التضارب بين الأب والأم في تربية الأبناء كيف نحلها؟

دور الأم لا يقتصر على الحنان والعطف على الأبناء، بل عليها تقريب وجهات النظر، دور الأم دور كبير في هذه الحالة: يجب على الأم تقريب المسافات بين الأب والابن، بأن تنمي في الابن طاعة الأب والبر به، كما تنمي في الأب عدم التشدد وعدم القسوة.

أعتقد أن الأم هي من بيدها الحل في حالتنا هذه، لأنه واضح بعد المسافة بين الأب والابن، كما واضح استهتار الابن من عدم المذاكرة وحصر دور الأب في الدور المادي، بدون أن يلتفت للحقوق التي عليه كابن، إن لم تكن تجاه والده فتجاه نفسه ومستقبله كذلك.

الأم هي من ستستطيع تقريب الأب والابن، وضبط الابن أن يتحلى بالالتزام، وأن تعطف قلب والده عليه، فبعد كل شيء: سلوك المراهق بالتمرد أحياناً يكون وسيلة لإخبار الوالد أنه بعيد عنه ويجب عليه التقرب له كصديق، لكن تظهر في سلوك المراهق بطريقة عكسية.

المشكلة أعمق من مجرد خلاف على المال أو الحرية، هي للأسف تتعلق بفقدان مفهوم بر الوالدين واحترام دور الأب كقائد وموجه للأسرة. أري الإبن يتعامل مع الدعم المادي كحق مطلق لا يقابله أي التزام عاطفي أو أخلاقي تجاه والده، بينما الأب يستخدم المال كوسيلة للسيطرة وفرض الطاعة، وهذا يخلق فجوة بينهما. تدخل الأم، رغم نواياها الطيبة يعزز التوتر ويفقد الأب سلطته التربوية. غياب التوازن في الأدوار وغياب لغة الحوار بين الأطراف الثلاثة يزيد من تعقيد المشكلة ويحوّلها إلى صراع مستمر

أعتقد الحل فى يد الأب، عليه أن يفصل بين الدعم المادي ودوره التربوي، فالماديات لا يجب أن تكون أداة لفرض الطاعة. وفي المقابل، على الابن أن يدرك مفهوم بر الوالدين والاحترام المتبادل، وأن الدعم المادي من والده ليس حقًا مطلقًا بل جزء من مسؤولية الأبوين المقرونة بالتوجيه والإرشاد. دور الأم هنا حاسم، عليها أن تكون وسيطًا حكيمًا لا طرفًا منحازًا، وأن تدعم سلطة الأب التربوية دون تقويضها بالعطاء الخفي. الحوار الهادئ والمنفتح الذي يتيح لكل طرف التعبير عن وجهة نظره بوضوح واحترام هو المفتاح الأساسي لحل هذه المعضلة، مع وضع قواعد واضحة تُحترم من الجميع وتنظم العلاقة بين الحقوق والواجبات داخل الأسرة.

يجب أن يتنازل الأرب عن دوره قليلاً للأم، يجب أن نسمح للأم بأن تكون الشخص الأساسي في تربية الابن لأنها الأقرب إليه عاطفياً ونفسياً منذ ولادته، يعني دور الأم يمتاز أصلاً بالحنان والصبر وهذين عنصرين أساسيين في بناء شخصية الطفل وتوجيهه بشكل سليم ولذلك برأيي الأم قادرة على فهم احتياجات ابنها العاطفية والنفسية بعمق أكثر وهذا بالضبط ما يجعلها أكثر تناسباً للتعامل مع التحديات اليومية لتربية الطفل من الأب، لإن وظيفة الأب أن يكون دوره داعم ويربّي بالقدوة لا التوجيه المباشر، وهنا حين أركز على دور الأم لا يعني إلغاء دور الأب بل الاعتراف بأن العلاقة الفطرية بين الأم والابن تجعلها الأنسب لتولي مسؤولية التربية بشكل رئيسي أكثر.

