في هذه الاسطر من رواية "الحرافيش" ادرك نجيب محفوظ بؤس الانسان : 

«عاشر الزمان وجها لوجه بلا شريك، بلا ملهاة ولا مخدر، واجهه في جموده وتوقفه وثقله، إنه شيء عنيد ثابت كثيف وهو الذي يتحرك في ثناياه كما يتحرك النائم في كابوس. إنه جدار غليظ مرهق متجهم. غير محتمل إذا انفرد بمعزل عن الناس والعمل. كأننا لا نعمل ولا نصادق ولا نحب ولا نلهو إلا فرارا من الزمن. الشكوى من قصره ومروره أرحم من الشكوى من توقفه.»

ولكنه عاد لكي يواسيه على هذا البؤس في" زقاق المداق" :  

“ كيف نضجر وللسماء هذه الزرقة ، وللأرض هذه الخضرة ، وللورد هذا الشذا ، وللقلب هذه القدرة العجيبة على الحب ، وللروح هذه الطاقة اللانهائية على الإيمان. كيف نضجر وفي الدنيا من نحبهم ، ومن نعجب بهم ، ومن يحبوننا ، ومن يعجبون بنا. ” 

وكثيرا ماجذبتني قصيدة "الان ..في المنفى " وبالتحديد هذا المقطع ل محمود درويش : 

فلتحتفلْ مع أَصدقائكَ بانكسار الكأس.

في الستين لن تَجِدَ الغَدَ الباقي

لتحملَهُ على كَتِفِ النشيد..... ويحملَكْ

قُلْ للحياةِ, كما يليقُ بشاعرٍ متمِّرسٍ:

سِيري ببطء كالإناث الواثقات بسحرهنَّ

وكيدهنَّ. لكلِّ واحدةٍ نداءٌ ما خفيٌّ:

هَيْتَ لَكْ/ ما أَجملَكْ!

سيري ببطءٍ, يا حياةُ, لكي أَراك

بِكامل النُقْصَان حولي. كم نسيتُكِ في

خضمِّكِ باحثاً عنِّي وعنكِ. وكُلَّما أدركتُ

سرّاً منك قُلْتِ بقسوةٍ: ما أَجهلَكْ!

قُلْ للغياب: نَقَصْتَني

وأَنا حضرتُ... لأُكْملَكْ!

 وبالرغم من النظر الى هذه القصيدة على أنها من قصائد البكاء على الاطلال والحسرة على ايام الشباب كالقائل " الا ليت الشباب يعود يوما لاخبره بما فعل المشيب " 

الا انه يمكن ان نعتبر ان لها وجها اخر وهو التمسك بالحياة لآخر نفس ، الاصرار على معاندة صعوبتها والرغبة في تذليلها . نعمة الحياة نفسها من اكبر النعم ولكن صراعاتنا فيها انستنا قيمتها وعظمتها.  

ومثلما ماقال درويش أيضا في قصيدة أخرى " على هذه الأرض مايستحق الحياة "