كثير من الأطفال لا يأكلون لحوم الأضاحي لما يرونه من فعل " ذبح “الحيوان الأعجم!! فهم يرثون له ويشفقون عليه فيأبون أن يشاركوا الكبار في تناول لحمه. هذا ما يفعله الأطفال من ذوي الأحاسيس المرهفة غير الناضجة. فهل حكيم وشاعر المعرة احتفظ بتلك المشاعر طيلة حياته؟!

رفض أبى أبو العلاء أن يتناول لحوم الحيوان وعدًها قسوة منا نحن بني الإنسان أن نقتل الحيوان لنسمن على لحمه! هنالك الكثير من النباتيين أمثال شوبنهور وبلوتارخ وغيرهم غير أن دوافع هؤلاء كانت من أجل الصحة العامة لأسباب أخرى منها أن أكل لحوم الحيوان تجعلنا نحن بني البشر نشابه حالات الحيوان فنصير متوحشين بلا عقول تقريباً. لقد رغب أبو العلاء عن لحم الطير والحيوان ورغًب الناس عنها؛ فالحيوان روح تريد أن تعيش كما نريد نحن. لما مرض أبو العلاء، وصف له الأطباء لحم الدجاج فأبى أن يتناوله وقال: استضعفوك فوصفوك؛ هلاً وصفوا شبل الأسد؟!

أمتنع الرجل الرحيم وآثر مرضه إن كانت الصحة في التعدي على روح حيوان. بل إن رحمته امتدت للنهي عن صيد صغار الطير وعن جمع العسل؛ فالرجل يرى أن غيرنا من الحيوان والطير لم يخلق لنا نحن البشر؛ فهو قد خلق لنفسه، ليعيش كما نحن نعيش.

ولا تفجعن الطير وهوي غوافل.... بما وضعت، فالظلم شرُ القبائح

ودع ضرب النحل الذي بكرت له...... كواسب من أزهار نبت فوائح

فما أحرزته كي يكون لغيرها ......ولا جمعته للندى والمنائح

بعيداً عن المنظور الديني، هل تتفقون مع هذه الرؤية العلائية؟ هل نلومه على رحمته بالحيوان والطير أم هو امر يُحمد عليه؟ لماذا لا نكتفي بالنبات وندع كل ذي روح يعيش مثلنا؟!