كان اليوم الأول لي في مهنة التدريس. دخلت على الصف الثالث الابتدائي. كان الصف مليء بالطالبات والطلاب بعمر الثامنة. قدمت نفسي للطلبة وقامت المعلمة المصاحبة لي بتقديم الطلبة لي حتى وصلت إلى طفل يجلس في المقعد الأخير قائلة "دعكِ منه، هذا الطالب لا ينفع لشيء".

غادرت المعلمة الصف، ولكني بقيت أسيرةً لكلماتها التي استغربتها جداً. ترى ما الشيء الذي بدر من هذا الطالب حتى تنعته بالغباء وتلغي وجوده في الصف؟

بدأتُ ممارسة التدريس ولاحظت عدم مشاركته في العملية التعليمية. بالإضافة إلى الفوضى التي يحدثها بين زملائه في الصف. كان هناك داغعٌ في داخلي يزداد مع مرور الأيام لدمج هذا الطالب في العملية التعليمية. قررت أن أدخل في رهانٍ مع نفسي بتغيير مستوى الطالب. بدأت أشركه في الحصة بأسئلة بسيطة للغاية مثل أعد هذه الكلمة وراءي، ومن ثم أقوم بتعزيزه أمام زملائه. طلبت من الطلبة كتابة ما يحبونه على ورقة، و من ثم قرأت اهتماماتهم وبدأت بالبحث عن استراتيجيات تدريس نشطة في ضوء هذه الاهتمامات مثل الألعاب التربوية والأناشيد والأحاجي وغير ذلك. لاحظت تحسن الطالب تدريجياً إلى أن أصبح من أوائل الطلبة الذين يرفعون أيديهم للإجابة بكل همةوسرور وثقة.

كم كانت سعادتي عظيمة بهذا الإنجاز. لو لم أفعل ذلك، لربما أنبت نفسي على تدمير مستقبل هذا الطفل. كيف لشخص ما أياً كان أن يسمح لنفسه تحديد مصير طفل في بداية حياته! ألهذه الدرجة سهل اللعب بحياة الآخرين!

عدم تحصيل الطالب في الاختبار أو عدم مشاركته في الحصة الدراسية لا يعني أن هذا الطفل لا يمتلك ذرة من الذكاء. وفقاً لهوارد جاردنر، هناك أنواع متعددة من الذكاءات مثل الذكاء اللغوي، والذكاء الاحتماعي، والذكاء الرياضي، والذكاء المكاني، والذكاء الموسيقي، والذكاء الداخلي. لذلك يجب على جميع المسؤولين عن العملية التعليمية أخذ هذه الذكاءات بعين الاعتبار واستخدام طرق تدريس مختلفة تحفز كل طالب على المشاركة والتفاعل في البيئة التعليمية.

وأنتم أعزائي، هل مررتم بتجربة مشابهة سواء كطلبة أو كمعلمين؟