نظرية المؤامرة ما بين الإفراط والتفريط: كيف نقدرها حق قدرها؟!

لو لم تكن هنالك مؤامرة لأخترع الإنسان مؤامرة خاصة بنفسه هكذا يتم التحكم في الوعي الجمعي فكرة المؤامرة تأتي لكي يتم السيطرة على الوعي، وللأسف رغم سذاجة الفكرة إلا أن في تاريخنا المعاصر العديد من السيطرة الفكرية تجاه كل شيء غريب وجديد فتجد في أمريكا على سبيل المثال وليس الحصر بأنهم قاموا بمعاداة السوفيت مرات لا تحصى وكل مرة بحجة شكل مرة بحجة الشيوعية ورة بحجة أنهم يريدون السيطرة على الفضاء وتارة أنهم يريدون السيطرة على قارتهم وهلم جرا، وكذا الأمثلة في وطننا العربي فتارة عدونا هو روسيا وتارة أمريكا وتارة الصين فالأمر كله بسبب القادة والإعلام الذي يبث تلك الأفكار سواء كانت حقيقة أم لا ولكنها تبث للسيطرة على الجموع.

كيف نقدر الأمور هنا حق قدرها؟

بالنسبة لي أحاول دائما القراءة وتقصي الحقيقة أينما وجدت ولا أعيش في دور المظلوم المنكسر ولكني أواجه الحقيقة حتى لو كانت تلك الحقيقة مؤلمة، فضلا عن البكاء على اللبن المسكوب.

كيف نتعامل مع أناس بهذه العقلية؟!

تذكرت هذا الاقتباس وأعتقد أنه بكل بساطة يجعلني أعلم أن تلك العقليلات لا يمكن أن ألومها بقدر ما أشفق عليها.

"الناس ثنائيون من حيث الجوهر، عقلانيون فيما يتعلق بالعالم الطبيعي، لكنهم يتحولون إلى لا عقلانيين تماماً وإلى باطنيين غامضين حين يستديرون نحو طبيعتهم الخاصة." - نعوم تشومسكي

 هل هناك مؤامرة فعلا ؟ كيف نقدر الأمور هنا حق قدرها؟ كيف نتعامل مع أناس بهذه العقلية؟!

حسنًا الانخراط في نظريات المؤامرة بشكل مبالغ فيه، أراه نوع من البارانويا( لا أقصد هنا كون الشخص مريض بارنويا حقيقي) ولكن التعامل بخوف وقلق مع كل شيء حولنا بسبب فكرة الخوف من المستقبل، هو أمر مربك للغاية، فحقيقة ليس ما يؤرقنا هو اللقاح، بل أفكارنا وتخوفاتنا تجاهه هي ما تؤرقنا، فأنا مع وجود نظريات مؤامرة بالتأكيد، ولكن دفع كل ما يحدث في هذا الإتجاه هو ما يجعلنا نتخد مواقف دفاعية دون أي مبرر، يعني كمثال: هل نسبة كبيرة ممن تلقوا جرعات اللقاح، زادت حدة مرضهم بشكل ما؟ لماذا نأخد ما يقوله إيلون ماسك على أنه أمر محتوم؟ وكما ذكرت هو أصلًا يُصنع شريحة للتحكم ببعض وظائف المخ، أعني أن التركيز مع نظريات المؤامرة هو آلية دفاعية فقط من الشخص لخوفه مما قد يحدث في المستقبل.

سؤالي هنا: هل هناك مؤامرة فعلا ؟ 

دعني أقول أن أكبر مؤامرة هي ترك أشخاص جهلاء يتحدثون عن وجود المؤامرة .. فتختفي الحقائق البديهية وسط سطوة أراء الجهلاء والأغبياء

أصل كلمة "مؤامرة" في القاموس اللغوي هو "أَمَرَ". فكلمة "مؤامرة" هي مصدر ميمي لفعل "أَمَرَ" بمعنى "دبَّرَ وخططَ". وتُستخدم كلمة "مؤامرة" للتعبير عن تخطيط مجموعة من الأشخاص لإحداث شيء ما، عادةً ما يكون شيئًا ضارًا أو غير قانوني.

وجاء في المعجم الوسيط:

"المُؤَامَرَةُ: الشِّدَّةُ، وشدَّةُ الشَّرِّ، والمكيدةُ، والمكيدةُ التي يُدبِّرها اثنان فأكثر، والمكيدةُ التي يُدبِّرها اثنان فأكثر لإيذاء شخصٍ أو جماعةٍ أو إفسادِ أمرٍ ما."

ولا يصلح بأي منطق عقلي أن نقول أن أي مؤامرة تتم بشكل علني فلن تجد أي مجموعة تقول لك مثلاً (نحن ندبر لقتلك أو لتدميرك أو أياً ما كان الهدف)

وللتيقن من وجود مؤامرة عليك أن تبحث عن (النتائج الغير منطقية لشيء يبدو رد الفعل عليه منطقي) وبعدم منطقية (ردود فعل جماعية) مثل على سبيل المثال المؤامرة العالمية من أجهزة الإعلام الغربي في عدم نقل حقيقة ما يحدث في (فلسطين) هذا مؤامرة متفق عليها و((ممولة)) هل يمكنك إثباتها بشكل دقيق ... ربما نعم ربما لا ... هذا يحتاج لكثير من الجهد وتجمع بعض الأشخاص لحياكة خطة مضدة .. ويجب أن تكون بالمثل في السر .. ويجب قبلها أن تبحث وتجمع الأدلة والبراهينأليس كذلك للتأكد من إثبات (مؤامرة ما) ... والعالم في وجهة نظري محكوم بمؤامرات كثيرة وكثيرة جداً طوال الوقت وعلى مر العصور .. و وسط كم هائل من المؤامرات يمكن أن تثبت القليل جداً منها .. فقط إذا كنت تبحث عن الحقيقة.

