعة التكنولوجيا التعليمية كعنصر أساسي في العملية التعليمية.
• نظام تقييم مختلف، مماثل لأنظمة التقييم المتبّعة في المعاهد العليا المعاصرة، لا التقييم الكلاسيكي القائم على الدرجات.
• اعتماد النظام التعليمي على المتلقّي، لا على المعلّم، وذلك من خلال صقل القدرات البحثية ومهارات العرض والتقديم لدى الطلّاب.

لا يمكن مناقشة الأنظمة العربية ككل، فالوضع يختلف من البلد إلى الآخر، ويختلف حتى داخل البلد الواحد، فنجد لكل منظمة تعليمية سياستها ومبادئها الخاصة بها التي تختلف اختلافا جذريا عن منظمة تعليمية أخرى قد تكون على بعد كيلومترات لا أكثر. وبداية، أود الإشارة إلى أننا كدول عربية، بشكل عام، نحتل مكانة لا بأس بها من حيث جودة التعليم، بل حتى أن قطر على سبيل المثال، احتلت المرتبة الرابعة عالميا على صعيد جودة التعليم، وكذلك أتت الإمارات في المركز العاشر.

فلو كان لدي فرصة للتغيير، سأحرص على تطبيق معيار من المعايير الأهم حاليا لتقييم النظام التعليم، وهو ما يعرف بمهارات القرن الواحد والعشرين التعليمية (21st century skills in education)، وهي تشمل مهارات تنمية التفكير النقدي والقيادة والإبداع والتعاون بالإضافة إلى حسن استعمال التكنولوجيا. فبالطبع كثر من الأنظمة تحرص على إدماج هذه المهارات إلى جانب التعليم الأكاديمي، ولكن ليس الكل. فالهدف ليس فقط حشو التلميذ بمعلومات كما يحصل كثيرا، بل هو تنشئة فرد ذو شخصية مميزة ومتفردة لا تابعة، وهذا ينقصنا في العالم العربي.

هذه مشاكل حقيقية ومنتشرة في أنحاء العالم وهو ما دفع أحد أغنى رجال العالم (إيلون ماسك) لأن لا يدخل أولاده في نظام التعليم الأمريكي وجعلهم ينضمون لمدرسة أنشأها باسم (Ad Astra)..

وأظن أن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم إدخال نظم التفكير والتعامل مع المعلومة فلا نعلمهم كيف يفكرون بشكل منطقي أو إبداعي لا نعلمهم كيف يفكرون بشكل ناقد لا نعلمهم المنطق فتصبح عقولهم مثل الحاويات تحتوي على معلومات لا يعرفون كيف يستفيدون منها..

لذلك إن أتيحت لي الفرصة لتغيير شيء سيكون أن أضيف مادة التفكير المنطقي ومادة المنطق التي تعصم عقولهم من الخطأ عندما يبدأون عملية التفكير...

لن أدّعي بأنني قادر على ابتكار فكرة عظيمة قد تُغيّر المسار التعليمي أو تحسّنه بشكل ملحوظ ولكن لديّ تجربة سيئة مع المدارس فيما مضى وأرى بأنّ إنكلترا وكندا قد تفادوها وقد أغيّر هذا الأمر كأوّل خطوة لي للتغيير وإن كان بسيطاً، تتبنى مجموعة من المدارس في لندن وكندا أسلوبا غير تقليدي لتطوير التعليم، يعتمد على تأجيل موعد بدء الحصص لمدة ساعة على الأقل، اعتقادا منهم بأن حصول الطلاب على قسط كبير من النوم يجعلهم أكثر يقظة واستيعابا لدروسهم. وهذه حقيقة بناءً على تجربتي السابقة في المدارس وتم تنفيذ هذا الأسلوب للمرة الأولى في عام 2009، حيث قامت مدرسة في مقاطعة كنت البريطانية بتأجيل موعد بدء الحصص إلى 11,30 صباحاً، وكانت النتيجة، وفقاً لما قاله مدير المدرسة، أن «دقة مواعيد الحضور تحسنت بشكل كبير، كما تحسن استيعاب الطلاب ودرجاتهم بالاختبارات بشكل لافت».

هذا التغيير برأيي سيُشكّل فارقاً كبيراً بالنسبة لنفسية الطلّاب بغضّ النظر عن مستوى التعليم بحد ذاته.

لو أن لدى فرصة لتغيير شئ واحد فقط فى النظام التعليمى فى عالمنا العربى لأخترت أسلوب التعليم بنظام الألعاب .

هذا الأسلوب ليس كالألعاب التعليمية التى نراها على هواتف أطفالنا لتعليمهم الرياضيات وغيرها من المواد , ولكن هذا النظام أوسع نطاقاً وشمولية منه حيث أنه من الممكن أن يستهدف شريحة كبيرة من المجتمع أو المجتمع بأسره لتعليمه شئ ما وبكفاءة كبيرة , إذا المنظومة التعليمية إذا طبق عليها هذا الأسلوب ستتغير جذرياً.

لكنى ما شرحت لكم ما هو أسلوب التعليم بنظام الألعاب

دعونى أبسطه لكم كمثال فعلى حدث بالفعل , فى إحدى المولات الكبيرة فى أمريكا قامت إحدى شركات القهوة بعمل برنامج تفاعلى لامتصاص غضب الموظفين أثناء عودتهم من العمل ليقف أحدهم أمام الجهاز داخل المول والذى يطلب من الشخص أن يصرخ بأعلى طاقته لإفراغ طاقته السلبية وإذا وصل لمستوى صوت معين يتم إعطائه القهوة مجاناً .