مشكلة تمرد الابن ناتجة عن تربية الأبوين, فمن زرع شيئا سيحصده...لو تربى الإبن على الحنان والبر والطاعة والمسؤولية لكان كذلك. أما عندما يكون الزوج متسلطا تحت مسمى الإرشاد, و الزوجة غير مسؤولة تحت مسمى الحنان فمن الطبيعي أن ينشأ الأطفال على التمرد والاستهتار...ولكي نغير سلوك المراهق علينا تغيير سلوك والديه, ولأن هذا شبه مستحيل سيبقى الوضع على ما هو عليه إلى أن يجعل الله لهم فرجا.

أنا شخصيا مازلت مضطربا فيما يتعلق بقضية ربط الإنفاق بالطاعة المطلقة لدى الوالدين. فبصراحة لا أرى أن ربط انقياد الإبن لأوامر أبوه بأن الأب هو من ينفق على الإبن سينتج طاعة حقيقية نابعة عن اقتناع. بل سيحاول الإبن الخروج عن أوامر والده حتى لو كانت صحيحة لأنه يشعر أنه مقيد بها وليس أنها نابعة عن حب الأب لإبنه ورغبته أن يتجنب أي خطأ محتمل. كما أن الابن بمجرد أن يصبح قادرا أن ينفق على ذاته فسيتلقى الوالد أسوأ معاملة من ابنه الذي لم يطع والده غن اقتناع أبدا، بل أطاعه لكي لا ينقطع عنه المصروف فقط

التضارب هذا لا يحدث الا إذا كان تربية أحد طرفين خطأ .

أسلوب الأب خاطئ، لأنه يربط طاعة الابن له بالماديات، المشكلة أن الابن نفسه لن يدرك مفهوم بر الوالدين بذلك. فبدلًا من أن يتعلم قيمة الاحترام الطاعة من خلال الحوار والتوجيه والسبل الأخرى، يتم تحفيزه فقط من خلال المال، وهذا يجعل العلاقة سطحية مع والديه تقوم على المصالح المادية بدلًا من مشاهر الحب والاحترام المتبادل.

أرى أنه عندما يتعلم الابن أن الحب والرعاية ليست مقابلًا ماديًا، بل هي جزء من واجب الأسرة تجاهه، يصبح لديه شعور أعمق بالمسؤولية تجاه عائلته وتجاه نفسه.

هذه المعضلة تعكس توترات معقدة بين أفراد الأسرة، وكل طرف لديه وجهة نظر مشروعة. للتعامل مع هذه المشكلة، من الضروري أن يجلس الأبوان معاً لمناقشة قواعد واضحة ومتفق عليها فيما يتعلق بالسلوك المالي والاجتماعي للابن، مع التركيز على بناء الثقة والاحترام المتبادل. يجب على الأب أن يفهم أن الابن في مرحلة مهمة من النمو يحتاج إلى بعض الاستقلالية، وأن الرفض المطلق قد يدفعه إلى التمرد. من ناحية أخرى، يجب على الابن فهم مسؤولياته وقيمة العمل الجاد والإنجاز الأكاديمي. أما الأم، فعليها أن توازن بين رغبتها في الحماية ودعم قواعد الأسرة. يمكن أن يكون حل الوسط من خلال إعطاء الابن ميزانية شهرية مع مسؤوليات معينة، مثل الالتزام بالدراسة والمساهمة في أعمال المنزل. هذا النهج يساعد في تعزيز الاستقلالية والمسؤولية، وفي الوقت نفسه يحافظ على وحدة الأسرة ويقلل من التوترات بين الأزواج.

مشكلة كثير من الاباء اعتبار الابوة وصاية على الابناء وهذا المنطق المتسلط يفضي في النهاية الى نتيجتين اولهما تمرد الابناء ويمكن ان يكون ذلك عند اول تصادم او بعد استنفاذ الابن لكل حاجياته المادية من الاب والنتيجة الثانية هي كسر كل ارادة لدى الابن من اجل الاستقلال وامتلاك شخصية مسؤولة.