سميرة بنت عشرينية جميلة جدًا، اجتهدت لتحقق ذاتها فقررت أن تكون متميزة في دراستها وتحصل على شهادات عليا في مجالها. لكنها منذ بدأت تشاهد الناس على السوشيال ميديا، بدأت تشعر أن كل ذلك لا معنى له، صديقاتها اللاتي لم يكملن دراستهن ومع ذلك هن يسافرن، يبتسمن في صور معدلة بالفوتوشوب في مطاعم فاخرة و في شواطئ البحر الغالية، ومنهن من تزوجن وأنجبن، ويتفاخرن بحياتهن الزوجية ، يتحدثن عن اللحظة وعن الاستمتاع بالحياة، بينما هي تقضي لياليها بين الكتب والمراجع، لذلك ستكمل دراستها على مضدد، في الأخير تتخرج كأي خريج أنهى مساره الجامعي ، ولأنها كانت عاشقة للفن التشكيلي، فقد عكفت بعد التخرج على تجهيز معرضها الفني وبدأت في بناء سمعة فنية جيدة، وبدء صيتها يذيع قليلاً قليلاً، بدأت بالسفر وتجريب الحياة هي الأخرى، وبدأت في تجريب المتع التي لم تعرفها يوماً : متعة الانفاق، متعة الحب ، السفر، الحرية،النجاح والشهرة ، في هذه الأثناء تتعرف على رجل وتحبه ويتم الزواج، وتقرر أنها تريد أن تعرض أعمالها على نطاق أوسع، فتفتح قناة على تيك توك وبعض، منصات التواصل الأجتماعي ، وعكس ما توقعت بالضبط، لقد أحبها الناس وتكاثر عليها المعجبون بشكل مجنون، ، وأصبحت مؤثرة وصانعة محتوى ميليونية في وقت وجيز جدا.

رغم هذا النجاح الساحق، وتحقيقها لكل ما كانت تطمح له ، لكنها لم تكن سعيدة، لم تجد الحب بالصورة التي تخيلتها، ولم تجد في الشهرة مأمناً كما كانت تظن، والأسوء من ذلك أن كل نجاح نجحته، كان مجرد هروب من شيء ما داخلها، هي لا تعرفه ولا تفهمه، لذلك، ستقرر سميرة إنهاء حياتها، وبعد يوم جميل قضته مع أصدقاءها ثم بثت مباشر جميل بالساعات مع جمهورها على تيك توك، يستيقض العالم على خبر انتحارها في غرفتها ، إذ تم ايجادها صباح اليوم التالي جثة هامدة في الغرفة .

ربما مأساة سميرة تختصر سؤال الإنسان كله: هل نعيش لنستمتع أم لنفهم سبب وجودنا ومعنى حياتنا؟ سميرة هي كل شخص فينا، كل نجاح نصل إليه يجعلنا نعود الى نقطة الصفر من جديد، كل لذة تترك خلفها عطشًا أكبر، نحن لا نعرف إن كنا نركض نحو الحياة أم نهرب منها، وفي النهاية، لا يعلم الإنسان هل يبحث عن المعنى أم على المتعة؟ لأنه مع كل متعة يحققها يصبح مندفعاً للمتعة الأكبر منها، ومع كل معنى يحاول تحقيقه يجد نفسه أما أسئلة وجودية أثقل تتعبه أكثر فأكثر.