دائما ما كان موضوع توفيق المرأة و الموازنة بين عملها خارج البيت وبين دورها كأم محط نقاشات كبيرة قرئته في بعض المساهمات ، فهناك من يقول أن المرأة يجب أن تكرس حياتها أولا وآخرا لأبنائها لأن دور الأمومة هو أسمى وأهم من أي مهنة أخرى، وأنه حين تتعارض الأمومة مع العمل فالأسبقية تبقى دائما للأمومة بدون نقاش، وهناك من يؤيد خروج المرأة للعمل بغية تحقيق ذاتها وتكليلا لمجهود سنوات من الدراسة والمثابرة

لا أنكر أن ربات البيوت سيتفوقن بشكل طاغ من ناحية كمية الوقت الذي يقضينه مع أبنائهن مقارنة بنظيراتهن العاملات، وهذا عامل مهم جدا ولا يمكن نكرانه، ولكن هل دائما يتفوق الكم على الكيف؟

في نظري أن لكل هاتين الوجهتين المتعارضتين إيجابيات وسلبيات، فربة البيت تمنح لأبنائها وقت رعاية أكبر وتفرغ تام، في حين أن وقت الأم العاملة أقل وتفرغها ضعيف مقارنة بنظيرتها، لكنها متفوقة باستقلاليتها وقدرتها على حماية نفسها وأطفالها، وقادرة على مواجهة عقبات الحياة في حالة حصولها. إن مجتمعنا الآن بحاجة إلى نساء أكثر قوة واستقلالية وقادرات على المواجهة واتخاذ القرارات، إلى نساء قادرات على تحقيق دور الأمومة والمساهمة في صناعة المجتمع أفضل على حد سواء

أظن أن مشكل عمل المرأة هو فقط مشكل مفتعل ونتيجة لتصورات نمطية مفروضة على دور المرأة في الحياة، إذ أن حصر أدوار المرأة فقط في مراعاة شؤون المنزل والزوج والأبناء أو ربط عملها بالعقد النفسية التي يمكن أن تصيب الطفل والفراغ الذي يحس به جراء بعد أمه عنه طوال الوقت ما هي إلا أفكار أوهمنا بها أنفسنا لتبرير فشل مشروع أمومة ما. صحيح أننا دائما نسمع أن المرأة العاملة ترمي بأولادها في الحضانة أو في حضن المربيات في المنزل وبالتالي ينشأ أطفالها بعيدين عنها ومفتقدين لحنانها ووقتها، لكن هذا الشيء ليسا صحيحا دائما، فكم من أم عاملة كرست حياتها وجهدها لعملها وأبنائها وزوجها على حد سواء، وربت وأنشأت خيرة الشبابوالشابات، فهل يا ترى أي فشل حاصل في تحقيق أمومة ناجحة سنربطه بالعمل وحده؟ لا أظن، فالأم الحنونة الناضجة والمعطاءة ستستطيع تحسيس أبنائها بحبها وحنانها في أوقات فراغها وستعرف كيف تجعل المسافة بينها وبين أبنائها أقرب وذلك بالتربية السليمة وبتخصيص الوقت لمشاركتهم أنشطتهم ولو كان الوقت أقل والله اعلم.