أصبح التعليم عن بعد واقعاً لا رجوع للوراء فيه. فحتى بعد أن دخلت أزمة كوفيد مرحلة التعافي استمرّ التدريس عن بعد في كثير من مؤسسات التعليم الأساسي والتعليم العالي. كذلك ظهرت أساليب التعليم المدمج التي تحتوي أجزاء يمكن تنفيذها عن بعد وأجزاء تدرس بشكل وجاهي ضمن المساق الواحد. وقد تلقيت كعضو هيئة تدريس في الجامعة عدة مساقات تدريبية إجبارية لأعضاء هيئة التدريس عن أدوات التدريس عن بعد وأساليب التفاعل مع الطلبة والتقييم عن بعد وكيفية التعامل مع المنصات المختلفة المخصصة لهذه الغايات.

  وخلال سنتين من التدريس عن بعد، استمر فيها التدريس عن بعد بشكل كامل لما يربو على سنة ونصف، خلصتُ إلى أن كثيراً من الطلبة وجدوا في التعليم عن بعد ملاذاً آمناً يعلقون عليه تقصيرهم. فردٌّ من قبيل "أنا لا أفهم المحاضرات التي تعطى عن بعد" رد شائع ومقبول بين الطلبة أنفسهم ومتداول بين أولياء أمور الطلبة وكثير من المدرّسين هم أيضاً مقتنعون به إلى حد كبير. ولكن لي وجهة نظرٍ أخرى بهذا الخصوص. أنا لا أنكر أن الناس تختلف في ما بينها في الطريقة الأمثل بالنسبة لها لتلقي المعلومة وأن التعليم عن طريق النظر إلى شاشة الكمبيوتر وعدم وجود تفاعل إنساني مباشر داخل القاعة وعدم وجود ضوابط زمان ومكان وزي وغير ذلك مما يحكم أجواء الحصة التدريسية، هي كلها أمور قد تنزع من العملية التعليمية هيبتها أمام الطالب وتزيد من تشتته وتصرفه عن الانتباه أو عن أخذ الأمر بجدية. ولكنني وجدت أيضاً -خاصة في ما يتعلق بالتعليم الجامعي- أن الطالب الذي يريد أن يستفيد ويتعلم بجدية لم يكن التعليم عن بعد عائقاً بالنسبة له بل وجد فيه فرصة لزيادة كفاءة العملية التعليمية حيث استفاد من مرونة المكان والزمان، علماً بأن المواد التي درّستُها كانت موادَّ عملية (هندسة معمارية).

 ماذا عنكم، ما هي انطباعاتكم عن عملية التعلم عن بعد. وهل يعود فشلها، حين تفشل، إلى تقصير من المدرّسين في الأغلب أم من الطلبة؟