قبل عام بالضبط من الآن، انتحر شاب في مقتبل العمل والصحة من الحي الذي أسكن فيه لأسباب لا يعلمها سوى أهله، واليوم تعود طائفة من الشباب المحتجين على ظلم الدولة إلى التنديد بالانتحار العلني من اجل تنفيذ طلباتهم، تسألني أختي الصغيرة ببراءة: هل قرار الموت في حالة كهذه قرار شخصي فعلا، أم هل هو قدر مدفوعون له؟ هل اقدامهم على هذا الفعل يعكس حريتهم في اختيار حياتهم أم هو شكل من اجبار الحياة؟
فلسفيا لا يعد هذا السؤال أسهل من معضلة البيضة والدجاجة، ولم يكن يوما له حل واضح متفق عليه، وليس لذينا سوى تكهنات وحجج تختلف قوتها من مدرسة لأخرى، لكن تميل الأغلبية إلى القول بالحرية النسبية، أو الإرادة الكاملة على الأقل في نواحي معينة من الحياة، يقول هايدغر نحن لسنا احرار في الطريقة التي ولدنا بها، فقد قدف بنا في هذا العالم دون اذن مسبق، لكن لدينا الحرية الكاملة في العيش والموت كما نريد وسيكون الموت هنا غالية الغايات لأنه الإمكانية الأكثر حرية، على أن الحرية في الفلسفة ان لم تكن معطاة فيجب خلقها أي أننا نولد بقدر ونعيش بحرية.
نفسيا وبيولوجيا وحتى سيسيولوجيا الأمر يبدوا محسوم تماما، نحن مجبرون في كل شيء حتى في الأمور التي نعتقد أننا نمارسها بكل إرادتنا، وليس فقط في تلك الأمور الغامضة مثل الحب والعاطفة الإنسانية، بل في جميع الأشياء بما فيها نوع الطعام الذي نختاره على الغذاء.
بين من يعتقدون أننا أحرار تماما وبين من يعتقدون أننا مقيدون أين ترى نفسك؟ وماهي مبارراتك في في اختيار الحتمية أو الحرية؟ ما نسبة الحرية التي يمكن أن يصل إليها البشر في رأيك؟؟
التعليقات