لماذا من الخطأ أن نكون دائما على صواب!؟

يقول نيتشه: "إن الأفعى التي لا تستطيع أن تغير جلدها لا بُدّ أن تموت، وكذلك العقول التي تُمنَع من تغيير آرائها لا يمكن أن تستمر في التفكير."

يمكن تفسير هذا على أنه دعوة لاحتضان التغيير وتطور معتقدات الفرد وآرائه؛ حيث يعد الانفتاح على الأفكار والخبرات الجديدة أمرًا ضروريًا للنمو الشخصي والتطور. والعكس هو من أشكال الركود العقلي والذي يؤدي إلى نقص الإبداع والحيوية في حياة المرء.

في سياق الشك الذاتي يمكن اعتبار هذا الاقتباس على أنه تذكير بأنه لا بأس من التشكيك في معتقداتنا وآرائنا ومراجعتها. بدلاً من التمسك بالأفكار القديمة أو غير الصحيحة بدافع الشعور بالعناد أو الكبرياء، يجب أن نكون منفتحين على المعلومات الجديدة وعلى استعداد لتغيير آراءنا عند الضرورة. ومن خلال القيام بذلك يمكننا الاستمرار في النمو والتعلم طوال حياتنا.

نعم هذه حقيقة، ارتكاب الأخطاء سمة بشرية لا يمكن أن نغفل عنها، لكن يجب على كل منا التعلم من أخطائه وعدم تكرارها، وأسباب أهمية ارتكاب الأخطاء تشمل التالي:

• تعزز الأخطاء النمو الشخصي لأنها فرصة للتعلم وتغيير طريقة التفكير كما ذكرت، وبذلك يتطور الشخص ليصبح أكثر قوة، ومرونة، وثقة في المستقبل.
• تساعد الأخطاء في الكشف عن القدرات الشخصية بدلاً من وضع الحدود للطاقات والإمكانيات التي يملكها كل منا، مما يزيد من القدرة على الإبداع والإبتكار.
• تجعل الأخطاء الشخص أكثر حذراً في المستقبل لأنه أدرك عواقبها في الماضي، ولذلك سيبحث عن أفضل الخيارات لتجنب الوصول لنفس النتيجة.
• كما يمكن مشاركة هذه الأخطاء على أنها تجارب شخصية والتحدث عنها مع الآخرين لزيادة الوعي والتحذير من النتائج المترتبة عليها، فعلى كل منا الاستفادة من تجارب الآخرين قدر الإمكان.

بدايًة قبل التطرق إلى الموضوع ، لماذا لا نتعرّف على الأسباب التي تجعلنا نرى أنفسنا بأننا على حق دائمًا، وفقًا لرأي الكاتبة كاثرين شولتز ، مؤلفة كتاب انّ هنالك ثلاث أسباب :

• أننا نعتقد بأن الآخرين غير متعلمين أو يفتقرون إلى المعرفة. . لهذا السبب هم مخطئون.
• إنهم ليسوا أذكياء مثلنا. لهذا السبب هم مخطئون.
• أننا نفترض الشر وأنّ الاخرين مخطئون عن قصد - يريدون التسبب في الشر.

أعظم الحكماء يتعمدون خلق ما يوقعهم في الشكوك لكشف ما لم يدرك من زاوية أعتادوا على النظر من خلالها.

هذا ما كان يفعله سقراط ذات مرة شيئًا وقاله مقولته المشهورة آنذاك: أعرف شيئًا واحدًا: أنني لا أعرف شيئًا. ومن هنا نحن بحاجة إلى إلى النظر في وجهات نظر مختلفة وجديدة.

اعود إلى موضوع وأسأل نفسي، كيف نقنع أنفسنا بأننا على خطا، يمكننا أن نحصرها في هذه النقاط:

• تبني الاعتقاد المعاكس على أنه صحيح.
• الاعتياد على تقبل الانتقادات بصدر رحب.
• دعم قرارات لا نتفق عليه.
• احاطة انفسنا بأشخاص لديهم وجهات نظر مختلفة.

صحيح صديقي، لولا الخطأ ما كُنا لنتطور وهذا حاصل مثلًا في العلوم الطبيعية وخاصة عند العالم كارل بوبر ونظريته حول التكذيب falsificationism، كان رافضًا لفكرة أن المعرفة العلمية تتراكم بفعل تأييد الفرضيات أو تحقيقها التي تدور في أذهاننا، بل ذهب إلى القول ان الفرضيات لا تكون حقًا خاضعة للقبول إذا ما كانت لها القابلية للتكذيب بنفس الطريقة! تخيل!

أي أننا حينما نعترف بخطأ ثقتنا المعرفية ونكذبها لن نستطيع مراكمة المعرفة، فالفرضيات يكفي لتكذبيها هو أن تكون قابلة للتكذيب، لكن حينما نبدأ بتأييدها ففي كل مرة يمكن أن يأتي شيء ليؤيدها وتضل كما هي ونحرم أنفسنا من وجهات نظر أخرى.