 كيف نقدر الأمور هنا حق قدرها؟ كيف نتعامل مع أناس بهذه العقلية؟!

الإجابة بسيطة أسال دوماً عن مصدر المعلومات وكيف تم بناء وجهة النظر تلك (سيعجز الجهلاء دوماً على تقديم براهين أو حتى فرضيات مقنعة) ، والطريقة الأفضل في وجهة نظري ((إن كنت حقاً مهتم)) أن تقوم [بنفسك] بعملية البحث وتأكد دوماً من صدق المثل القائل (لا يوجد دخان بدون نار)

ولتعرف أشهر المرجعيات في الباحثين في نظريات المؤامرة ستجد كتاب محترمين مثل (عبد الوهاب المسيري) و(عباس محمود العقاد) و (مصطفى محمود) و (صالح مرسي) ... ستجد هناك ما يسرك حول ما يمكن أن تقول عليه حقاً مؤامرة

من الواضح أنّنا جميعنا محاطين بأفراد يؤمنون بشدّة بنظرية المؤامرة بالرغم من عدم وجودها في 90 بالمئة ممّا نعتقد فيه بوجودها. أتعرف أمرًا؟ هي عقدة الشعوب العربية فلم أر غربيًّا يوميًّا يعيش بحسب نظرية المؤامرة ولكنّنا شعوب تميل لحب الدراما وخلق الشيء من اللاشيء وهي نقطة تسجل ضدنا لأنها تعيدنا سنين إلى الخلف ولربما دهور. فعندما نعيش ونعتقد لا بل ونؤمن بنظرية المؤامرة هذا الأمر يجعلنا في حالة دفاعية دائمًا بدون امتلاك مبررات أخرى لنعيش حياتنا بالكامل. وما يعجبني بنا نحن الجيل الشاب أنّنا من المفترض أن نحمل الوعي الكافي لكي نقيّم الأمور ونعطيها وزنها الحقيقي بدون مبالغات لا وجود لها, فالتعليم له دور ومهارات التحليل النقدي لها أيضًا دور آخر. فأنا من خلال تعليمي وقدراتي التحليلية أحقق في المواضيع قبل إصدار أحكام جزافًا كما قد يفعل أي أحد آخر وثمّ بناءً على دراستي للأمر أطلق أحكامي.

وبالنسبة للتعامل مع هذه النوعية من الأفراد فأعاننا الله عليهم لأنهم يحيطوننا في كل زاوية ومكان. ومن واجبنا نحوهم أن نوضح الأمور الملتبسة عليهم ونستخدم بهدف ذلك الأدلة والبراهين.

لا يوجد دليل علمي يدعم وجود مؤامرة حول لقاحات الإنفلونزا أو كورونا أو شريحة الدماغ. هذه مجرد خرافات وادعاءات غير مبررة تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي وتستغل الخوف والجهل لنشر البلبلة والشك.

لقاحات كورونا هي أيضا لقاحات آمنة وفعالة تم اختبارها وترخيصها من قبل الهيئات الصحية المعتمدة. لا يوجد أي دليل على أن اللقاحات تزيد من خطر الإصابة بكورونا أو تسبب أمراض القلب أو تؤثر على الخصوبة أو تحتوي على شرائح متناهية الصغر، مع اني سمعت نفس الأمر مؤخرا ليس من شخص كبير و انما شاب في مقتبل العمر يقول نفس الشيء أن هذه مؤامرة و يوجد من يتحكم بكل شيء في العالم لكن بصراحة لم اصدق.

🔦

من الذكاء تغيير مصطلح المؤامرة لمصطلح المنافسة بهدف تغلب جهة على جهة أخرى! لأن هناك من يريد السيطرة على الجهات المسيطرة على كوكبنا بطرق مختلفة عسكريا و سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و علميا و إعلاميا و طبيا و بالخرافات و الظنون و الشائعات أيضا لذلك ضم المتنافسين بمصطلح واحد أسمه المؤامرة تصرف خاطئ فما يحدث منافسات عشوائية تهدف للسيطرة على كوكب الأرض لذلك لا يوجد في عالمنا أصدقاء و أعداء للأبد هناك مصالح تخلق الأصدقاء و الأعداء بشكل مؤقت.

أظن أن هناك خطط استراتيجية أكثر منها مؤامرات. أما فيما يخص أن نعتقد أن كل ما يحصل اليوم مؤامرة فهو الخطئ بعينه. لكن هناك أشياء يمكن أن تتغير مقاصدها مع الوقت، لذا ينبغي التريث و الحذر أحيانا.