العنصرية بتعليقات السوشال الميديا أكثف بكثير من الواقع، بماذا تُفسّر ذلك؟

مجرد رسائلَ مبرمجةٍ ليسوا بشرًا أصلًا

أصبح هذا الأمر وارد جدا مع التقدم الحاصل في الصراعات السياسية، ومنذ بداية العدوان على غزة انتشر كم هائل من التعليقات التي تحرض دول على أخرى، ومنها من يتهم دولة عربية بالتخاذل ويتهم أخرى بالتأمر، وتلك التعاليق تأجج الصراع بين المستخدمين العرب ويدفعهم للتنابز والقاء التهم والشتائم بينهم، وما خفي عن الأعين هو أن مصدر هذه التعليقات المحرضة هو فرقة استخباراتية يستخدمها الاحتلال لزرع الفتنة وتفريق الجمع.

تماماً، إن الأمر على وسائل التواصل الاجتماعي يشبه شريعة الغاب، فالقوي فيها يأكل الضعيف، ويساعد على ذلك أن هناك بعض الأشخاص الذين جعلوا مهمتهم الأساسية تأجيج الصراع بين أطراف بعينها كما ذكرت.

ولكن الأمر على أرض الواقع يختلف كثيراً، فالجل يفقد تلك الجرأة التي يظل يتبجح بها على وسائل التواصل الاجتماعي، وذاك يعلم أن هناك قانوناً يردعه.

من أمنَ العقابَ أساءَ الأدبَ. نعتقدُ أنّنا على وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ غيرُ محاسبينَ

هذه حقيقة، العديد من هؤلاء الأشخاص لو قابلته في الحقيقة سيرتعد ويفكر ألف مرة من قول ما قاله في كومنت أو بوست لأنها مساق في هذا العالم الافتراضي بما يقوله غيره، ولكن المشكله هي أنه هذا هو تأثير الوعي الجمعي بمعنى لو وجد نفس العدد من الناس في الحياة حولة يقولون نفس الشيء أو يقدمون على فعله فسيقول نفس رأيه لأنه محمي بالعقل الجمعي وبالعدد الغفير حوله، فهذه التصرفات ل يمكن فصلها عن شخصية الشخص في الواقع ولكن لأنه في عالم الانترنت يظن كما تقول بأنه لن يحاسب، ولكنه عندما يدرك أو يتم محاسبة أحد ما بسبب هذا السلوك نجد الأشخاص تتراجع.

الجملة الأولى تشفي الغليل فعلاً، هؤلاء البشر أمنوا العقاب ولذلك هم في قلة أدب حرفياً، كل شخص يفرح بما لديه وهو غالباً لا يملك أي شيء وكلها انتصارات وهمية. ولاحظت فعلاً أن بعد الأحداث الأخيرة صار هناك موجة غير طبيعية من هؤلاء الناس، أنا شخصياً لا أومن كثيراً بنظريات المؤامرة ولكن حين أرى كل هذا الكم والتناقض بين أرض الواقع والسوشال ميديا أشعر بأن الأمر له إن بكل تأكيد.

غياب المواجهة الشخصية بين الأطرف

كيف برأيك نعيد تفعيل هذا الإحساس؟ بمعنى كيف يجب أن نعيد للمستخدمين في هذه المنصات حس المسؤولية والخوف من العقاب عن جديد؟ هل يجب أن يكون هذا دور الحكومة مثلاً؟ أم هناك حلول عملية أكثر وأسرع؟

أما عن مواقع التواصل فبالتأكيد الناس بمواقع التواصل تميل للتعبير بكل أريحية عن أفكارها في كل المواضيع بشكل أكبر مقارنة مع الواقع

تجد غالبًا ان من يعبرون بتلك الأريحية لا يظهرون بهوياتهم الحقيقية، ولا تجدهم في الواقع بنفس الشجاعة التي يبدونها على وسائل التواصل، ومعظمهم يميلون إلى نسخ ولصق آراء الآخرين دون فهم، أحيانًا عندما تعرفهم وتقابلهم في الواقع تستغرب هل هما نفس الشخص الذي يكتب بتلك الطريقة، أعتقد ان وجودهم على وسائل التواصل قد يضخم المشاعر نتيجة لاستهلاك كثير من المحتوى عن رأي معين فيتبنون هذا الرأي ولكن بصورة أكثر مبالغة، ألا ترى ان لوسائل التواصل دور في تلك المبالغة؟

أوافقك الرأي ولكن هل تجد في الأمر من الخطورة ما يمكن أن نقلق بشأنه أم أنه ما دام الشخص يتعامل بطريقة مناسبة فلا ضرر ؟ أعلم أنك ذكرت بعض الأمثلة لكن في رأيي هناك نطاق كبير يمكننا الرجوع إليه فمثلًا بعض الناس عنصريون بشكل أكبر على الإنترنت لأنهم مشحونون بأفكار وتوجيهات تتواجد هناك لكن بمجرد نزولهم على أرض الواقع وتعاملهم مع أناس حقيقين وليس فقط أفكار يرونها على الإنترنت ويعتقدون أنها تهدد وجودهم فهم يدركون أن العالم أكبر مما يتصورون ويغيرون من تصرفهم. وهذا جزء من أهمية الانفتاح على الثقافات المختلفة بالطبع

يعني ما تحاول أن تقوله أن هناك إتفصال تام بين نا يكنّه لي في أرض الواقع وبين ما يخرجه لي ويعبّر عنه؟ الغريب أنني قابلت الكثير والكثير من الناس وكلهم كانوا ممتازين بالمعاملة وبمحبة عالية سواء بلبنان او مصر أو الاردن..الخ

بالفعل، هذا ما يحصل مع بعض السوريين في لبنان، قد يتعرضون لتعليقات سيئة من لبنانيين ولكن ما أن يُسمَع هذا التعليق حتى ينهال عليه الكثير من اللبنانيين بالشتائم ويبعدوه ويرفضوا أن يعتبروه منهم، كأن هذا الانفصام بين السوشال ميديا مردّه على أن الإنسان يبدو بالفضاءات الافتراضية لا يجد أن يترك تعليق له وزن، بأنه يخاطب افتراضيين لا أكثر لا علاقة لهم في الواقع.

لا يمكنك اليوم وخاصة اذا كنت تعمل مثلي بصناعة وكتابة المحتوى أن تترك هذه المنصات لإنها مصدر رزق، حتى الأشخاص العاديين الشي لا يتكسبون من هذه المنصات صار من الصعب جداً أن يتركوها لإن فيها كل الناس الذين يحبونهم من العائلة والأصدقاء، وكلهم يعتبرون هذه المنصات صارت وسيلة تواصل تجعلهم فب تخفف من اللقاءات الدورية.

برأيي مسألة اللجان الالكترونية مسألة لا يجب إغفالها نهائياً واستثناءها فعلاً من المشهد الحاصل في العنصرية الذي نراها يومياً على المنصات ولكن ما يجعلني أتجاهلها قليلاً بأنه لو فرضنا أن هناك لجان فعلاً، فهل اللجان ترد على اللجان؟ بالتأكيد لا، ردود الناس على هذه اللجان تكون في غاية العنصرية أيضاً ما يؤكد وجود مشكلة في هذه الزاوية برأيي وليست دخان من دون نار.