نظام الألعاب فى التعليم يعتمد على نطاقين النطاق الأول هو النطاق الخارجى والذى يعتمد على إثارة فكرنا كشريحة مستهدفة للتعليم سواء لاكتساب خبرة جديدة أو إلغاء عادة سيئة وفى البداية يتم اجتذاب أفكارنا عن طريق التحفيز والمكافأت , ليتحول الأمر بعد ذلك إلى شغف داخلى من الأشخاص أنفسهم للغوص داخل نظام الألعاب التعليمى والحصول على المزيد المكافآت والتحفيز .

هى ليست لعبة بقدر ما هى خطة محكمة متدرجة المراحل لجذب المتعلمين خطوة بخطوة حتى يتبنوا الفكرة بأنفسهم ويعشقوا التعليم .

التعليم باستخدام نظام الألعاب التفاعلى يطبق بالفعل بالخارج ونتائجة مبهرة وإذا طبق فى عالمنا العربى ستتغير طريقة تفكير أطفالنا وتعاملهم مع المجتمع .

لكن الأمر يحتاج إلى تغيير منهجية التدريس حيث أن هذا النظام يتطلب من المنظومة التعليمية أن تتبنى فكر تكنولوجى واسع النطاق مع معرفة بالأساليب التربوية الحديثة .

الأمر ليس بالصعب بقدر ما يتطلب تبنى الفكرة من الطرفين المنظومة التعليمية والإهتمام بالتعايش مع نظام الألعاب التفاعلى من قبل الأطفال وأولياء الأمور وعدم الركون مرة أخرى إلى الدروس الخصوصية التى تثقل أعباء الأسر كلها .

فمع تطبيق النظام التعليمى التفاعلى بالألعاب سيغوص الطالب بفكره فى هذا النظام والذى لا يتبنى فكرة الثواب والعقاب بقدر ما يتبنى إيصال الفكرة بمعنى أنه لكى يحل الطالب اختبار أعمال سنة فقد يعطيه هذا النظام فرصتين على الأقل لتصحيح أخطاؤه .

الأمر ليس مجرد أن المنظومة تريد أن تختبرك لتثبت فشلك من نجاحك من عدمه لكنا ستكون حينها تريد غرس المعلومة بكفاءة فى عقول أولادنا .

سأقسمه إلى 3 أقسام رئيسية: مهني، تجاري، تنموي وسأجعل التدريس 80٪ عملي و10٪ حواري و10٪ نظري.

وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وإسناد المهام لأصحابها هاتين الخطوتين كفيلتين بإخراج المنظومة التعليمية في الوطن العربي برمته من مرحلة الجمود إلى البعث .

إلغاء الفروض المنزلية لمرحلة الروضة والأول والثاني الابتدائي..

إن توجب علي الغاء شئ فسيكون (العقم التعليمي) والعقم يكمن في أن ندرس مناهج لا علاقة لها بسوق العمل، وأن نخرج من الجامعة لسنا متمكنين مما تعلمناه، لا بد من ربط سوق العمل بالتعليم بشكل قوي، بدءاً من المراحل الإعدادية والثانوية وليس الجامعة، أن تكون التخصصات واضحة وضوح الشمس وأن تكون في سن صغير، وأن نلغي فكرة أن (هذه الكلية أو تلك لا فائدة منها). بل يجب أن تكون لها فائدة، لأنه إن لم تكن لها فائدة فلماذا ننهك القوى البشرية في المجتمع بشئ غير مفيد، في حين أنه بالإمكان استغلالها بشكل أمثل يما يتوافق مع ميولها والمصلحة العامة للدولة.

ولمعالجة ذلك العقم، يجب البدء في مراجعة المناهج وطرق التدريس وتغييرها بما يتلائم مع خطط الدولة في التقدم وبما يتناسب مع سوق العمل وما يحتاجه.

دعونا نفترض جدلًا بأن لديك فرصة لتغيير شيء واحد في النظام التعليمي، ماذا سيكون؟ احتاج إجابات مقنعة

أنظمتنا التّعليمية في جل البلدان العربية لا تواكب التكنولوجيا والرّقمنة وذلك لعدّة أسباب نذكر منها

1. عدد المتمدرسين الكبير خاصة في المدن، ما يسبّب اكتظاظ في الأقسام الذي بدوره يؤثر سلبا على التّحصيل بالنسبة للمتمدرس ويؤثر أيضا على المدرّس ويقلّل من جودة تقديمه للدّرس.
2. آثار الحروب والنزاعات الأهلية، كل المنطقة العربية شهدت حروبا أو تشهد الآن على غرار سوريا واليمن...
3. وزراء القطاع منهمكون في السياسة وهم غير ملمّين بالأوضاع المزرية للأقسام من تدفئة وإطعام فكيف يفكّرون في تحسين جودة المناهج و رقمنتها؟
4. عدم محاولة المنطقة العربية في الاستفادة من تجارب التّعليم في الدول المتقدمة، والإبقاء على المناهج القديمة.
5. استحداث مناهج بعشوائية ودون دراسات معمقّة وهنا أتحدث عن قطاع التّعليم في الجزائر بالتّحديد، الاصلاحات التي أقيمت هي إصلاحات تربوية عشوائية تقتل المنظومة وتساهم في فشلها وفشل أجيال كاملة.

المناهج التربوية هي أسس حسّاسة لأنها ستنتج جيل إما يساهم في تطور دولة والسّير بها للأحسن أو لتدمير دولة والسّعي في خرابها .

الأمر في غاية الجديّة والحساسية لذلك لو أتحدث عن ما يجب تغييره سنؤلف كتبا ليس مجرد فتح نقاشات إذن بالمختصر المشكلة ليست في أن مناهجنا تفتقر للتكنولجيا فقط بل هي تفقتقر إلى الأساسيا والدعامات المثلى لبناء جيل سويّ مثقّف يدرك أنه فرد بنّاء في المجتمع.