العمل مجرد وسيلة لكسب العيش، لا لتحقيق الذات كما يُروّج إعلامياً

لكنه في بدايته كمفهوم منذ تطور الحضارات لم يقصد به التعبير عن طاقات الإنسان الابداعية، بل استغلال طاقاته الجسدية والعقلية لإنتاج منتجات مادية ومعنوية، وبالتالي يجني الإنسان رزقه من ذلك، ربما تطور الأمر وتفرع كثيرًا بعد ظهور الفن وتحوله لوظائف ودخوله عجلة الرأسمالية وحتى هنا لم ينتصر الإبداع في العمل، بل يتضارب كثيرًا مع تعليقات المدير أو الشركة، نادرة هي الوظائف التي تطغى فيها طاقات الإنسان الإبداعية فقط ويقدر على جني أموال جيدة من وراءها.

أين الابداع في العمل كموظف خدمة عملاء؟ لماذا نريد تحميل الامور أكثر مما تحتمل أحياناً؟ هناك اعمال يجب أن نقوم بها لا تحتاج اي ابداع وجوهرها الكسب وفقط

هناك اعمال لا ينسسجم معها الابداع، مثل عامل النظافة وموظف خدنة العملاء او حرس أمني أو شخص يقوم بتنظيف البيوت أو ناطور بناء، كل هذه أمور كيف يمكن أن يحقق ذاته منها؟ لا يجب أن نتجاوزها

أنا أتفهم وجهة النظر تلك عندما يعمل الإنسان ما لا يحب اضطرار ولعدم وجود خيارات أخرى أو وقوع ظروف ما أعاقت خططه للعمل في مجال ما، لكن ما دون ذلك فمن المفترض أن العمل وسيلة لترك القيمة والاحساس بالقيمة، وشغف يسعد الإنسان بقضاء وقته فيه ويجد فيه ما يراضي فضوله ويفرغ طاقته ويناسب روحه وقدراته، كلها أمور غير مادية على الإطلاق، فلا يمكن بأي حال من الأحوال معاملة" العمل" بشكل عام على أنه وسيلة لتحقيق الماديات فقط وابخاس حقه وقيمته في ذلك.

تماماً في اعتبار أن السعادة وليدة ممارسات حياتنا كلها لا أعمالنا، وأن جزء أعمالنا هو يحدد كم سنوفر من مال لتمويل هذه السعادة التي نعمل عليها ولذلك أهم شق فيه هو الكسب وليس تحقيق الذات ولذلك حتى الجنائن الموعودة بالكتب المفدسة لم يذكر فيها العمل لإن العمل ليس أساس السعادة نهائياً ولا تحقيق الذات، بل الراحة والعلاقات والانشطة الممتعة.