يقولون: المثقف الحقيقي الفاهم حقا هو من يستطيع أن يوصل المعلومة إلى أكبر عدد من الناس. يبدو أن تلك الجملة مكررة ثابتة في أذهان الكثيرين والكثيريات. من هؤلاء أحد معارفي الذي حكى لي كيف هاج وهاج الناس في المسجد وقاموا بإنزال الخطيب من فوق المنبر! طردوه من الخطبة لا لشيء إلا لأنهم لم يفهموا منه شيئا لأنه متقعر يتكلم بما لا يفهمون!

لقد حذروه أكثر من مرة ألا يتحدث بالفصحى وبما لا يفهم الناس من مصطلحات وأن يخاطب الناس على قدر عقولهم غير أنه لم يفعل فهاج المصلوون وطردوه من خطبة الجمعة!! على الرغم مما يبدو من صحة حجة هؤلاء الناس ومقولة المثقف تلك إلا أنها ليست صحيحة. فقد يكون أحدهم من أكبر المثقفين والعيب في المتلقي وليس في المرسل.

قرأت أن الفيلسوف شوبنهاور كتب كتابا ضخما ضمنه معظم فلسفته. كان يمر على المكتبة فيعلم أن أحدا لم يبتاعه. في يوم مر فقيل له لقد بيعت نسخة واحدة. فرح وسأل عن مشتريها فعلم أنه أستاذ في الجامعة. زار الفيلسوف الأستاذ الجامعي وسأله عن رأيه في الكتاب فقال: معقد ولم أفهم منه شيئا! صدم الفيلسوف وقال مقولة شهيرة متسائلا متعجبا: لماذا كلما سمع أحد القراء صوت نهيق تخيل أن هذا صوت الكاتب؟! لماذا لا يكون صوت القارئ نفسه؟!!